-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الجزائر على مفترق التحول: هل يحين زمن الريادة؟

نسيم بلهول
  • 3370
  • 0
الجزائر على مفترق التحول: هل يحين زمن الريادة؟

في الأزمنة المفصلية من عمر الأمم، يصبح الصمت ترفًا، والحياد خيانةً للعقل والضمير. الجزائر، بتاريخها الجريح وثرواتها الخام وقدراتها البشرية والسيادية، تقف اليوم أمام سؤال مصيري: هل تكون مجرد ناجية من العواصف، أم فاعلًا حاسمًا في صناعة التوازنات؟ هل تبقى في موقع ردّ الفعل، أم ترتقي إلى هندسة الفعل الإستراتيجي؟ بين الشك واليقين، يتشكل خيار البقاء… وخيار الريادة.
في عالم تتسارع فيه المتغيرات، وتضيق فيه مساحات الخطأ، تقف الجزائر اليوم في لحظة فارقة من تاريخها. لحظة تختلط فيها الإنجازات بالهواجس، وتتشابك فيها علامات التحول مع تردد السياسات. فهل نحن أمام ميلاد استراتيجية وطنية كبرى؟ أم أننا نعيد تدوير البقاء في محيط إقليمي يبتلع المترددين؟

الجزائر تبحث عن اتجاه
في الشوارع والجامعات ومراكز القرار، يتردد السؤال ذاته: “إلى أين نحن ذاهبون؟”.
ليس قلقًا عابرًا، بل استبطانًا لأزمات كامنة في البنية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، يعكسه خطاب الإعلام، ونقاشات النخب، وتحرّكات الشارع حين تهتز الثقة.
من جهة، هناك إنجازاتٌ ملموسة: عودة قوية للدبلوماسية الجزائرية، حركية اقتصادية جديدة، مشاريع بنى تحتية عملاقة، تحسُّن في مؤشرات الطاقة والتصدير .ومن جهة أخرى، يقابلها شك متجذر: هل هذه الإنجازات كافية لتأمين مستقبل مستقر في منطقة إقليمية متقلبة؟ هل هناك رؤية إستراتيجية بعيدة المدى؟ هل تُصنع الريادة بخطابات، أم بمؤسسات صلبة وقدرة على التأثير؟
من العاصمة إلى أقصى الجنوب، يتكرر السؤال ذاته في المقاهي، والجامعات، وصالونات النخبة: “إلى أين تمضي الجزائر؟”. ما كان قبل سنوات مجرد همس، صار اليوم عنوانًا لحوار وطني مفتوح. وبين مؤشرات اقتصادية واعدة، وتحركات دبلوماسية نشطة، تظل الثقة هشة في غياب رؤية وطنية متكاملة تربط بين الداخل والخارج، بين الآني والمستقبلي.

الشك مشروع لكنه لا يكفي
ما يُدهش في اللحظة الجزائرية الحالية أن الشك لم يعد محصورًا في عامة الناس، بل تسرَّب حتى إلى بعض مكونات النخبة. والسبب انعدام رؤية وطنية جامعة تُحدد الأهداف والأدوات والمراحل، ضمن هندسة استراتيجية قابلة للتقييم والمساءلة.

أرقام الغاز والصادرات تحقّق قفزات مشجعة، ومشاريع البنية التحتية تنبئ بنمو متسارع. لكن خلف هذه الأرقام، ثمة سؤال مؤجل: ما وجهة الجزائر؟ الخبراء يحذرون: المكاسب الظرفية يمكن أن تتآكل ما لم يُصنع إطارٌ إستراتيجي صلب يعيد تشكيل أدوار الدولة ويمكّنها من الانتقال من رد الفعل إلى إنتاج المبادرة.

لكن رغم هذا الشك، يبرز تيارٌ جديد من الأصوات الشبابية والخبرات الوطنية، داخل الجزائر وخارجها، يدعو إلى القطيعة مع منطق “الارتجال الموجَّه”، والانتقال إلى منطق التخطيط السيادي طويل المدى.
ليس المقصود هنا مجرد خطط خمسية كلاسيكية، بل نموذج استراتيجي جزائري خاص، يُجيب عن الأسئلة التالية :ما الذي نريده من العالم؟ ما الذي نخاف منه؟ ما هي أدوات قوتنا؟ كيف نحوِّل التهديدات إلى فرص؟.

من لغة الأرقام إلى منطق الرؤية
الأرقام التي تصدرها المؤسسات الرسمية تبعث على التفاؤل في بعض القطاعات: احتياطات الغاز تتجاوز 2.5 تريليون متر مكعب، وصادرات الطاقة تُعزز الميزان التجاري بأكثر من 60%، ومشاريع وطنية ضخمة في الزراعة والصناعة العسكرية والمدنية.
لكن، وبحسب تقارير مستقلة، فإن ضعف الاستغلال الأمثل لهذه القدرات، وغياب التنسيق المؤسسي بين مراكز التفكير وصنّاع القرار، يجعل الجزائر حتى الآن أقرب إلى ردّ الفعل منها إلى بناء المبادرة.
هنا تحديدًا تتجلى الحاجة إلى خطة كبرى أو إستراتيجية وطنية شاملة تنسق الأمن مع الاقتصاد، والسيادة مع التقنية، والدبلوماسية مع التعليم، وتُعيد رسم موقع الجزائر في خريطة التحولات الدولية.
أرقام الغاز والصادرات تحقّق قفزات مشجعة، ومشاريع البنية التحتية تنبئ بنمو متسارع. لكن خلف هذه الأرقام، ثمة سؤال مؤجل: ما وجهة الجزائر؟ الخبراء يحذرون: المكاسب الظرفية يمكن أن تتآكل ما لم يُصنع إطارٌ إستراتيجي صلب يعيد تشكيل أدوار الدولة ويمكّنها من الانتقال من رد الفعل إلى إنتاج المبادرة.

الجزائر في عين العاصفة الجيوسياسية
في عالمٍ يتحرك بسرعة الضوء نحو أقطاب جديدة، تنهار تحالفاتٌ وتتكوّن أخرى، وتُعاد هندسة الجغرافيا السياسية بمعايير لم تعد تقليدية. القوة لم تعد فقط بالمدافع، بل بالبيانات، ولم تعد تُقاس فقط بالحدود، بل بالتحكم في التدفقات: المال، والطاقة، والغذاء، والمعلومات والاستقرار.
في هذا السياق، تبرز الجزائر بوصفها دولة محورية تملك كل مقومات التأثير، لكنها لا تزال تتحسس طريقها وسط ركام الحرب الأوكرانية، التغلغل الصهيوني في إفريقيا، وانكشاف العجز العربي أمام الصراعات الجديدة.
تحولات المتوسط، اشتعال الساحل، والحروب بالوكالة في المغرب العربي…كلها تضغط على الجزائر من ثلاث جبهات. وفي كل جبهة، تختلف التحديات، لكنها تتقاطع في نتيجة واحدة: من لا يُبدع أمنه بنفسه، سيُدار أمنه من الخارج.

من العزلة النسبية إلى الفاعلية الإقليمية
لقد مرت الجزائر بمرحلة طويلة من الانكفاء على الذات، لاعتبارات داخلية معقدة (العشرية السوداء والانتقال السياسي وتحديات الاقتصاد). لكن السنوات الثلاث الأخيرة شهدت تحولات حادة في نهجها الدبلوماسي: استعادة مقعد ريادي في الملف الليبي، وتصدّر جهود الوساطة في أزمة النيجر، وتمتين الشراكة مع الصين وروسيا، وتوسيع دوائر الحوار الإستراتيجي مع إيطاليا وإسبانيا وتركيا.
هذه العودة، وإن كانت تدريجية، إلا أنها تعكس إرادة سياسية في استعادة ما يُعرف بـ”الوزن الجزائري”.
لكن السؤال الجوهري هو: هل يكفي أن نعود إلى الساحة، أم ينبغي أن نُديرها؟

بين ثلاث جبهات
إذا رسمنا خريطة المصالح والتحديات التي تواجه الجزائر، سنجد أن هناك ثلاث مناطق مركزية:
المتوسط: معركة الطاقة والتموضع؛ حيث تتقاطع مصالح الطاقة والهجرة والأمن البحري، وتتنافس الجزائر مع قوى أوروبية على النفوذ والموانئ والاتفاقات التجارية. وقد كان موقفها الحازم من قضية الغاز مع إسبانيا نموذجًا عن استقلال القرار، لكنه يتطلب استمرارية واستثمارًا سياسيًّا.

التوتر مع المغرب ليس ظرفيّا، بل هو انعكاس لتصادم مشروعين: الأول سيادي قومي تقوده الجزائر، والثاني تطبيعي استراتيجي ترعاه الرباط بالشراكة مع الكيان الصهيوني والخليج. هنا لا تكفي المواقف الرمزية، بل يجب أن تمتلك الجزائر أدوات تفوُّق ناعم وصلب معا: من الإعلام إلى التكنولوجيات السيادية، ومن الاقتصاد إلى التموقع في المؤسسات القارية والدولية.

في لحظة الحسم مع مدريد، أثبتت الجزائر استقلال قرارها، لكن ما زال المطلوب أكثر من مواقف. فالمعركة الآن على النفوذ البحري والتكنولوجي.

الساحل: خاصرة رخوة
هي المنطقة الأكثر هشاشة، والأكثر أهمية في آنٍ واحد. يصفها الخبراء بأنها “خاصرة الجزائر”، وتهديداتها متعددة: الإرهاب، والتغلغل الفرنسي- الأمريكي، والتمدد الإماراتي والمغربي، والفراغ المؤسسي في دول الجوار (مالي، والنيجر، وبوركينافاسو). لا يمكن للجزائر أن تضمن أمنها من دون صياغة إستراتيجية احتواء وشراكة في هذه الجغرافيا.
الفراغ في مالي والنيجر وبوركينا صار مجالًا مفتوحًا لتغلغل محاور غير منسجمة مع الأمن الجزائري، في ظل انسحاب فرنسي وتقدم إماراتي– مغربي مثير للقلق.

صراع مشاريع لا حدود
التوتر مع المغرب ليس ظرفيّا، بل هو انعكاس لتصادم مشروعين: الأول سيادي قومي تقوده الجزائر، والثاني تطبيعي استراتيجي ترعاه الرباط بالشراكة مع الكيان الصهيوني والخليج. هنا لا تكفي المواقف الرمزية، بل يجب أن تمتلك الجزائر أدوات تفوُّق ناعم وصلب معا: من الإعلام إلى التكنولوجيات السيادية، ومن الاقتصاد إلى التموقع في المؤسسات القارية والدولية.
من التطبيع إلى التسلّح إلى سباق النفوذ الإفريقي، بات واضحًا أن الصراع مع الرباط يتجاوز الملفات الثنائية، ويصل إلى تعريف من يقود المنطقة.

خصوم الجزائر لا يطرقون الأبواب
لم تعد الحروب تُشنّ بالسلاح فقط. اليوم، يتحرك خصوم الجزائر عبر أدوات التأثير غير المباشر: حملات تشويه إعلامي مركّزة، وتجنيد لوبيات ضغط في أوروبا وأمريكا، وتوظيف منصات التواصل لنشر الإشاعات وهندسة الرأي العامّ، واختراقات سيبرانية تستهدف المؤسسات الوطنية.
هذه التهديدات تتطلب جهاز تفكير استراتيجيا عابرا للتخصصات، يجمع بين الأمني والتقني، والدبلوماسي والإعلامي، الوطني والدولي.
في عصر “الهجوم الصامت”، صارت الجغرافيا الرقمية ساحة حرب موازية، والفضاءات الزرقاء تغصّ بأدوات تضليل وتفكيك وتهييج. الجزائر اليوم هدف لحملات منهجية: من تشويه الدبلوماسية، إلى اختراقات سيبرانية تستهدف مؤسسات الدولة، إلى وسائط ضغط تحاول عزل البلاد عن شراكاتها الناشئة.

هل تجاوزتنا اللحظة؟
التحولات الجيوسياسية لا تنتظر المترددين. الزمن الحالي ليس زمن تأمل، بل زمن قرارات كبرى. كما أن التاريخ لا يرحم من ظلّ مترددًا حين اشتعلت المنطقة بالنار.
الجزائر لا تملك ترف الانتظار، بل تملك فرصة تاريخية لصياغة عقيدة استراتيجية جديدة، تدمج الأمن بالاقتصاد، والسيادة بالتحول الرقمي، وتمنحها موقع “الدولة القائدة” لا “المرتبطة”.

هل تملك الجزائر منظومة تفكير استراتيجي متكاملة؟
المشكلة ليست في غياب الموارد، بل في غياب التوظيف الأمثل. ويجمع الباحثون على أن غياب “غرف تفكير سيادية” تستبق الأزمات وتبني سيناريوهات هو أحد أبرز نواقص الإدارة الإستراتيجية في الجزائر. يقول أحد الخبراء:
“لدينا الأمن والغاز والجيش والتعليم… لكن لا نملك بعد وحدةً موحدة ترسم خارطة طريق لما بعد عشر سنوات.”

هندسة إستراتيجية كبرى
تتجلى أهمية هندسة استراتيجية كبرى للجزائر في كونها الوسيلة الأهم لتحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة في آن واحد؛ فبدون رؤية واضحة وشاملة تأخذ بعين الاعتبار المتغيرات المحلية والإقليمية والدولية، ستظل السياسات الجزئية مجرد حلول مؤقتة لا ترتقي لمستوى التحديات التي تواجه البلاد.

المشكلة ليست في غياب الموارد، بل في غياب التوظيف الأمثل. ويجمع الباحثون على أن غياب “غرف تفكير سيادية” تستبق الأزمات وتبني سيناريوهات هو أحد أبرز نواقص الإدارة الإستراتيجية في الجزائر. يقول أحد الخبراء:
“لدينا الأمن والغاز والجيش والتعليم… لكن لا نملك بعد وحدةً موحدة ترسم خارطة طريق لما بعد عشر سنوات.”

الهندسة الإستراتيجية تمكّن الجزائر من توحيد الجهود الوطنية، وتنسيق القطاعات المختلفة، وصياغة خارطة طريق متكاملة تتناول القضايا الاقتصادية، والأمنية، والاجتماعية، والدبلوماسية بشكل متوازن. كما تعزز القدرة على التعامل بمرونة مع الأزمات المستقبلية، وتطوير آليات مبتكرة لتحويل التحديات إلى فرص.
في النهاية، تشكّل هذه الإستراتيجية الكبرى حجر الزاوية في إعادة بناء ثقة المواطن بالدولة، وترسيخ مكانة الجزائر كفاعل مؤثر في محيطها الإقليمي والعالمي، مما يفتح آفاقًا جديدة للمستقبل.

استراتيجية وطنية كبرى متكاملة
إن بناء استراتيجية وطنية كبرى يتطلب مقاربة منهجية ومدروسة ترتكز على مجموعة من المبادئ والخطوات الحاسمة، تضمن تحقيق رؤية واضحة وقابلة للتنفيذ على أرض الواقع.
1. التحليل الشامل للبيئة الداخلية والخارجية:
يبدأ أي مشروع استراتيجي بفهم عميق للواقع المحلي والإقليمي والدولي، عبر تحليل نقاط القوة والضعف، والفرص والتهديدات التي تواجه الجزائر. هذا التحليل يتيح معرفة العوامل المؤثرة في السياسة والاقتصاد والأمن، ويمكّن من رسم سيناريوهات مستقبلية متعددة.
2. تحديد الأهداف الوطنية بعيدة المدى:
يجب صياغة أهداف واضحة ومحددة تستجيب لتطلعات الشعب وتراعي المصالح الوطنية العليا. الأهداف ينبغي أن تغطي مختلف القطاعات الحيوية مثل التنمية الاقتصادية، والأمن القومي، والتنمية الاجتماعية، والسياسة الخارجية.
3. توحيد الرؤية الوطنية:
خلق توافق وطني حول رؤية موحدة يساعد على تجميع القوى السياسية والاجتماعية حول أهداف مشتركة، مما يعزز من فعالية تطبيق الإستراتيجية ويقلل من التشتت.
4. وضع خطط تنفيذية مرنة:
يجب أن تكون الخطط التنفيذية قابلة للتعديل وفق المتغيرات الطارئة، مع تحديد أدوار واضحة للجهات المعنية وآليات متابعة وتقييم مستمرة لضمان التقدم وتحقيق النتائج المرجوة.
5. التركيز على التنمية المستدامة والتنوع الاقتصادي:
تعتبر التنمية الاقتصادية المستدامة وتنوع مصادر الدخل من أهم ركائز الإستراتيجية، لتقليل الاعتماد على النفط والغاز، وتطوير قطاعات جديدة مثل الصناعة، والزراعة، والسياحة.
6. تعزيز الأمن الوطني والإقليمي:
تأمين البلاد من التهديدات الداخلية والخارجية، وتطوير قدرات الدفاع الوطني، مع الانخراط الفاعل في مبادرات التعاون الإقليمي والدولي التي تدعم الاستقرار.
7. الاستثمار في الإنسان والتعليم والابتكار:
تنمية رأس المال البشري من خلال التعليم والتدريب والبحث العلمي تعتبر ركيزة أساسية لتطوير الاقتصاد وتحقيق التحوُّل الاجتماعي.

هل العدو في الداخل؟
حتَّى أنضجُ الخطط قد تنهار أمام بيروقراطية متهالكة، أو صراع نخبوي، أو تعويم في القرار. أبرز ما يعوق التحول الجزائري هو جمود الإدارة وفقدان التنسيق بين المؤسسات، وتصادم المصالح السياسية على حساب المصلحة الوطنية، وضعف مشاركة القطاع الخاص والمجتمع المدني، وهشاشة في البنية التحتية لمواكبة عالم رقمي سريع، وتقلُّب الأسواق الخارجية وتحديات الطاقة، قصور في استيعاب النخبة لتحديات الأمن الهجين.

كيف نُعيد هندسة الجزائر الكبرى؟
في ظل متغيرات العالم السريعة وتعقيدات الواقع الجزائري، لم يعد من خيار أمام بلادنا سوى العمل على هندسة استراتيجية كبرى شاملة، تُعيد بناء الدولة من الداخل وتُعزز مكانتها الإقليمية والدولية. وهذه الإستراتيجية ليست مجرَّد خطة نظرية، بل هي ضرورة حتمية تمليها تحديات الحاضر وطموحات المستقبل.
من هنا، يجب أن تُعطى الأولوية لوضع رؤية وطنية متكاملة، تستند إلى تحليل عميق وموضوعي للواقع، وتشرك جميع القوى السياسية والاجتماعية والاقتصادية، مع اعتماد آليات تنفيذ مرنة وشفافة تسمح بالتكيُّف مع المستجدات.
وتشمل التوصيات الأساسية: فتح الفضاء الجامعي والبحثي لتغذية المؤسسات التنفيذية بالمقترحات، وإشراك الشباب في صياغة الرؤية الوطنية لا كمستهلكين بل كصنّاع قرار، وتسخير الإعلام العمومي والخاصّ لبناء سردية سيادية لا دعائية، وتطوير بنية استخبارات مفتوحة (OSINT) لمواجهة حروب البيانات. وأخيرا، تحويل القطاعات الإنتاجية إلى قاطرة للسيادة الاقتصادية بدل الريع.

الجزائر بين خيارين
لم تعد الجزائر تملك ترف الانتظار. الزمن الحالي يستدعي قرارًا سياديًّا بإطلاق إستراتيجية كبرى جامعة، وعابرة للقطاعات، وقابلة للتنفيذ والتعديل والمساءلة.

الفرصة التاريخية لا تعوَّض، واللحظة الحالية قد لا تعود.
بين الشك واليقين، بين الحذر والحسم، تُكتب اليوم فصول جزائر جديدة. جزائر لم تعد تسأل فقط “كيف نحمي أنفسنا؟”، بل تسأل: “كيف نصوغ مستقبلًا يليق بنا؟”. ولأننا لا نملك رفاهية أن نُقاد، فإمَّا أن نُبدع طريقنا، أو نفقد بوصلتنا وسط خرائط العالم التي يُعاد رسمُها من جديد.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!