لولا الشعب.. قبل وبعد 60 سنة!
لولا الشعب الجزائري قبل 60 سنة لما انتصرت الثورة الجزائرية..
ولولا الشعب الجزائري بعد 60 سنة لما بقيت الجزائر اليوم بعد الذي يحدث بداخلها وحولها وفي كل مكان…
لولا ذلك الاتفاق الجمعي بين أفراد الشعب الجزائري عشية اندلاع الثورة التحريرية المباركة بأن الاستعمار ينبغي أن يرحل لما رحل الاستعمار، لا الوسائل ولا القيادة ولا الظروف التاريخية كانت هي العوامل الفاصلة. القيادة عبّرت بحق عن روح الشعب في لحظة تاريخية محددة وفهمت الظرف التاريخي الذي ينبغي أن تتحرك فيه وانطلقت مما توفر من وسائل ولكنها بقيت دوما مدركة أن هناك بطلا واحدا في الجزائر هو الشعب. لذلك انتصرت الثورة حتى في ظل صراع القادة، ومعارضة بعضهم البعض وأحيانا إلى درجة حمل السلاح غداة الاستقلال. انتصرت لأن الشعب لم ينسَق ضمن طموح البعض أو غضب البعض الآخر وفضل الهدوء والسكينة والثّبات لكي يحافظ على بلده ويمنع سرقة فرحة استعادة الاستقلال منه، وهو ما حدث…
ولولا هذا الاتفاق الجمعي غير المرئي بين الجزائريين بعد 60 سنة بأن يحافظوا على بلدهم ويمنعوها من الانهيار اليوم وغدا، لما بقيت إلى حد الآن واقفة أمام العواصف الهوجاء التي حلت بالعالم العربي والإسلامي… لا القيادة ولا الإمكانات ولا الظرف التاريخي هي العوامل التي مكنتها من ذلك، بل هي مسألة واحدة عبقرية الشعب هي التي فصلت في الأمر مرة أخرى.
يخطئ من يعتقد غير ذلك.
يخطئ من يحلل أنه ذكاء قيادة، أو توفر ظروف، أو مساعدة لحظة دولية راهنة بعيدا عن عبقرية شعب أدرك بحنكته التاريخية بأن عليه أن يحافظ على بلده ويمنعه من الانهيار…
لقد تصارعت ومازالت تتصارع قياداتٌ حول الحكم وبكافة الوسائل، وبقي الشعب رافضا للانسياق وراء طموحات هذا أو أوهام ذاك.. كما فعل بالأمس تماما…
وتمّ ومازال يتم توفير كل الظروف التي تدعو إلى الاضطراب والنزاع إلا أنها بقيت ظروفا ممنوعة من الاشتعال رغم ما يعيشه الناس من ضيق في المعاش وأزمات مفتعلة يريدها الكثير أن تنفجر.
وتم ومازال الكثير يراهن على الأجنبي يحرك مخططاته داخلنا ليُحقق أحلام الأمس واليوم، إلا أنها بقيت جميعها مخططات على الورق قابلة للاحتراق في أيّ لحظة يريد الشعب أن تحترق.
ألسنا اليوم نعيش ذات اللحظة التاريخية التي عشناها قبل 60 سنة؟ ألسنا في حاجة إلى أن نستعيد الوعي بأن حاضرنا ومستقبلنا إنما تصنعه إرادة شعب واثق في رعاية ونصر الله؟ ألا يكفي ذلك ليمنحنا كل الأمل؟