حمس تطلق الحكومة وتتحول إلى المعارضة
طلّقت حركة مجتمع السلم، بصفة رسمية، مشاركتها في الحكومة، وقررت الانتقال إلى صف المعارضة، بعد أزيد من 16 سنة، من التأرجح بين موقفين، طغى عليهما الكثير من التناقض.
وجاء قرار المقاطعة بعد أن صوّت أعضاء مجلس الشورى الوطني، ليلة السبت إلى الأحد، بالأغلبية الساحقة لصالح خيار الخروج من الحكومة، ليسدل بذلك الستار، على نقاش دام قرابة الستة أشهر، بين أبناء حركة الراحل محفوظ نحناح، الذين استهجنوا فك الارتباط بالتحالف الرئاسي، دون الانسحاب من الحكومة.
ومرر أصحاب خيار تطليق المشاركة في الحكومة رؤيتهم بدعم 134 صوت، مقابل 35 صوتا فقط صوتوا لصالح الاستمرار في الحكومة، من مجموع 247 عضو يشكلون مجلس الشورى، ما يبرز قوة التيار المطالب بالانتقال إلى المعارضة بالرغم من القداسة التي كان قياديون من حمس يطلقونها على سياسة المشاركة.
وكان مؤسس حركة المجتمع الإسلامي (حماس) سابقا، الشيخ محفوظ نحناح، هو من أرسى خيار المشاركة، العام 1994، في إطار صفقة سياسية أبرمت يومها مع الرئيس السابق، اليامين زروال، ومن المفارقات أن دخول “حمس” الحكومة كما الخروج منها، كان في عهد الوزير الأول الحالي، احمد أويحيى، الذي كان قد عينه الرئيس السابق، اليامين زروال رئيسا للحكومة.
وحسب مصادر حضرت اجتماع مجلس الشورى، فإن نقاشا حادا، بين الداعين للخروج من الحكومة، والمطالبين بالبقاء فيها، وبالرغم من حجية بعض المطالب التي رفعها المتمسكون بمبدأ المشاركة، إلا أن الرغبة في الانسحاب كانت بمثابة السيل، الذي جرف أحلام المدافعين عن خيار المشاركة، وهو ما كشفته نتائج التصويت المشار إليها.
ويقول دعاة الاستمرار في الحكومة، إن تراجع نتائج “حمس” في الانتخابات، ليس سببه المشاركة، ويستدلون على ذلك بما حققه، عمار غول، وزير الأشغال العمومية، الذي حصدت قائمته لوحدها 13 مقعدا في العاصمة، بواقع أزيد من 111 ألف صوت، وهو ما لم تحصل عليه أحزاب في المعارضة مجتمعة، يضاف إلى ذلك مطالب القاعدة النضالية بترشيح بقية وزراء الحركة الآخرين، يقينا منهم بإيجابية ما حققوه في قطاعاتهم من إنجازات، غير أنهم اصطدموا برفض بقية الوزراء الترشح.
ويعود الفضل في تغليب كفة الداعين للمقاطعة، لما تعتبره “حمس” تورط السلطة في “التلاعب” بنتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة، وهو معطى قلب الموازين، وأنهى النقاش الذي سيطر على قواعد الحركة، منذ قرارها بفك الارتباط بحزبي التحالف الرئاسي، حزب جبهة التحرير الوطني، والتجمع الوطني الديمقراطي، في جانفي الماضي، والذي استغرب الخروج من التحالف دون الانسحاب من الحكومة.
وإذا كان لكل طرف مبرراته الموضوعية، فإن قاعدة “الضرر الأكبر”، هي التي حسمت الموقف لصالح دعاة المقاطعة، لأن غالبية أعضاء مجلس الشورى، قدّروا بأن ضرر “تزوير” الانتخابات، فاق إيجابيات المشاركة في الحكومة، وهو ما عبر عنه، الناطق باسم الحركة، كمال مايدة، في تصريح لـ”الشروق”، عندما قال: “الذي قلب الموازين هو إحساس أبناء الحركة بالجور الذي لحق بهم، جراء تحويل أصواتهم لصالح أحزاب أخرى، وتذمرهم من إعلان الرئيس انحيازه لصالح حزب بعينه، بعد انقضاء آجال الحملة الانتخابية”.
وبالمقابل، تمسكت الحركة بالمشاركة في المجلس الشعبي الوطني المقبل، بعد أن صوت 139 من أعضاء مجلس الشورى ضد الانسحاب، مقابل عشرين صوتا فقط، منهية بذلك ترقبا طال انتظاره بشأن انضمامها لمجموعة العشرين حزبا التي تدعو إلى مقاطعة الغرفة السفلى، احتجاجا على ما تعتبره “التزوير”، الذي شاب العملية الانتخابية الأخيرة، وقال كمال مايدة: “قرار مجلس الشورى بالمشاركة في المجلس الشعبي الوطني المقبل، نابع من حرص الحركة على الوفاء بالتزامها تجاه من اختار التصويت لصالحها”.
كما اختار مجلس شورى “حمس” الاستمرار في “تكتل الجزائر الخضراء”، مع “تطوير آلياته”، مغلقا بذلك الباب أمام المنتقدين لهذا التحالف، سيما بعد ظهور نتائج التشريعيات، غير أن تباين وجهات النظر مع النهضة في عدم الانسحاب من المجلس الشعبي الوطني، سيبقى يطرح أكثر من سؤال حول مستقبل “الأخضر”، والسؤال الاكثر خطورة هو هل سيلتزم وزراء حمس بهذا القرار، أم ان لهم وجهات نظر أخرى؟