-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الأكل‭ ‬مع‭ ‬الذئب‭ ‬والبكاء‭ ‬مع‭ ‬الراعي

الشروق أونلاين
  • 5301
  • 0
الأكل‭ ‬مع‭ ‬الذئب‭ ‬والبكاء‭ ‬مع‭ ‬الراعي

بعد فترة من الترقب المختلق والإثارة المتعمدة، خرجت حركة حمس أخيرا بقرار كان منتظرا وغير منتظر في نفس الوقت يقضي بانسحابها أو فك ارتباطها -كما سمي- مع شريكيها في التحالف الرئاسي القائم منذ حوالي ثماني سنوات إلى جانب الأفلان والارندي حول ما يسمى “برنامج رئيس‭ ‬الجمهورية‮”‬‭ ‬الذي‭ ‬يخفي‭ ‬برنامجا‭ ‬أوسع‭ ‬وأحكم‭ ‬وأهم‭ ‬وأولى‭ ‬هو‭ ‬إعادة‭ ‬تموقع‭ ‬النظام‭ ‬ورسكلته‭ ‬في‭ ‬مفاصل‭ ‬السلطة‭ ‬بعد‭ ‬الهزات‭ ‬العنيفة‭ ‬المتتالية‭ ‬التي‭ ‬مافتئ‭ ‬يتعرض‭ ‬لها‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬ثمانينات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‮.‬

  • فهل انتهت مهمة حمس وأحيلت على المعاش أو التقاعد الإجباري بعد أن أدت دورها على أكمل وجه في هذا المجال، أم أن في الأمر شيئا من حرية القرار والموقف السياسي المستقل؟.. ما يهم ويجب التنبيه إليه هو أن ثمة، في هذه التخريجة، نوايا مبيتة لدى الطرفين يريد بها النظام، على الأقل، تفادي ما قد يحصل في الانتخابات التشريعية والمحلية القادمة من نتائج مشابهة لنتائج الانتخابات الأخيرة في تونس والمغرب ومصر، حيث حصل الإسلاميون ،الموصوفون عادة بمعاداة الأنظمة، على الأغلبية المطلقة التي تخول لهم خلق مشاكل حقيقية لهذه الأنظمة إذا جرت الأمور بدون اللجوء إلى القوة، وبالتالي وجب الدفع بحمس إلى منافسة بقية الأحزاب الإسلامية الأخرى الموجودة على الساحة، والتي ستوجد بكثرة بحكم قانون الأحزاب الجديد، وبحكم إرادة السلطة في تشتيت هذا التيار بأي ثمن باستغلال الخلافات العميقة القائمة بين فصائله.. وتريد بها حماس الانفراد دون بقية الأحزاب الإسلامية بالاستفادة من الظروف الجديدة القائمة في مجمل العالم العربي نتيجة الثورات المتواصلة بتقديم نفسها للرأي العام الجزائري كقائدة للتغيير المنشود ولكن باستعمال حظوتها الباقية لدى النظام وإمكانية سماحه لها باستعمال وسائله اللوجيستية وخاصة استغلال استمرار اليد الحديدية للإدارة المطبقة على الإصلاحات والانتخابات ونشاط الأحزاب والمجتمع ككل من خلال وابل القوانين الأخيرة، في “المعركة” الانتخابية القادمة، خاصة وأن مبادرتها تقتصر فقط على فك الارتباط مع شريكيها في التحالف الرئاسي، وليس مع النظام أو السلطة والحكم، حيث حرصت على بقاء وزرائها وكوادرها ضمن الطاقم الحكومي، وهذا يعني بالمفهوم العامي أن حمس تريد مواصلة الأكل مع الذئب، وتنتقل في نفس الوقت إلى البكاء مع الراعي، أي أن دعم تشكيلة السيد أبو جرة سلطاني مستمرة للنظام في مجمل خطواته المؤلمة سياسيا واجتماعيا واقتصاديا، خاصة من حيث مواصلة سياسة التفرد بالحكم في ظل الفساد وقمع الحريات وتقييد إرادة المجتمع ومبادراته بنفس قدر دعم شريكيه السابقين الأفلان والأرندي لهذه الخطوات.
    ولكن الأخطر من كل هذا، أن مبادرة حمس تأتي لإضفاء المزيد من التعتيم والضبابية على الأوضاع السياسية للبلاد، حيث تجعل من الانتخابات التشريعية والمحلية القادمة هدفا أسمى وغاية ما بعدها غاية في حين أنها مجرد تفاقم للأوضاع السياسية وهروبا من الإصلاح الحقيقي والانتخابات‭ ‬الحقيقية‭ ‬المتعلقة‭ ‬برأس‭ ‬النظام‭ ‬الحقيقي،‭ ‬أي‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬النزيهة‭ ‬والشفافة‭ ‬أو‭ ‬الانتقال‭ ‬إلى‭ ‬النظام‭ ‬البرلماني‭ ‬التام‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬يفضي‭ ‬إلى‭ ‬التغيير‭ ‬الجذري‭.‬
     
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!