متهم يلصق جريمته بكلب وآخر يبرّر السرقة بإصابته بالإسهال
يقسمون بأغلظ الأيمان… يبكون…. يتوسلون.. ويؤلفون القصص ويدّعون الجنون…بل ويتعجبون من سبب تواجدهم بالسجون..!! انهم متهمون يتقمصون جميع الأدوار داخل جلسة المحاكمة لإقناع القضاة ببراءتهم، لدرجة أنهم لا يتحرجون من الإتيان بقصص غريبة وغير منطقية وأخرى طريفة للتهرب من العقاب. فتكون تصريحاتهم بالمحاكمة أقرب الى الطرافة بدل الإقناع.
يتقمص المتهمون من يوم إلقاء القبض عليهم إلى غاية صدور الحكم ضدهم أدوارا مختلفة، فمن دور الشخص الصريح المعترف بجريمته ساعة إلقاء القبض، الى الإنسان المتردد الذي يخفي حقائق ويعترف بأخرى عند قضاة التحقيق، وينتهي المطاف عند شخص بريء ومظلوم مستغرب للجريمة التي -أُلصقت به- في جلسة محاكمته. وتقمص الدور الأخير يتطلب مجهودا إضافيا من السجين، يبدأه “بجلسات تكوين” داخل الزنزانة على يد مساجين برتبة محامين متعودين على الإجرام ويتقنون فنون الإنكار، والذين اكتسبوا معرفة قانونية من كثرة امتثالهم أمام المحاكم، وهؤلاء وظيفتهم تلقين النزلاء الجدد قواعد الإنكار والتملص من الجريمة واستعطاف القضاة. وحتى بعض المحامين لهم دور في تأليف القصص الوهمية، التي يرددها موكلوهم في المحاكمة. لكن كثيرا من المتهمين ومن شدة إصرارهم على الإنكار يضعون أنفسهم في مواقف طريفة .
متهمون يدّعون تعرضهم للضرب والاغتصاب من طرف الشرطة
رجال الشرطة من أكبر ضحايا المتهمين، وهم المشجب الذي تعلق عليه الجرائم، ففي جلسة المحاكمة يبرر المتهمون اعترافاتهم بضغط وتعذيب الشرطة لهم، بل ويلصقون أحيانا الجريمة كاملة برجل الأمن!! ومن التصريحات التي اعتاد عليها القضاة “رجال الشرطة هم من كتب الاعترافات وأمضوا عليها، هم من وضعوا المخدرات بجيب سروالي… وهم من وضعوا الهاتف المسروق في يدي… ضربوا الضحية وألصقوا بي التهمة” والإرهابيون المسلحون المقبوض عليهم في اشتباكات مسلحة يقولون “انا سلمت نفسي للشرطة وهم من لفقوا لي التهم… السلاح المحجوز ليس لي بل ملك لهم…” ومثال ذلك سيدة من العاصمة وبعدما نكّلت بحماتها العجوز وقتلتها ببشاعة، وبعدما اعترفت بجريمتها للشرطة، أنكرت الأمر بالمحاكمة، وادعت أنها تعرضت للاغتصاب من رجال الأمن حتى تعترف!! رغم أنها حامل في الأشهر الأخيرة. تصريحات كهذه تستفز القضاة وتجعلهم يعقبون مستغربين، بعدما ينفي المتهم وجود مشاكل سابقة بينه وبين الشرطة “وهل رجال الشرطة أعداء للوطن، أنهم أبناء الشعب…”
ولكثرة الاتهامات الموجهة لرجال الأمن جعل المشرع الجزائري من المحاضر التي تعدها الشرطة عند استجواب المتهمين، تؤخذ في المحكمة على سبيل الاستدلال فقط، بمعنى لا يستند عليها قاضي الجلسة كلية، فيما أعطى المشرع أهمية للاعترافات المسموعة عند قاضي التحقيق، على اعتبار أن الأخير يمنح المتهم مطلق الحرية، فيستقبله منفردا أو رفقة محام، ويوفر له جوا من الطمأنينة، ومع ذلك لا يتوان المتهمون أثناء محاكماتهم بالطعن في محاضر قضاة التحقيق، فيقولون “اعترفت عند قاضي التحقيق لأن شرطيا كان بمكتبه وهددني بالعذاب، أو قاضي التحقيق هو من اخترع تلك الاعترافات..“
ضرب بسكين وألصق التهمة “بكلب”
ومتهمون يسردون على مسامع قضاة المحاكم قصصا غريبة وطريفة فقط للحصول على البراءة، منهم متهم من حي المدنية بالعاصمة، بعد شجار مع صديقه طعنه بسكين على مستوى الظهر، وبإحالة المتهم على جنايات العاصمة تمسك برواية “كلبي هو الفاعل” وهو ما فاجأ القاضي وجعله يتساءل ان كان بإمكان الكلب حمل سكين!! وحتى دفاع المتهم رافع لموكله طالبا له البراءة على أساس أن “الكلب هو المتهم”.
وشاب تشاجر مع زوجته بسبب تلقيه مكالمة هاتفية من امرأة، ولأنه دفع زوجته فارقت الحياة بعد ارتطام رأسها بحافة السرير، شعر الشاب بخوف شديد فترك جثة زوجته 3 أيام كاملة بالشقة، وبعد تسليم نفسه للشرطة واعترافه بتفاصيل جريمته، أنكر الأمر في جلسة محاكمته وصرح “شخص غريب دخل الشقة وقام بتخديري لثلاثة ايام كاملة وقتل زوجتي وغادر” وعندما سأله القاضي عن اعترافاته السابقة قال “أدليت بها تحت تأثير المخدر”.
ومتهم من العاصمة قصد المستشفى للعلاج، وبمجرد دخوله مكتب الطبيبة استغل غفلتها وسرق هاتفها النقال، وبإلقاء القبض عليه أقسم أنه شاهد امرأة ترتدي حجابا أسود وهي تسرق الهاتف، وبعد برهة تراجع “أنا أخذت الهاتف لأنني ظننته هاتفي”، وسارق كان يخطط للسطو على مكاتب مدرسة، فتسلق جدارها ليلا، لكن ألقي عليه القبض فوق السور وعُرض على محكمة الحراش، وليتنصل من فعلته صرح “أصابني اسهال حاد فتسلقت الجدار للذهاب الى المرحاض” ليرد القاضي “وهل ينتظرك الإسهال حتى تتسلق السور العالي وتدخل المرحاض” رغم أن المكان مظلم وبإمكانه قضاء حاجته بالخلاء.
ورجل اتهمته زوجته بالإهمال العائلي، وليتهرب من التهمة قال “زوجتي هي من تهملني لدرجة أن كلبها الألماني ينام بسرير غرفتي”.
أحرق منزل جدته وبرر الأمر بحبه التمتع بألسنة اللهب؟؟
مواطن من عنابة نزل بمطار هواري بومدين، وهناك أدى الصلاة تاركا حقيبته جنبا، ليتفاجأ بغيابها بعد انتهائه من الصلاة، فأخبر مصالح الأمن التي طوقت المكان، وألقت القبض على شاب متعود على السرقة يهم بالمغادرة بسيارته وداخلها الحقيبة، ليصرح أثناء محاكمته “لا أعلم كيف دخلت الحقيبة الى سيارتي”.
أما شاب فاستغل غياب جاره وسرق أغراضا من منزله (تلفاز، طباخة، سكاكين، قارورات غاز، مجفف شعر…) وخبأهم في شقته، وأثناء محاكمته قال “كنت مارا ليلا بقرب منزله فوجدت الأثاث في الشارع، حملته ورتبته في شقتي” ليرد عليه القاضي “ليلة القدر طاحت عليك“.
ومتهم تمكن من فتح الأغلال الحديدية عندما قيدته الشرطة وهرب من مقر الأمن، لما سأله القاضي عن طريقة فتحه الأغلال أجاب “وضعت يدي على خدي حزنا على حالتي، بعدما تذكرت بأن اليوم هو عرس شقيقتي، فانفتحت الأغلال لوحدها“.
وآخر سرق سيارة رفقة صديقته، فالفتاة تستدرج الضحايا وهو يعتدي عليهم، دافع عن نفسه “أنا بريئ فحبي لصديقتي جعلني لا أرفض لها طلبا حتى لو طلبت مني السرقة”.
وأغرب التصريحات كانت لشاب أحرق منزل جدته بالكامل بعد شجار بينهما، وبرر جريمته بـ”أشعلتُ الجرائد للتمتع بألسنة اللهب واختبار مدى تحملي رائحة الدخان” فكلّفه التمتع 10 سنوات سجنا نافذا.