-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

تماطل صاحب القرار يؤدي إلى أعمال العنف

عابد شارف
  • 4464
  • 3
تماطل صاحب القرار يؤدي إلى أعمال العنف

إذا امتنع صاحب القرار عن اتخاذ القرار، فإنه يدفع إلى المواجهة والعنف. وبدل أن يأتي صاحب القرار بحل لمشاكل الناس، يتحول هو نفسه إلى مشكل.

قبل أسبوعين، تجمع الآلاف من أعضاء الحرس البلدي، وحاولوا تنظيم مسيرة من البليدة إلى الجزائر العاصمة، فجاءت قوات الدرك الوطني وسدت أمامهم الطريق قبل مدخل مدينة بوفاريك، ومنعتهم من الوصول إلى العاصمة. وجندت قوات الدرك الوطني وحدات هائلة للعملية، مما أدى إلى غلق الطريق السيار الرابط بين وهران والجزائر لساعات طويلة. وسادت فوضى عارمة في المنطقة بسبب شل حركة المرور، وانتشرت الفوضى إلى كل سهل متيجة المتوسط، من شفة إلى القليعة إلى مفتاح، مرورا بالبليدة وبوفاريك وغيرها.

ولم يفهم القادمون من الغرب ومن من الجنوب عن طريق المدية، لم يفهموا ما يحدث، واضطروا إلى البقاء ساعات طويلة ينتظرون فتح الطريق. والتقينا مواطنا كان متوجها إلى ثنية الحد بولاية تيسمسيلت، فاضطر إلى العودة إلى العاصمة بعد حوالى ثلاث ساعات قضاها قرب بوفاريك ينتظر الفرج. وأدت الفوضى إلى غلق الطريق المؤدي إلى المطار العسكري الموجود قرب مدينة بوفاريك.

وبعد منعهم من الاتجاه إلى العاصمة، قرر أعضاء الحرس البلدي البقاء في عين المكان، على حافة الطريق، لتنظيم تجمع دائم من أجل اطلاع المواطنين بقضيتهم. وفعلا، يمكن لمن يمر بالطريق بين البليدة وبوفاريك أن يرى تلك اللافتات التي تشيد بالحرية والكرامة وبعظمة الجزائر، وتمجد مشاركة الحرس البلدي في محاربة الإرهاب وتضحياتهم خلال العشرية الماضية. ويحاول أعضاء الحرس البلدي مواصلة الاحتجاج رغم أن عزيمة منظمي المسيرة بدأت تتزعزع، خاصة بعد أن أبدت الحكومة إرادة قوية في التصدي لهم ومنعهم من دخول العاصمة التي وصلوا إليها في مسيرة سابقة.

إن اتخاذ القرار يفترض أن صاحبه يعمل طبقا لمشروع سياسي واضح، وأن له أهدافا مسطرة، وخطة عمل، واستراتيجية، وأن له الشرعية الضرورية ليتخذ القرار ويطبقه ويدافععنه ويفرضه

وفي نفس اليوم، تم قطع الطريق بمدينة خميس مليانة، في ولاية عين الدفلى، من طرف مواطنين قالوا إنهم يحتجون ضد قوائم المستفيدين من السكن اعتبروها غير عادلة. وتجمع عدد منهم في الناحية الجنوبية للمدينة بضواحي محطة الحافلات، وأضرموا النيران في العجلات المطاطية، وأقاموا المتاريس، في عملية أصحبت روتينية عند الجزائريين.

وقالت تقارير صحفية ذلك اليوم إن هناك ما يقارب 60.000 سكن جاهز لم يتم توزيعها بسبب تخوف السلطات المحلية من أعمال الشغب. وأضافت نفس التقارير ان وزارة الداخلية طلبت من 18 ولاية تفسيرات حول التأخر في عملية توزيع السكن، بعد أن كانت الوزارة قد أعطت توصيات بتوزيعها عشية الاحتفال بالذكرى الخمسين للاستقلال.

وفي ملف السكن مثل ملف الحرس البلدي، نلاحظ أن تماطل السلطة والإدارة، وتأخرها في اتخاذ القرار وفي تطبيقه، كان سببا أساسيا في اندلاع عمليات الاحتجاج. وإذا تكلمنا عن الحرس البلدي، فالملف مطروح منذ مدة طويلة، ولا بد من الفصل فيه بطريقة نهائية، بتلبية ما هو مشروع في قائمة المطالب، ورفض الباقي، والتفاوض حول ما هو ممكن، خاصة أن الحرس البلدي قد شارك بصفة فعالة في الحفاظ على مؤسسات الدولة في فترة صعبة، حيث أشارت وزارة الداخلية إلى أن 1.015 عضوا من الحرس البلدي اغتالهم الإرهاب. وبدل اتخاذ القرارت الضرورية في الوقت المناسب مالفصل في القضايا لإنهاء الملف، تصرفت الحكومة بطريقة أدت إلى مواجهة بين الحرس البلدي وقوات الأمن، ثم بين الحرس البلدي والدرك الوطني، مع أن هذه التنظيمات مازالت في صف واحد في مواجهة الإرهاب…

لماذا لم يتم اتخاذ القرارات الضرورية؟ لأن اتخاذ القرار يفترض أن صاحبه يعرف كيف يتصرف، وأنه يعمل طبقا لمشروع سياسي واضح، وأن له أهدافا مسطرة، وخطة عمل، واستراتيجية، وأن له الشرعية الضرورية ليتخذ القرار ويطبقه ويدافع عنه ويفرضه إذا اقتضى الأمر. وهذا بالضبط ما غاب عند الحكومة الجزائرية التي لا يعرف رئيسها هل أنه سيبقى على رأس الحكومة إلى يوم الغد أم لا

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • بدون اسم

    الجزائر مخدوعة منذ 1962 فلم يوضع القطار على السكة الحديدية التي يتطلبها العدل الالاهيي والشرع القانوني فقد انتصر اهل السوء على اهل الحق والعدل والعلم والمعرفة وراحوا يسيرون البلد الى عالم مجهول فلا ثورة ثقافية نجحت ولا ز اعة ازدهرت ولا صناعة نمت ولا استراتيجية انتهجت بل كل ما في الامر عبارة ترقيع واعطاء مهدئات لمطالب هذا الشباب الطموح فيا ساتر واحفظ بلدنا من السير نحو المجهول لان الباطل قد عم والحياة اصبحت لاتطاق

  • بوبكر بن الحاج علي

    ما بني على باطل فهو باطل.
    ملف السكنات، ملف الحرس البلدي، الإنتخابات، تنصيب الحكومة.....
    لو كانت الأمور تسير وفق منطق و أهداف و سايسة كما قلتم، لما أصبحنى في الدرك الأسفل من التسيير و الاحتجاجات اليومية و ......
    لكن إذا أسند الأمر إلى غير أهله فانتظر المشاكل قبل وقوع الساعة.

  • هذه البلاد

    هؤلاء الحكام لا يشجعون في شيئ و لا يريدون اصلاح هذه البلاد
    و كل هذه الملفات المسكوت عنها هي دليل على ضعف المستوى في التسير بسبب الخيانة و السرقة و الرشوة على حساب الجزائرين الابرياء الذين دفعو الثمن غالي و مزالو يدفعون الثمن بسبب الحكام و المسيرين لمصلحة استراتجيتهم التي لا تخدم حقوق الشعب و لا الوطنية كما هو من المفروض عليهم ان لا يستهينو بالامانة التي هي بين ايديهم تحتى مسؤوليتهم
    في الحفاض عليها / و الحفاض على اي بلاد يجب ان يكون بالمحافضة على ابنائه الاصليين و ليس تحطيمهم
    بسياسة التقشف