مصر: أطفال “يعذبون خلف القضبان”
نشر موقع قناة “بي بي سي عربي”، الثلاثاء، تقريراً لمراسلته في القاهرة، عن أحوال الأطفال المعتقلين في السجون المصرية.
وتقول المراسلة، إنه “لم يكن من السهل العثور على طفل تعرض لسوء المعاملة خلف القضبان، يقبل بالحديث إلى الصحافة”.
وتضيف في تقريرها، “بعد جهد ووقت طويل نجحنا في الوصول إلى طفل في الرابعة عشر من العمر، قبض عليه أثناء مظاهر مؤيدة للرئيس السابق محمد مرسي، أواخر العام الماضي”.
وأمضى الطفل عشرة أيام في مركز للشرطة مع بالغين. ورفض أهله الكشف عن اسمه أو مكان سكنه، لكن الصبي أعطى شهادة مفصلة عما تعرض له وشاهده خلال أيام اعتقاله.
ويقول الطفل، إن المشكلة لا تكمن في احتجازه مع بالغين، وذلك مخالف للقانون المصري، وإنما فيما تعرض له من إساءة على حد وصفه.
ويضيف الصغير ذو الجسم النحيل، “أذكر أنني كنت أتعرض للصفع والركل واللكم، لمجرد أنني شاركت في مظاهرة مؤيدة لمرسي. لكن الإهانات اللفظية كانت أشد ما آلمني”، على حد قوله.
ويتابع الطفل، “أعتقد أن أكثر ما بقي في ذهني حتى اللحظة هي الشتائم اللاذعة التي كانت توجه لي ولأمي وإخوتي، فحتى اللحظة عندما أسمع صوت سيارات الشرطة أشعر وكأنهم جاءوا للقبض علي”.
وتؤكد المراسلة، “ترتسم على وجهه علامات الألم والخوف وهو يحدثني بهذه الكلمات”.
وحين سألته إذا كان شاهد أي عمليات تعذيب فيجيب قائلاً: “كان هناك أطفال من عمري يخرجون من الزنزانة ويعودون عليهم آثار تعذيب في صدورهم وظهورهم.. أخبروني أنهم كانوا يجبرون على خلع ملابسهم وكانوا يصعقون بالكهرباء بعد أن يرشوا بالمياه”.
قانون الطفل المصري
وفقاً للقانون، فإنه يحظر احتجاز الأطفال، أي من هم دون الثامنة عشر، مع البالغين، إذ تخصص لهم أماكن احتجاز خاصة تسمى بمؤسسات الرعاية الخاصة بالأحداث.
ويراعى في تنفيذ الاحتجاز تصنيف الأطفال بحسب السن والجنس ونوع الجريمة، كما لا يجوز أن يحال القاصر إلى محكمة الجنايات ولا تصدر بحقه أحكام بالمؤبد أو الإعدام.
ولا يحبس احتياطياً من هم دون سن الخامسة عشر، ويجوز للنيابة العامة إيداعهم إحدى دور الملاحظة مدة لا تزيد على أسبوع، ما لم تأمر المحكمة بمدها وفقاً لقواعد الحبس الاحتياطي المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية.
داخل دور رعاية القاصرين
وتتحدث المراسلة إلى نزيل سابق في دار للرعاية. تعرف الدار بالمؤسسة العقابية في حي المرج شرقي القاهرة، وهي أشهر دار احتجاز للقاصرين في مصر.
اسمه ك.ع ويبلغ من العمر 17 عاماً. أمضى في المؤسسة نحو عام في قضية جنائية.
وقال إن هذه الدار ساحة للعديد من الانتهاكات بحق الأطفال بدءاً من الشتائم والضرب ووصولاً إلى الصعق بالكهرباء والاعتداء الجنسي.
ويقول ك.ع: “الاعتداءات لا تحدث بالضرورة من قبل المشرفين على الدار أو القائمين على حراستها، بل غالباً ما يقترفها نزلاء الدار أنفسهم، إذ يتم تعيين مسؤول عن كل مجموعة من المحتجزين، يتم اختياره من بين النزلاء الأكثر شراسة حتى يهابه الجميع.. ويسمى هذا الشخص بالقيادة، ويكون مفوضاً من قبل القائمين على المؤسسة للتنكيل بزملائه من الأطفال. فهم يكلفونه بالمهمة حتى لا يقوموا بها بأنفسهم تهرباً من المحاسبة“.
حالة مازن
أثارت حالة الطفل مازن انتباه منظمات حقوقية دولية مثل منظمة العفو الدولية التي أصدرت تقريراً في ديسمبر الماضي، انتقدت فيه ظروف احتجازه في أحد مراكز الشرطة في القاهرة.
بعد أيام من صدور التقرير، نقل مازن إلى دار للرعاية حيث لا يزال خاضعاً للحبس الاحتياطي.
وأوضحت والدة مازن لمراسلة “بي بي سي”، أن عدداً كبيراً من قوات الأمن داهمت منزلهم فجراً، في سبتمبر الماضي، وألقت القبض على ولدها، الذي وجهت له فيما بعد تهمة الانضمام إلى جماعة محظورة، في إشارة إلى جماعة الإخوان المسلمين.
لم تتمالك أميمة، والدة مازن، دموعها وهي تحكي عما سمعته من ولدها، عن حياته داخل مركز الشرطة. وقالت: “أخبرني أنهم كانوا يصعقونه بالكهرباء في أعضائه التناسلية.. كانوا يعلقونه في سقف الغرفة ويوسعونه ضرباً حتى ينزف، هذه الانتهاكات ستقضي على صحته النفسية لبقية عمره خاصة الاعتداءات الجنسية“.
وفي ديسمبر الماضي، أصدرت وزارة الداخلية بياناً بشأن حالة مازن، أوضحت فيه أنه تم إحالته للطب الشرعي بناء على طلب من محاميه، بعد أن زعم فريق الدفاع أنه تعرض للاعتداء الجنسي، لكن تقرير الطب الشرعي، وفقاً لبيان الوزارة، أثبت عدم صحة هذه المزاعم على الإطلاق.
شكاوى الحقوقيين
يقول الكثير من النشطاء، إن السلطات في مصر لم تستجب للشكاوى المتكررة بشأن ظروف احتجاز الأطفال المخالفة للقانون.
ويقول مالك عدلي المحامي في حقوق الإنسان: “لا يتم الالتزام بنصوص القانون على الإطلاق عندما يتعلق الأمر باحتجاز القاصرين، فهم يودعون مع البالغين وأحياناً مع مجرمين شديدي الخطورة.. وعندما نشتكي من هذا الأمر يتم تحويلهم إلى ما يسمى بالمؤسسة العقابية، وهي لا تختلف كثيراً في بشاعتها عن باقي السجون المصرية، لكننا نظل ندق ناقوس الخطر بشأن هذه القضية لعل هذه الجهود تثمر يوماً ما“.
ولا توجد أرقام دقيقة بشأن أعداد الأطفال المحتجزين في مصر، لكن حقوقيين يقدرونهم بالمئات على الأقل، في ظل غياب أي بيانات رسمية في هذا الشأن.