إسرائيل تقايض رفع الحصار بنزع سلاح المقاومة
كشف عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ووزير العمل السابق “د. أحمد المجدلاني” عن الصعوبات في مفاوضات القاهرة غير المباشرة مع الاحتلال، وتحدث عن نقاط القوة الفلسطينية، وعن صراع المحاور الإقليمية، وإجراءات محاكمة قادة الاحتلال والخشية من ملاحقة قادة المقاومة، والكثير من التفاصيل الهامة
ما هي أهم العقبات في المفاوضات غير المباشرة بين الوفد الفلسطيني والإسرائيلي في القاهرة؟
هناك مجموعة من العقبات الأساسية، منها أن حكومة نتنياهو تريد فرض رؤيتها لوقف إطلاق النار، وهي تريد هدنة مقابل هدنة، يعني أمنا مقابل أمن، وحرية التدخل الإسرائيلي في المناطق الفلسطينية بما يسمى الملاحقة الساخنة كما هو في الضفة، والاحتلال يريد أن تبقى يده طليقة بدون أي ضمانات لوقف العدوان واستخدام القوة والعنف ضد الشعب الفلسطيني.
الأمر الآخر أن هذا الأمر يمكنه التنصل من أي اتفاقيات سابقة، بما فيها اتفاق عام 2012، والأهم هو رفع الحصار عن قطاع غزة، وهو يعتبر بدلا من رفع الحصار سوف يعود إلى الحديث عن تسهيلات عبر المعابر الإسرائيلية وليس رفع الحصار عن القطاع، والأخطر مقايضة إعادة إعمار غزة بسحب سلاح المقاومة والأسلحة الثقيلة كالصواريخ.
والموقف الإسرائيلي يقابله الموقف الفلسطيني المتمسك بمطالبه ووقف العدوان وتثبيت وقف إطلاق النار ووقف الاعتداءات الإسرائيلية على القطاع، ورفع الحصار عن القطاع وفتح كافة المعابر والممر الأمن بين غزة والضفة والإفراج عن الأسرى سواء الدفعة الرابعة أو أسرى صفقة شاليط الذين تم اعتقالهم بالضفة بعد اختفاء المستوطنين الثلاثة في الضفة.
فيما يتصل بموضوع المناطق العازلة والصيد البحري، نحن متمسكون بما تم الاتفاق علية عام 94 من الاتفاق الانتقالي، إننا لا نقبل مناطق عازلة وإن مناطق الصيد البحري 12 ميلا، أما بالنسبة للميناء والمطار هذه قضايا متفق عليها سابقا مع الجانب الإسرائيلي، هناك اتفاق موقع بيننا، نحن لا نريد أن ندفع الثمن مرتين ونحن نصر على تطبيق ما جاء في الاتفاق بشأن الميناء والمعبر، وهي قضية فلسطينية وتقررها الحكومة الفلسطينية مع الجهات المانحة دون أي إشراف دولي على المطار والميناء.
ما هي نقاط القوة لدى الفلسطينيين للضغط على الاحتلال؟
عناصر القوة الفلسطينية متمثلة في مجموعة، أهمها صمود الشعب الفلسطيني في قطاع غزة الذي قدم أبهى صور الصمود والبطولة، وكذلك الوحدة الوطنية التي تجلت بين أبناء شعبنا سواء داخل الوطن أو خارجه أيضا الموقف الفلسطيني الموحد سواء في نطاق تشكيل الوفد أو الاتفاق على المطالب الفلسطينية، يضاف لذلك التغير في الموقف الدولي والإقليمي لمصلحة الشعب الفلسطيني، واعتقاد العالم أن استمرار هذا العدوان يهدد الأمن والاستقرار في المنطقة.
أما العامل الرابع فهو الوضع الداخلي الإسرائيلي، هناك انقسام حاد بين “الكابينت” المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر والمجتمع الإسرائيلي، وكذلك داخل الحكومة الإسرائيلية، وفي كل الحروب التي يخوضها الاحتلال تكون هناك لجان تحقيق وهناك سؤال عن اليوم التالي لما بعد الحرب وماذا تحقق من نتائج الحرب.
الشيء الأساسي المهم الذي أريد أن أقوله، إن عامل قوتنا أن الشعب الفلسطيني لن يستسلم ولم يرفع الراية البيضاء، وهذا أحد مصادر القوة التي تدعم المفاوض الفلسطيني.
هل سيكون ارتداد داخل إسرائيل وتفكك الائتلاف الحكومي الإسرائيلي؟
هذا متوقع، وخاصة في ظل استطلاعات الرأي العام الأخيرة، التي تشير إلى تفوق وزير الاقتصاد ورئيس حزب “البيت اليهودي نفتالي بينتن على نتنياهو والليكود، وتقدم حزب ليبرمان وهذه الأحزاب تنظر إلى مصلحتها ودورها السياسي المستقبلي وهي ترى أن مستقبل نتنياهو قد ضعف، وبالتالي ممكن أن تجد في هذه الحرب ونتائجها لفض التحالف السياسي التي تشكله الحكومة والانقضاض عليه والدعوة لانتخابات مبكرة، وأعتقد أن كل الأحزاب تتحرك وفقا لمصالحها وتقدم كبش فداء في كل معركة مثل معركة 2006 في لبنان راح ضحيتها بيرس وشارون راح ضحية اجتياح بيروت عام 1982، وأعتقد أن هذه الحرب العدوانية لها مفاعيلها في داخل المجتمع الإسرائيلي والائتلاف الحكومي الحالي.
إسرائيل تقول إن مطالب الفلسطيني في القاهرة هي سقف المطالب الفلسطينية كاتفاق سياسي شامل؟
الاتفاق السياسي الشامل الذي تسعى إليه القيادة الفلسطينية هو إنهاء الاحتلال، وهو ما توجهنا به فعلا إلى المجتمع الدولي، سواء بالحماية الدولية أو بدعوة الأطراف الموقعة على اتفاقية جنيف الرابعة، أو من خلال التحركات التي تقوم بها القيادة من أجل عقد مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط ينهي الاحتلال ويقوم على أساس قرارات الشرعية الدولية المتصلة بالقضية الفلسطينية وخاصة قراري 242 و338 الذي يعني انسحاب كافة القوات الإسرائيلية من الأراضي التي احتلت عام67 وفي مقدمتها القدس، هذا هو التحرك السياسي الذي نسعى إليه
وما نقوم به الآن بالقاهرة من مفاوضات غير مباشرة برعاية الأشقاء في مصر هو لوقف العدوان ووقف نزيف الدم وحرب الإبادة ضد شعبنا، والإفراج عن الأسرى وضمان رفع الحصار، والقضايا السياسية الأخرى المتعلقة بإنهاء الاحتلال لها محطة ثانية ومجال آخر وتصور آخر، ونحن لا نريد من هذه الحرب إرجاع الأمور لما كما كانت عليه في 2012 و2009، نحن نريد من هذه الحرب والنتائج التي ترتبت عنها أن نبني عليها نقطة انطلاق لإنهاء الاحتلال وليس من أجل العودة إلى مرحلة ما قبل العدوان.
برز خلال الحرب تجاذب إقليمي تركي ـ قطري مقرب من حماس، فيما تعتبر منظمة التحرير مصر أمينا على القضية الفلسطينية؟
لم يكن سرا أن حركة حماس في إطار تحالف إقليمي مع قطر وتركيا، وهذه الأطراف الثلاثة رفضت المبادرة المصرية، وهذا أمر لم يكن سرا وكان هناك جهد إقليمي ودولي لإيجاد إطار بديل عن المبادرة المصرية، وهذا الإطار عبر عن نفسه في مؤتمر باريس، بالتالي لا نتحدث عن أسرار ولا عن مؤامرة، نحن نتحدث عن سياسة رسمية، لكن إخفاق مؤتمر باريس الذي يشبه إلى حد بعيد مؤتمرات “أصدقاء سوريا” الذي يشرع التدخل الدولي في سوريا والانقسام والحرب الأهلية وورط الشعب السوري في أزمات متتالية، لكن فشل هذا المؤتمر أعاد الكرة مجددا إلى المبادرة المصرية، ونحن عدنا إلى المبادرة المصرية للأسف الشديد بعد ثلاثة أسابيع دفعنا ثمنها كثيرا من الدماء والتضحيات والخسائر المادية والبشرية، وعلى كل الأحوال نحن الآن في وضع مختلف وهذا لا يعني أن الأطراف الإقليمية الأخرى التي لها مصالح لم تستسلم وهي تريد أن تكون طرفا في أي حل وتنتظر أي فرصة مناسبة للتدخل ويكون لها دور في وقف العدوان والتوصل إلى اتفاق.
الشروق: لماذا الخشية من دور قطري ـ تركي، هل سيكون سقفه أقل مما تطرحه مصر؟
نحن لم نر سوى سقف واحد، تكريس الانقسام ورأينا أيضا الرعاية والضمانة والوصاية الأمريكية على الاتفاق، وسأقرأ لك بالنص في الطرح التركي القطري: أن تعمل واشنطن على ضمان تنفيذ هذا الاتفاق وفق جدول زمني محدد والحفاظ على التهدئة ومنع حدوث أي قصور في تطبيق هذا الاتفاق وفي حال وجود أي ملاحظات من قبل أي طرف، يجري الرجوع للولايات المتحددة راعية هذه التفاهمات لمتابعة ذلك”.
إذا المطلوب من هذا الورقة البديلة رعاية وضمانة أمريكية وهذا يعني أنه لا وجود لدور مصري أو لدور القيادة الفلسطينية.
مقاطعة.. تقصد تجريبا للمجرب سابقا والرعاية الأمريكية لعملية السلام على مدار أكثر من 20 عاما؟
بالضبط.
هل سنشهد محاكمة لقادة الاحتلال وهل تخشون محاكمة قادة فصائل المقاومة؟
أولا.. لا رجعة عن المطالبة والجهد المبذول في ملاحقة قادة العدو على كل الجرائم التي ارتكبت ضد الإنسانية والإبادة الجماعية ضد شعبنا، وهذا أمر في غاية الأهمية وعلى الاحتلال أن يدفع ثمن جرائمه.
هناك مساران الآن، المسار الأول هو القرار الذي اتخذه مجلس حقوق الإنسان في جنيف بتشكيل لجنة تحقيق دولية في الجرائم التي ارتكبها الاحتلال، وهذه من شأنها توصياتها وتقريرها الذهاب إلى محكمة الجنيات الدولية.
أما المسار الآخر يتعلق بالشكوى المقدمة عام 2009 والمقدمة مؤخرا عبر وزير العل الفلسطيني ولا صحة إطلاقا للأحاديث والإشاعات المغرضة التي أطلقها البعض أن وزير الخارجية الفلسطيني د. رياض المالكي ذهب لسحب هذه الدعوة.
الأمر الآخر أن هناك عمل مشترك طرحه الرئيس محمود عباس للانضمام لميثاق روما فيما يتعلق بمحكمة الجنايات الدولية، والانضمام لميثاق روما حسب رأي وتوصية العديد من الخبراء الدوليين يعتبر سلاحا ذو حدين من الممكن بالوقت الذي نستطيع ملاحقة قادة العدو بالمقابل ممكن للعدو أن يكون لدية ملفات تستطيع تقديمها باعتبار قيام المقاومة الفلسطينية بجرائم ضد الإنسانية وفي تقرير غولدستون السابق يوجد جزء من المسؤولية تتحملها المقاومة، وأتمنى من الجميع التدقيق في هذا الموضوع، ولذلك طلب الرئيس محمود عباس من الفصائل الفلسطينية التوقيع على مذكرة مشتركة فيما يتعلق بالانضمام لاتفاق روما والجميع وقع باستثناء حركتي حماس والجهاد الإسلامي.
إذن لديهم ـ حماس والجهاد ـ خشية حقيقية من الملاحقة القانونية؟
نحن لم نكن نلعب بالبسكويت مع إسرائيل خلال الحرب، وهذه المبادرة تحتاج اتفاقا وطنيا شاملا عليها حتى لو وقعنا على اتفاق روما وترتب على ذلك تداعيات مستقبلا، حتى لا نتهم من البعض أننا وقعنا على الاتفاق ويقال لنا سلمتنا لمحاكم الجنايات وتسببت في ملاحقتنا، لذلك نريد موقفا مسؤولا من كل القوى، ورغم ذلك إذا لم نسير في هذا المسار القانوني لدينا مساران آخران سرنا فيمهما لملاحقة قادة الاحتلال.