الترندات القاتلة في مدارسة.. مسؤولية مشتركة

تظهر، من فترة إلى أخرى، ترندات خطيرة، على مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت، يتفنن الأطفال والمراهقون في تطبيقها للتباهي بقدراتهم في هذه المراحل العمرية الحساسة. لكنها، للأسف، كثيرا ما تحصد لنا ضحايا، وتسبب أزمات دون القدرة على التحكم في خطورتها، بسبب إهمال المشرفين التربويين، الذي يترافق مع جهل الأولياء وعدم اكتراثهم.
تعد المدرسة الملتقى الرئيسي لفئة الأطفال والمراهقين. لذلك، فهي البيئة الملائمة التي تتكاثر فيها وتنتشر منها أفكارهم وسلوكياتهم السلبية أيضا. هذا، ما يتم ملاحظته، إذا ما ظهر ترند جديد كتناول الأدوية أو لعبة خطيرة يتهافت عليها التلاميذ، بحثا عن سبيل يبرزون به رغبتهم في تبني ثقافة وهوية جديدة.
كرونولوجيا الموت في مدارسنا من يحد من ذلك؟
يشير بن شبال حمزة، خبير اجتماعي وأستاذ ثانوي، إلى أن الاهتمام بخطورة موضوع الترند، الذي يبدأ من الإنترنت قادما إلى المدرسة، ظهر قبل سنوات، مع انتشار ما سمي بلعبة الحوت الأزرق، حين سجلت المدارس الجزائرية، على غرار بلدان كثيرة عبر العالم، عدة محاولات انتحار، تحت ضغط الإهانة العاطفية، فكان على وزارة التربية دق ناقوس الخطر. توالى بعده ترند استنشاق القرفة واستنشاق الطحين.. وعشرات ما يمكن وصفه بـ “المقالب” الإلكترونية، وصولا إلى أخطرها على الإطلاق، الذي اجتاح المدرسة في ظرف وجيز، قبل أيام، “ترند البراسيتامول القاتل”.
ومما لا شك فيه، أن خطر الموت هذا الذي ينجر عن متابعة وهوس الأطفال والمراهقين بما يعرض لهم عبر المواقع، لن يتوقف هاهنا، مادام المعلم يلقي بالمسؤولية على الوالدين والعكس، ومذكرات الوصاية رغم كونها استعجالية، إلا أنها تأتي متأخرة نوعا ما. والسبيل المثالي والمنطقي للحد من تفشي الترندات القاتلة والخطيرة، ليس بحجب التطبيقات، من بينها تيك توك، كما يطالب البعض، ولا بسحب الهواتف من جيوب التلاميذ.. وإنما بترسيخ الهوية الدينية والاجتماعية في نفوس الناشئة، وتعليمهم المستمر بقيمة النفس البشرية، الصحة العقلية والبدنية، وتلقينهم مقومات الشخصية القوية والمهمة، على أن يأتي هذا ضمن منظومة تربوية، يتشارك فيها الأولياء والمربون في المدرسة، وحتى المجتمع في الخارج.
مخاوف الأولياء تغذيها سلوكياتهم اليومية
“كل الدول العربية مستهدفة بهذا الخطر، الذي مصدره معروف، وهو الكيان الصهيوني، بالإضافة إلى بعض الدول المساعدة له، لإغراق الشباب في الإدمان.. وهي أدوية مقلدة تصنع في مخابر دول الساحل”. هذه كانت وجهة نظر أحد أولياء التلاميذ، معلقا على الأزمة، وكغالبية البقية، يرفض الأولياء تحمل مسؤولية ما يحدث مع أبنائهم. فجهل البعض بالتكنولوجيا، والانشغال الدائم للبعض الآخر، ربما يمنع أو يؤخر تفاعلهم مع الخطر الذي يسير إليه الطفل أو المراهق بسرعة غير متوقعة، فور ظهوره. لذا، تشير أماني، معلمة: “أهم شيء، مراقبة الطفل وضبط ميزانيته أيضا. يعني، إذا كان التلميذ عنده سيولة يومية تفوق حاجته، فلابد من أنه يبحث عن شيء مثير ينفق فيه
ماله، ليجلب اهتمام أقرانه، إذا لم يشتر دواء من أجل ترند خطير، فيمكن غدا، أن يشتري مخدرا أو غرضا آخر قاتلا”.
يوصي الخبير الاجتماعي، بن شبال، جميع أولياء التلاميذ، من دون فارق الجنس أو السن، بأن يعززوا تواصلهم الصحيح مع أبنائهم، ليتسنى لهم التحذير والتوعية بشأن أي مخاطر محتملة، قد تحوم بهم عبر الإنترنت، أو في المدرسة. وعلى كل ولي تلميذ أن يكون مسؤولا وراعيا، يراقب نشاط ابنه على المواقع دون كلل، من خلال ربط حساباته بتطبيقات مراقبة، فوسائل التواصل الحديثة هي أكبر فخ يوقع بمجهودات الأولياء في التربية والتعليم والمتابعة.