-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الجزائر.. غصّة الصهاينة وفرنسا والاستعمار

الجزائر.. غصّة الصهاينة وفرنسا والاستعمار

في كل محطات تاريخها المعاصر، كانت الجزائر في المقدمة عندما يتعلق الموقف بالدفاع عن مصالح الشعوب العربيّة والإفريقية والجنوبية بتعبير آخر، ما جعلها دوما في خطوط التصدي الساخنة لمواجهة القوى الاستعماريّة والامبريالية، وليس ذلك غريبًا عنها؛ فهي دولة وُلدت من رحم الجهاد عبر تاريخ طويل من الحروب الضارية ضد الغزاة الصليبيين، وآخرهم الاحتلال الفرنسي البغيض.

إنّ ما يقوده الرئيس عبد المجيد تبون منذ اعتلائه سدة الحكم، على صعيد السياسة الخارجية، يعدُّ إحياء عمليّا لرسالة الجزائر الإنسانية ودورها الفعّال في الدفاع عن الشعوب المستضعفة، تناغمًا مع قيم ثورة نوفمبر المجيدة في أبعادها الحضاريّة الرافضة لاستغلال الإنسان، وهو ما عبّر عنه صراحة رئيس الجمهورية، في اجتماع لجنة الـ10 للاتحاد الإفريقي، المكلّفة بملف إصلاح مجلس الأمن، السبت، بأديس أبابا، قائلا: “سنواصل العمل بدون هوادة من أجل إعلاء صوت القارة ومطالبها المشروعة ولمعالجة الظلم التاريخي الذي تعرّضت له قارتنا الإفريقية”.

وجاء تأكيد الرئيس تبون في سياق تجديد العزم على تمكين إفريقيا من حقّها المشروع في مستوى العضوية بمجلس الأمن، عبر تمثيلها بمقعدين دائمين، ورفع حصَّتها الأخرى إلى 5 مقاعد غير دائمة، لتكون الهيئة الدولية الأسمى أكثر عدلا وتوازنا.

وتأتي مرافعة الجزائر لأجل القارة موازاة مع نجاحها مرة أخرى في قطع الطريق أمام الكيان الصهيوني في التغلغل في مؤسسات الاتحاد الإفريقي، بمناسبة انعقاد أشغال القمة، بعد ما تسلّل سفير دولة الاحتلال، مرفقًا بممثلة وزارة خارجيته إلى القاعة، قبل وقوف الدبلوماسية الجزائرية بالمرصاد والضغط على رئاسة المفوضية لطرد الوفد الصهيوني، بعد ما سبق لها إلغاء دعوة موجهة إليه، من أجل حضور جلسة الافتتاح، وهي الحقيقة المرّة التي اضطرّت “إسرائيل” للبوح بها على مضض و”توعّد” أعدائها.

حدث كل ذلك، بينما كان رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد اشتية، ينتصب شامخا فوق المنصَّة الرئيسية، قبالة القادة الأفارقة لإلقاء خطابه، في رسالة مفادها أنّ القارّة تقف إلى جانب الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرُّف، وهو اليوم يسير على الدرب التحرّري ذاته الذي سلكته قبل نصف قرن.

ولا يمكن اعتبار تولّي الجزائر مهمّة الدفاع عن إفريقيا عملا معزولا، بل هو نهجها الثابت على نطاق أوسع، فقد سعت منذ سنوات إلى إصلاح الجامعة العربية في هياكلها وآليات عملها، وبذلت وُسعها خلال القمة الأخيرة ليكون المشروع ضمن الملفات الرئيسة لأجندة القادة العرب، ناهيك عن تبنّيها بقوّة لإصلاح مؤسساتي للنهوض بالعمل الإفريقي المشترك و”مواكبة التغيّرات الدولية المتسارعة، لتمكين الاتحاد الإفريقي من الاضطلاع بمهامه على أكمل وجه”.

ولا يزال العالم يستحضر خطاب الزعيم الراحل، هواري بومدين، بالأمم المتحدة عام 1974، ضد كل أنواع الاستغلال والحيف الاجتماعي والدعوة إلى ”نظام اقتصادي دولي جديد”، كونه السبيل الوحيدة لإرساء تعاون حقيقي.

إنّ قادة الجزائر الوطنيين، لا يزالون على عهد شهدائها الأبرار، ومثلما كانت ثورة بلادهم المثل الأعلى لحركات التحرر في كل قارات العالم لنيل استقلالها بالقوّة، حتّى نطق الزعيم الثوري الإفريقي، اميلكال كابرال، بمقولته الشهيرة “إذا كانت مكة قبلة المسلمين والفاتيكان قبلة المسيحيين، فإنّ الجزائر تبقى قبلة الثوار”، ها هم اليوم يخوضون المعركة الشريفة ذاتها ضد بقايا الاستعمار في الصحراء الغربية وفلسطين ويستنفرون شعوب إفريقيا ونُخبها الحاكمة للتعامل بنديّة وسياديّة مع المستعمرين القدامى منهم والجدد، حتى تتحرّر بلدانهم من التبعيّة السياسية والثقافية والاقتصادية، وتبقى الخيرات والثروات لأهلها الأصليين، وليس خافيًا عن أحد أنّ موجة العداء الإفريقي، خاصة في الأوساط الشبابيّة، ضدّ فرنسا على وجه التحديد، هي من تجليات هذا الوعي الجديد المتنامي في ربوع القارة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!