عملاق الجزائر والعالم يروي معاناته:ساعدوني..لا أجد ملابس تسترني
طويل جدا، ولكن أمنياته قصيرة جدا، إنها القصة المختصرة لأحد أطول رجالات العالم مشكلته الوحيدة قامته.. مقدمة قصيرة أردناها لحوار طويل مع أطول رجل في الجزائر وبالتأكيد.
-
أهلا منير.. ربما أنت أطول رجل في العالم لكنك مصنف عملاق الجزائر، لماذا لم تدافع الجزائر عن الرقم القياسي العالمي الذي بحوزتك؟
-
لست أدري لماذا لم تسع الجزائر إلى تسجيلي في كتاب غينيس للأرقام القياسية كأطول رجل في العالم على الأقل للترويج والدعاية للبلاد مثلما تفعل جميع الدول، فطولي الآن هو2.44 م (متران وأربع وأربعون سنتيمتر) ووزني يفوق 120 كلغ أو يزيد، لم أزن نفسي منذ مدة طويلة. والحق أنني لم أبحث عن لقب أطول رجل في العالم واكتفيت بلقب عملاق الجزائر، رغم أنني زرت عدة بلدان مثل فرنسا وسوريا والسعودية وتونس وسويسرا، وكان من الممكن أن يكسبني اللقب بعض المال لأعيش به دون مزية أحد.
-
-
ألا زلت تعاني من مشكلة تدبير ملابس بهذه القياسات العملاقة.
-
هي مشكلة فعلية فكل لباسي يتم اقتناؤه بطلب، تخيل أن مقاس رجلي هو62، لذلك يصنع لي الإسكافي حذاء خاصا، كما أن العديد من الأحباب يتدبرون لي بعض الألبسة التي لا أجدها في السوق.
-
-
طولك العملاق جلب لك عدة مشكلات.. عادة ما تنتهي بحكايات مضحكة.. ألا زلت ممنوعا من التجول في بعض دواوير عين التوتة كي لا تتطلع على أحواش البيوت؟
-
(يضحك مطولا ويقول): مرة أردت أن اشتري جريدة فوجدت الباب مغلقا فمددت يدي إلى الباب من فوق لأفتحه وأقتني الجريدة، لكن زوجة صاحب المحل صاحت في وجهي انزل من الحائط ظنا منها أنني تسلقته، وحدث لي ذلك في ثكنة المنصورة بقسنطينة، فقد كنت واقفا في طابور خلف السور الخارجي، ولطولي الفارع وضعت يدي فوق الحائط وأخذت أتفرج على ما يدور في الثكنة، فظن حارس عسكري أنني تسلقت الحائط فجاءني مهرولا مصوبا هراوته نحوي فصحت “خليقة ربي خليقة ربي” وعندما علم أفراد الثكنة بضخامة جسمي فأدخلوني، وتحولت بين عشية وضحاها إلى ضيف شرف ونجم، فجميع العساكر التقطوا معي صورا تذكارية ومنحني الرائد لطرش بطاقة الإعفاء من الخدمة الوطنية. مرة ذهبت لاستحم في دوش أحد أقاربي وكان له شقيق يملك محطة غسل وتشحيم السيارات، فقال لي أن مكانك ليس هنا بل عند شقيقي ويقصد طبعا أن أذهب واستحم في محطة غسل السيارات “اللافاج”، وحتى عندما ذهبت إلى معرض في السعودية وددت أن اعتمر، وبما أنني لا أقوى على المشي لمسافة طويلة فقد طلب لي المعلم بعض الحمالين مقابل سعر 200 ريال، وعندما جاؤوا كنت متكئا فوقفت، فأصابهم الذهول وصاحوا لا 200 ريال قليل المطلوب 600 ريال، فحملوني فوق حمالة لم تقدر سوى على نصف جثتي أما النصف الأخر فبقي معلقا في الهواء.
-
-
على ذكر المعارض أكنت تعرف بالتحديد سر اصطحابك إليها؟
-
طبعا كنت استدعى من قبل منظمي المعارض التجارية في داخل الجزائر وخارجها مثل فرنسا وسويسرا وتونس والسعودية وسوريا واسبانيا من باب الدعاية التي تجلب الزوار لأخذ صور معي، وكانت بعض المعارض تشهد إقبالا كثيفا بسبب هذا الماركيتنغ، فأنا كنت أعمل وأجلب الحضور لأصحاب المعارض وأصور الدراهم الكافية للتكفل بحاجياتي اليومية بكرامة وعزة، فالإنسان بلا كرامة عريان حتى لو كان أغنى الأغنياء، لكن ما حز في نفسي وبعد مرضي وتعرضي لحادث أصبح من يتهافتون علي في السابق يعدون على الأصابع، حتى التلفزيون الذي كان يتردد علي نسيني، كما نسيني أحد منظمي المعارض حيث كان لا يفارقني لأنني أجلب له الزبائن ويمنحني الملايين، لكن عندما تعرضت لحادث وتدهورت صحتي، اتصلت به مرة بعد الحادث الذي الم بي لكي “يبعث لي 100 دج في هاتفي النقال.. هذا ما يحز في نفسي عندما كنت بصحتي كان الجميع يتردد علي، مثلت مع حكيم دكار في مسلسل جحا وبين يوم وليلة وفي عدة مسرحيات بعين التوتة، وعندما مرضت لا أحد سأل عني. المهم الحمد له تعالى على كل خير.
-
-
ربما لو كانت لك زوجة لسألت عنك.. الم تفكر في الزواج؟
-
ربي يهديك.. أنا متزوج بالهم والهم متزوج بي.. تعرضت لحادث بسيارة عندما صدمت حائط مدرسة منذ عام اثر دوخة مفاجئة، ومنذ تلك اللحظة وأنا قليل الحركة لا اخرج سوى للمقهى للحظات واضطر للنوم ممددا فوق وسادتين، كما أنني لا أقوى على الوقوف بسبب إصابتي في بعض الفقرات، ولصعوبة العملية التي قد تصيبني بالشلل في حالة فشلها لحساسية الأعصاب، فقد بقيت على هذه الحال، كما إنني لا اعمل ولا أملك منحة البطالة ولدي كرسي متحرك قديم ومهترئ، لم استطع تعويضه بكرسي جديد رغم حاجتي الملحة إليه ليخفف عني معاناتي الكبيرة، لكن الحمد لله ولا يحمد على مكروه سواه.. ثم أين هذه المرأة التي سأتزوجها لا بد لها من “موديفيكاتيون جينرال” حتى تتأقلم مع ضخامة جثتي. وأنا جالس على الكرسي المتحرك طولي مثل أطوال الرجال الواقفين فمن أين ستعثر لي أنت على عملاقة مثلي!
-
-
تبدو مهموما من البشر.. ألم تندم على شيء كنت قادرا عليه ولم تفعله قبل الحادث؟
-
ندمت على عدم إجراء عملية جراحية أثناء تواجدي بفرنسا قبل سنوات لتخفيف النمو الهرموني، الآن حلمي إجراء عملية سليمة بمستشفى عين النعجة للخروج من هذه الأزمة أو الحصول على كرسي متحرك يعينني على العيش بحرية أكثر، أما بخصوص البشر فأتركها للمولى تعالى لأنني لم أكن أتخيل أن ينساني الجميع الذين كانوا يتهافتون علي لالتقاط صور معي، صحيح هناك من يتصل بي لحد الساعة لكنهم ثلة قليلة، صرت أرى بعض الناس اقزاما من الناحية الانسانية، أقسى ما يحز في الإنسان أن يتخلى عنه الجميع وقت الشدة عندما يكون في حاجة لمساعدة القليل فقط ممن كانوا معه وقت الرخاء، إحساس عميق وحزين عن دنيا غرارة وغدارة ومتلونة مثل الحرباء، لكن المولى تعالى كبير والذي خلق لا يضيع شريطة أن يتمسك الإنسان بكرامته، فكرامتي فوق كل اعتبار وقبل كل شيء.