-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

تظاهر القوة التي‮ ‬تصنع‮ “‬الحق‮” ‬

حبيب راشدين
  • 3099
  • 3
تظاهر القوة التي‮ ‬تصنع‮ “‬الحق‮” ‬

لن أضيف الكثير على ما قاله من سبقني‮ ‬إلى التعليق على احتجاج أعوان الأمن،‮ ‬سوى من جهة ما كشفه الحدث من كيل السلطة بمكيالين،‮ ‬حين‮ ‬يتعلق الأمر بما‮ ‬ينصص عليه الدستور من مساواة كاذبة بين المواطنين في‮ ‬التمتع بالحريات،‮ ‬ومنها حرية التعبير،‮ ‬والتظاهر،‮ ‬عند ظهور الحاجة لتعضيد المطالب بوسائل الضغط،‮ ‬ومنها‮: ‬الاحتجاج،‮ ‬والإضراب،‮ ‬والتجمهر،‮ ‬والتظاهر،‮ ‬أي‮ ‬إلى القوة التي‮ ‬تصنع الحق‮. ‬

مبدئيا،‮ ‬لا اعتراض على من تدفعه الحاجة،‮ ‬وانسداد سبل الحوار في‮ ‬وجهه،‮ ‬أن‮ ‬يلجأ إلى الاحتجاج كما فعل أعوان الأمن،‮ ‬وقد تكون جميع مطالبهم مشروعة،‮ ‬وحتى لو لم تكن كذلك في‮ ‬بعض بنودها،‮ ‬فإن‮ “‬موازين القوة‮” ‬التي‮ ‬يصنعها الاحتجاج تحول الحرام إلى حلال،‮ ‬ويصير الممنوع مباحا،‮ ‬والمستحيل ممكنا،‮ ‬وهو ما حصل‮: ‬ساعات قليلة من الاحتجاج،‮ ‬وتجمهر‮ ‬غير مسبوق لنفر من أعوان الأمن بالزى الرسمي‮ ‬أمام الرئاسة،‮ ‬أجبر رئيس الحكومة على استقبال ممثليهم،‮ ‬والتكفل فورا بمطالبهم،‮ ‬بما في‮ ‬ذلك مطلب تشكيل نقابة داخل مؤسسة أمنية‮. ‬

الحدث لم‮ ‬يكن بدعة،‮ ‬فقد سبق إليه أعوان الحرس البلدي،‮ ‬ليطال مؤسسات أمنية،‮ ‬وقطاعات حساسة من موظفي‮ ‬الدولة،‮ ‬لها ذات القدرة على التأثير في‮ ‬قرارات الحكومة،‮ ‬وليّ‮ ‬ذراعها،‮ ‬وحملها على الإذعان،‮ ‬كما قد‮ ‬يمنح الحدث حجة معقولة لكثير من الفعاليات السياسية والنقابية للدفاع عن حق التجمهر والتظاهر في‮ ‬العاصمة،‮ ‬بما في‮ ‬ذلك أمام قصر الرئاسة،‮ ‬دون أن‮ ‬يوجه إليهم أعوان الأمن بالهراوات،‮ ‬وخراطيم المياه،‮ ‬والغازات المسيلة للدموع،‮ ‬والاعتقال‮.‬

ولعله من المفارقات العجيبة أن‮ “‬تحريم التظاهر‮” ‬في‮ ‬العاصمة،‮ ‬وقد تحول إلى قاعدة‮ ‬غير مكتوبة،‮ ‬قد أسقط على‮ ‬يد الجهة التي‮ ‬كان‮ ‬يعول عليها لتعضيده بالقوة الصلبة،‮ ‬ولم نسمع كلمة شجب واحدة من رئيس الحكومة لخروج‮ “‬حماة القانون‮” ‬عن النص،‮ ‬وهدمهم للسد الذي‮ ‬كان‮ ‬يمنع‮ “‬يأجوج ومأجوج‮” ‬من التدفق نحو المرادية‮.‬‭ ‬

لكن دعونا نشر إلى أن الدولة لم تفقد‮ “‬هيبتها‮” ‬بالكامل،‮ ‬فقد وازنت بين المهم والأهم،‮ ‬ورأت أن الأهم هو صرف النظر عن مطلب ترحيل المدير العام للأمن الوطني،‮ ‬مقابل ترضية المحتجين بعلاوات مالية،‮ ‬ما‮ ‬يزال سعر البترول‮ ‬يغطيها ولو إلى حين،‮ ‬ولن‮ ‬يشكل مطلب تكوين نقابة تنازلا كبيرا،‮ ‬ما دامت الدولة قد اكتسبت خبرة كبيرة في‮ ‬اختراق النقابات،‮ ‬وإفسادها بالرشاوى والامتيازات،‮ ‬وتحويلها إلى أدوات لتسيير‮ ”‬القطيع‮” ‬كما هو حال نقابة سيدي‮ ‬سعيد‮.‬

لهذا الاحتجاج فضيلة لا تنكر،‮ ‬فقد منح الغلابة في‮ ‬هذا البلد درسا لن‮ ‬يجدوه في‮ ‬كتب السياسة والاجتماع،‮ ‬وهو‮ “‬أن القانون إنما وجد ليطبق فقط على من ليس له القوة ـ وليس العزيمة ـ على صناعة الحق‮”‬،‮ ‬ولأن أعوان الأمن ـ وهم‮ ‬يؤانسون العلية على مدار الساعة ـ لم‮ ‬يفتهم كيف أنها لا تتردد في‮ ‬القفز على محرمات القانون حين‮ ‬يتعارض القانون مع مصالحها،‮ ‬وأن العلية لا تحتاج إلى تشكيل نقابة،‮ ‬أو تنظيم احتجاج أو تظاهر لتحسين الأجور والمعاشات،‮ ‬وهي‮ ‬فوق ذلك محمية من‮ “‬شغب العوام‮” ‬بعصي‮ ‬أعوان الأمن،‮ ‬الذي‮ ‬لا‮ ‬ينبغي‮ ‬لعاقل من العلية أن‮ ‬يرد لهم طلب‮.‬

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • جزااااحقةاااائررررية

    الله يحمي الجزائر بلدا وشعبا ويهدي حكامها كلهم بدون استثناء,ويهدييييييييييييييييييييييييييييييينا أجمعين.

  • بلوهراني بلوهراني

    لن أضيف الكثير على ما قاله من سبقني‮ ‬إلى التعليق على احتجاج أعوان الأمن،‮ ‬سوى من جهة ما كشفه الحدث من كيل السلطة بمكيالين،‮ ‬حين‮ ‬يتعلق الأمر بما‮ ‬ينصص عليه الدستور من مساواة كاذبة بين المواطنين في‮ ‬التمتع بالحريات،‮ ‬ومنها حرية التعبير،‮ ‬والتظاهر،‮"
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    ( وعندما تضييق الناس ذرعا بهذا الظلم و تقوم لانهائه
    يخرج امثالك لاتهام المستضعفين بانهم ادوات لقوئ خارجية متؤامرة ؟!!)

  • بدون اسم

    Incroyable , ils veulent avoir une paye monsuelle de 70.000 DA pour un simple agent, plusieurs fois j'aperçois des agent qui ne veulent pas travaillé....(pas tous bien sure) si ils recevront 70000 DA , l'ingénieur (bac+5) va avoir 140000 DA , l'officier de police 180000DA, le médecin 200000DA... etc ?!! Bienvenue à la guerre d'Algérie version interne...Mr le président de la république (A.B) ainsi que le gouvernement : votre disions va rendre la confiance de votre peuple , il faut choisir la bon