اكتئاب ما بعد الزواج.. لمَ يشعر العرسان بالصدمة في شهر العسل؟

يُطلق على الزواج تسمية القفص الذهبي، وفرحة العمر، رغم أنه قد ينقلب بعدها إلى زنزانة حديدية صدِئة، يتجرّع المسجون فيها شتى أنواع الهمّ والغمّ.. ليس على المدى البعيد فقط، وإنما حتى على المدى القريب جدا. بدليل ما يسمى باكتئاب ما بعد الزواج، الذي يُصاب به الكثير من العرسان في شهر العسل، جرّاء مجموعة من المتغيرات التي تطرأ على نمط حياتهم.

حزن وملل واضطراب

اكتئاب ما بعد الزواج postmarriagedepression، هي حالة صحية عقلية تتميز بالحزن والملل والكآبة، تصيب نسبة معينة من العرسان، خلال أيام شهر العسل. ومن أعراضها، اضطرابات في النوم والشهية، الحساسية الزائدة والعصبية والتشاؤم، الندم على الزواج أو الشك في حسن اختيار الشريك الزوجي، مع فقدان الاهتمام به، إضافة إلى العزلة وانعدام التركيز وفقدان الرغبة الجنسية، والقلق واليأس واللامبالاة، والشعور بالذنب وانعدام القيمة مع المعاناة من موجة أفكار انتحارية، أو رغبة في إيذاء النفس. ويترافق ذلك مع مجموعة أعراض جسدية، كالتعب والإرهاق وانخفاض الطاقة، مع صداع واضطرابات في الشهية، قد تؤدي بالمكتئب إلى زيادة أو فقدان الوزن.

صعوبة في التكيف

رغم إصابة الرجال به، إلا أن اكتئاب ما بعد الزواج شائع بنسبة أكبر لدى النساء. إذ كشفت دراسات إحصائية أنه يُصيب واحدة من كل عشر نساء متزوجات حديثا. أما أسبابه، فهي كثيرة، وتتنوع ما بين الاصطدام بواقع مخالف للصورة الوردية الحالمة التي كونها العرسان عن الزواج أو عن شريك الحياة، وصعوبة التكيف مع العادات والتقاليد والعائلة الجديدة، خاصة في حالة سكن العروسين مع أهل الزوج، وما ينجر عن ذلك من مشاكل ومناوشات، وعدم القدرة على الاندماج مع الطرف الآخر والتذمر من قيود الشراكة الزوجية، والمهام والمسؤوليات الجديدة التي يفرضها الزواج بكل ما يحمله من التزامات وواجبات، وافتقاد الأهل والأصدقاء والابتعاد الجغرافي عنهم، وما يترتب عليه من شعور بالوحدة والعزلة والاغتراب، وبداية ظهور الاختلاف بين الزوجين في الطباع والميول والشروع في الخلافات والصراعات.. كما قد ينجم اكتئاب ما بعد الزواج عن مشاكل في العلاقة الجنسية بين العروسين، وعدم توافقهما حميميا، أو عن الزواج القسري والمبكر، إذ أظهرت دراسة لمنظمة الصحة العالمية أن

75 بالمئة من البنات اللواتي تم تزويجهن مبكرا أو أجبرن على الزواج من مغتصبيهن، عانين من اكتئاب ما بعد الزواج.

كيف تتجاوز أحزانك؟

ولحسن الحظ، كما يؤكد المختصون، أن اكتئاب ما بعد الزواج لا يستمر في العادة لأكثر من أسبوعين ثم يتلاشى شيئا فشيئا. لكنه، قد يستمر أحيانا لمدة أطول. ومن هنا، كان لزاما على المكتئب وشريكه الزوجي والأهل وكل المحيطين به مساعدته على تجاوز أحزانه، عبر اتباع مجموعة من الإرشادات:

-الدعم النفسي من طرف الأهل والشريك الزوجي، والتعاطف والتعاون المادي والمعنوي مع الطرف المكتئب.

-ضرورة الحوار بين الزوجين والتواصل المثمر بينهما، لتحديد أسباب الاكتئاب ومحاولة معالجتها، وإيجاد حلول لها.

-السفر لتمضية شهر العسل بعيدا عن مضايقات وضغوطات الأهل، وتمضية أوقات ممتعة وتغيير الأجواء.

-الاهتمام بالعلاقة الحميمية، وتقبل فكرة أنها قد لاتكون في أحسن أحوالها في بداية الزواج. ولكنها، أكيد، ستتحسن بالوصول إلى التوافق الجنسي.

-الانتساب إلى دورات التأهيل الزواجي والأسري الناجح، لتصحيح الإدراك حول المفهوم الواقعي والسليم للعلاقة الزوجية، بعيدا عن أوهام ومغالطات الأفلام والمسلسلات ووعود الشريك الزوجي المزيفة.

-الصبر والمثابرة إلى حين التكيف مع مسؤوليات الزواج والتزاماته، ومن ثم الوصول إلى التوافق الجنسي والعاطفي مع الشريك الزوجي.