بوتفليقة “يدوّخ” قيادات الأحزاب برسالته إلى الجيش
جزمت غالبية الأطياف السياسية، بأن الرسالة التي وجهها الرئيس بوتفليقة، بعدم التعرض للمؤسسة العسكرية، بتوجيهها لشخص عمار سعداني، الأمين العام للأفلان وإن لم تذكره بالاسم، ووصفت التكهن بالأسباب الكامنة وراءها، وما إن كانت توافقا بين المؤسسة العسكرية والرئاسة حول الرئاسيات المقبلة بالمستحيل، ذلك أن النظام الجزائري غير مفهوم، فيما رفض الحزب العتيد القول بأن الرئيس وجه رسالته لأمينه العام، وهو ما ناقضه الجناح المعارض في الحزب، والذي أكد أنه رد على “التصرف الوقح وغير المتروي” لخليفة بلخادم، فيما نوهت أحزاب الموالاة برسالة بوتفليقة، ودعت إلى تغليب المصلحة العامة.
جاب الله: سياسة النظام لا تخضع لا للقانون ولا للمنطق
اعتبر عبد الله جاب الله، رئيس جبهة العدالة والتنمية، التكهن بالأسباب الكامنة وراء خروج الرئيس بوتفليقة، عن صمته وتوجيه رسالة يطالب فيها بعدم التعرض للمؤسسة العسكرية ضربا من الخيال، وقال في اتصال مع “الشروق” أن النظام الجزائري يصعب التكهن بما يريد، كما أنه يصعب التصور الحسن أو القريب من الصحة أو حتى السيئ بخصوصه، “لأن سياساته لا تخضع لا للمنطق ولا للقانون”، وأشار إلى أنه يحتمل أن يكون الخروج عن الصمت اتفاقا على عهدة رابعة أو على شخص من أولياء المؤسسة ينشط الحملة الانتخابية، ويكون له “شأن عظيم فيما بعد” كما يحتمل العكس، واصفا النظام الجزائري بنظام “الهوى والفرض”، وأضاف أن رسالة الرئيس ومحتواها في الشق القائل “لا يحق لأي أحد مهما علت مسؤولياته أن يتعرض للجيش”، موجهة ومباشرة للشخص الذي تحدث مباشرة وقصد المؤسسة العسكرية، وأضاف أن الرئيس لم يذكره بالاسم غير أن الرسالة كانت واضحة، وأضاف “رب إشارة أبلغ من عبارة”، في إشارة منه إلى الأمين العام للحزب العتيد عمار سعداني.
مقري: رسالة الرئيس جيّدة لكنها متأخرة وغير كافية
أما رئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري، فقد اعتبر الحديث عن وجود توافق بين الجيش والرئاسة أمرا غير معقول، ولا يجوز تناوله أو التفكير فيه، لأنه من المفروض ــ حسب مقري ــ أن المؤسسة العسكرية لا علاقة لها بمن هو رئيس الجمهورية، وأن الرئيس أيضا لا دخل له فيمن يخلفه، وأنه من الأصح أن تقدم الأحزاب برامجها ويختار الشعب مرشحه، وتتكفل المؤسسات بالحفاظ على استقرار البلاد وأمنها، “غير أن الذي يحدث هو أننا أصبحنا نتلكم عما هو غير عادي على أنه عادي”، ووصف مقري في اتصال “الشروق” تصريح الرئيس بالجيّد “غير أنه جاء متـأخرا وما كان له أن يترك الأمور تتعفّن”.
بلعياط: بوتفليقة حذّر سعداني وأمثاله
وقال عبد الرحمان بلعياط، منسّق المكتب السياسي للأفلان أن الرئيس بوتفليقة، كان يقصد شخصا بعينه يعرفه العام والخاص، ويعرفه مناضلو الأفلان وغيرهم، كما تعرفه الطبقة السياسية والمؤسسة العسكرية ــ حسبه ــ، موضحا في اتصال مع “الشروق” أن الرئيس كان يقصد من اعتدى “وبوقاحة وبدون ترو، وبكل مجازفة على مقدسات المؤسسات الوطنية ومنها المؤسسة العسكرية”، وأشار إلى أنه لا حاجة لأي توضيح آخر، وأن الرئيس من خلال الرسالة عبّر عن استنكاره وتنديده بممارسات هذا الشخص ــ يقصد عمار سعداني الذي لم يذكره بالاسم ــ.
بوحجة: بوتفليقة لم يقصد سعداني
وإن كان بلعياط، قد جزم بأن الرئيس قصد في رسالته سعداني، فإن السعيد بوحجة، القيادي في الأفلان والناطق باسم الحزب، يعتقد العكس لأن الرسالة ـ حسبه ـ هي “دعوة للانضباط” موجهة لجميع أطياف الطبقة السياسية، لعدم إقحام الجيش في مسائل تخرج عن أهدافه الدستورية المحددة دستوريا، وأن الهدف منها هو الدعوة إلى تحييد الجيش وطمأنة الشعب بأن المؤسسة العسكرية ستبقى دائما محافظة على مهامها المنوطة بها دستوريا، وهي الدفاع عن الوطن والدستور والحدود.
تاج يدعو مرشحي الرئاسيات للابتعاد عن زرع الفتن
كما أصدر حزب تجمع أمل الجزائر، بيانا بالمناسبة نوه فيه و”ثمّن عاليا” ما جاء في الرسالة “القوية والحكيمة” للرئيس بوتفليقة، إزاء الوضع الحالي وما شابه من بعض التصريحات والتراشقات أفرزت أجواء مشحونة تعكّر محطة الرئاسيات القادمة، معتبرا أن وحدة الجيش الوطني الشعبي وكافة مؤسسات الدولة صمام الأمان، والضمانة الأساسية لتعزيز أمن واستقرار البلاد، حاثا الأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية، المترشحين، المجتمع المدني، وأسرة الإعلام على تغليب مصلحة الوطن وتجنّب الفتن.
حزب العمال يجتمع ليحدد موقفه
رفض المكلف بالإعلام بحزب العمال، جلول جودي، تقديم أي تصريح بخصوص رسالة التعزية التي وجهها الرئيس للجيش، وما تضمنته من إشارات لتحييد المؤسسة العسكرية وعدم التعرض لها، وقال في اتصال مع “الشروق” أن المكتب السياسي للحزب سيجتمع اليوم ليحدد موقفه منها.
الأرندي: الرئيس قصد تحييد المؤسسة العسكرية
ثمّن الأرندي رسالة الرئيس بوتفليقة، في شقها المتعلق بعدم التعرض للمؤسسة العسكرية، وأوضحت الناطقة باسم الحزب، نوارة سعدية جعفر، في اتصال مع “الشروق” أن الحزب “يقدّر عاليا” مضمون الرسالة لأنها تعبّر عن غيرة الجزائريين على استقرار المؤسسات الدستورية للدولة، وفي مقدمتها المؤسسة العسكرية “التي هي محل اعتزاز كل الشعب”، مضيفة بأن الرئيس وبصفته وزير الدفاع، القائد الأعلى للقوات المسلحة حرص على إبعاد المؤسسة العسكرية عن الجدال، واعتبرت أن الرئيس حر في اختيار الوقت الذي يصدر خلاله التصريحات، مشيرة في ردها على سؤال تعلق بما إذا كان الأمر يتعلق بحدوث توافق بين الرئاسة والجيش، “لست في موقع يسمح لي بتحديد من يقصد من الرسالة لأنها مفهومة، وتعني أن هناك خطا أحمر لا يجب أن تتجاوزه الطبقة السياسية”.
النهضة: السلطة هي من شوهت المؤسسة العسكرية
قال الأمين العام لحركة “النهضة” محمد ذويبي، في رده على سؤال تعلق بقراءته لخطاب رئيس الجمهورية حول مؤسسة الجيش، أن مبدأ النهضة هو انتقاد السياسيات دون التجريح في الأشخاص والهيئات، وأن النهضة طالبت من قبل منذ عهد السرية بضرورة إبعاد المؤسسة العسكرية عن الاستغلال السياسي، وتفرغ المؤسسة العسكرية للمهام الدستورية، وأن تكون مؤسسة الشعب الجزائري بكل مكوناته وليس مؤسسة لأشخاص.