-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
عضو اللجنة الوزارية للفتوى سليمان بوديسة في حوار مع "الشروق":

أئمة في الشوارع والمدارس لمواجهة المخدرات

وهيبة سليماني
  • 3298
  • 0
أئمة في الشوارع والمدارس لمواجهة المخدرات
أرشيف
عضو اللجنة الوزارية للفتوى سليمان بوديسة

الكل تجند لمواجهة آفة ارتبطت بكثير من الجرائم التي انتشرت مؤخرا في المجتمع، آفة استغلتها جهات أجنبية لضرب القوة والطاقات الشبابية في الجزائر.. إنها المخدرات بجميع أنواعها، سموم لم تستثن الأطفال والمراهقين، وجب التصدي لها من طرف جميع الفاعلين، على غرار الإمام الذي يعتبر الواعظ والمصلح والمربي، دوره ليس محصورا في الصلاة، بل يتعدى ذلك إلى مجابهة الفتن والآفات من خلال غرس القيم والأخلاق الحميدة، يتحدث إلى المجتمع من منابر المساجد، ومن خلال علاقته بالمصلين، وعلى هذا الأساس، لا يمكن تجاوز الدور الفعال للأئمة في الحرب ضد المخدرات في الجزائر.
ومن خلال حوار جمع “الشروق”، مع عضو لجنة الفتوى بوزارة الشؤون الدينية والأوقاف، الشيخ سليمان بوديسة، لشرح آليات تجسيد ما جاء في البيان 39 للجنة، المتعلق بالتأكيد على تحريم المخدرات والمهلوسات والمؤثرات العقلية، تم الإشارة إلى أن الفتوى عامة موجهة إلى الجميع، وأن التصدي لهذه السموم يستدعي صدور فتاوى أخرى قد تساهم في سن قوانين أكثر ردعا لنشاط تجار المخدرات.

لقد أكد البيان 39 للجنة الفتوى على أن الترويج للمخدرات من مهددات المجتمع، ومن مسببات شيوع الفتن، والتأثير على العبادة والالتزام بما جاء به ديننا الحنيف، لكن نريد أن نعرف أكثر كيف يمكن لكم شيخنا الكريم، أن تجسدوا فحوى الفتوى على أرض الواقع؟

الفتوى التي أصدرتها وزارة الشؤون الدينية مؤخرا في خضم حملة التجنيد ضد المخدرات ومكافحة انتشارها بطرق وقائية موازاة مع مساعي مصالح الأمن في التصدي لمروجيها، جاءت انطلاقا من تحريم كل ما يضر بالكليات الخمس، التي لا حياة للبشر إلا بحفظها، والمخدرات تؤثر على هذه الكليات مباشرة فتنتج عن ذلك أضرار تؤدي بدورها إلى عدم استقرار الوطن.
وجاء في الكثير من الآيات القرآنية، الحديث عن الأمن في المجتمع وتفضيله على الغذاء وعلى العبادة، ففي سورة قريش، الآية الرابعة تقول “الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف”، وفي سورة البقرة دعا سيدنا إبراهيم بالأمن والأمان للبلد الحرام ورزق أهله من الثمرات (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـٰذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ)، وفي الآية 35 من سورة إبراهيم “وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا..”
وقياسا بالخمر الذي حرمه الإسلام، فإن المخدرات التي هي أشد ضررا، وأكثر خطرا، تعتبر من المحرمات التي لا نقاش فيها، فبيان الفتوى هو تأكيد وتذكير، ودعوة عامة للجميع، وإلى كل الأسرة الجزائرية لحماية أبنائها، والحرص على مراقبتهم ومتابعتهم انطلاقا من قول الرسول “كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته”.
ونقصد بالفتوى الاندماج الكامل للمواطنين والمؤسسات الاجتماعية والمجتمع المدني والهيئات التضامنية، ومؤسسات صناعة الرأي والمؤسسات الدينية، في محاربة آفة المخدرات.
وللمساجد دور فعال في تجسيد ما جاءت به الفتوى، من خلال استقطاب الأطفال والمراهقين إلى دروس الذكر وحفظ القرآن، فقد تم إحصاء مليون حافظ لكلام الله موزعين على أكثر من 18 ألف مدرسة قرآنية عبر الوطن، وانتساب أكثر 15 ألف متمدرس من خارج وداخل الوطن إلى المقرأة الإلكترونية، والتصدي بالملموس من خلال الفتوى للمخدرات يكون بتجنيد أئمة المساجد من خلال خطب متكررة من حين إلى آخر تحث على المخاطر والآثار الوخيمة للمهلوسات والمخدرات بجميع أنواعها، كما للمجلس العلمي حق إصدار فتاوى أخرى إذا تطلب الأمر ذلك.
وسيخرج الأئمة ميدانيا إلى الشوارع والثانويات والمدارس، وإلى الحملات التحسيسية، جنبا إلى جنب مع مصالح الأمن والمجتمع المدني، لمحاورة الشباب، حيث نوضح لهم أننا نحرص على كرامتهم وصحتهم، والتعامل معهم على أنهم ضحايا يمكن علاجهم.

هل تفكرون في تكوين مرشدين ووعاظ خصيصا للحملات ضد المخدرات؟
عندما نخرج ميدانيا، في حملاتنا التحسيسية، هناك أكيد مرشدين ووعاظ وأخصائيين اجتماعيين، ونفسانيين، ومختصين في التنمية البشرية سوف يتبادلون الخبرات والتجارب، وفن التحاور وإقناع المدمنين على ترك هذه السموم، والوعي بالظروف المحيطة بكل مدمن، ومن خلال ذلك كله، يمكن أن يتخصص بعض المرشدين والمرشدات في مجال مكافحة تعاطي المخدرات من طرف الشباب، بالنهي عن المنكر والأمر بالمعروف، واستعمال أساليب فعالة في التحاور.
وإن مرافقة الشباب واحتوائهم وإبعادهم عن فضاءات مروجي المخدرات، مهمة متكاملة يلعب فيها الجانب الديني بالإرشاد والنصح والتذكير بما جاء به الإسلام، وتقوية علاقة الشاب بالعبادة، دورا كبيرا، خاصة أن القانون الجديد الخاص بالمخدرات، عزز دور الوقاية.

هل تفكرون في استقطاب نماذج لمتعاطي المخدرات إلى المساجد بعد علاجهم من الإدمان، لكي يعتبر المصلون وأبناؤهم من قصة تورط هؤلاء في هذه الآفة؟
خارج المساجد كان هناك من تجرأ وقص حكايته مع الإدمان على المخدرات، ولكن لا مانع إذا تقبل بعض المدمنين السابقين سرد تفاصيل غلطتهم وتورطهم في تعاطي هذه السموم، بكل جرأة أمام المصليين داخل المساجد.
وأنا شخصيا أرحب بذلك، فالمساجد مفتوحة لتقديم العبر وأخذ المواعظ، فالتجربة تقف عند باب الحقيقة، حيث أن المدمن الذي اقلع عن تعاطي المخدرات يستطيع أن يعطي تلك العبرة من خلال تجربته.

التبليغ مهمة الجميع.. كيف يتصرف الأئمة في حال لجوء سكان الحي إليهم يشتكون من وجود مروج أو متعاط للمخدرات بينهم؟
الإمام مهمته النهي عن المنكر والأمر بالمعروف، التبليغ عن مروجي ومتعاطي المخدرات من اختصاص جهات أخرى، ولكن إذا كان الأمر يتعلق ببارون مخدرات أو تاجر من تجار هذه السموم، وكان لدينا أدلة سوف نكون من المبلغين.
وفي كل الأحوال، نحن نريد أن ننقذ هؤلاء المتعاطين باعتبارهم ضحايا، من خلال البحث عن طرق سلمية لاستقطابهم إلى المساجد، وتقديم النصح لهم، فالأمر بالمعروف هو دورنا الكبير في الوقاية من المخدرات.
وكما أن هناك مرحلة من الخطب المتتالية حول المخدرات والتحذير من مخاطرها، وتخويف الأولياء، وتقديم المزيد من الوعي لهم عبر المساجد، ونذكرهم دائما بالفتوى التي تحرم تعاطي هذه السموم.

على ذكر الفتوى، هل ستعملون إلى إصدار فتاوى أخرى أشد حدة وأكثر تأثيرا في سن قوانين أخرى ضد المروجين وتجار المخدرات، في حال، لا قدر الله، استمرار استفحال هذه الآفة في المجتمع الجزائري، واتساع قائمة أنواعها بشكل رهيب؟
نعم، نحن سنساهم في سن قوانين من خلال فتاوى نصدرها حسب مستجدات هذه المخدرات، ونحن لا نتمنى لبلادنا، أن تتسع فيها شريحة المتعاطين للمخدرات، ولكن نحن نعلم أن روح القانون الذي يستجيب لحياة الناس وواقعهم، يكون للفتاوى دور في سنه، خاصة أن المساجد ومهمة الأئمة جزء من الحياة البشرية في المجتمع الجزائري، فالذين يرغبون في إغراق البلاد بالسموم ويبددون بها طاقات الشباب، سنتجند ضدهم بفتاوانا، لكي يتصدى لهم كل الجزائريين.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!