-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
أنعش نشاط الوكالات السياحية وبات يستقطب العائلات والموظفين

“الروندوني”.. مغامرات في قلب الغابات تستهوي الجزائريين

راضية مرباح
  • 1307
  • 0
“الروندوني”.. مغامرات في قلب الغابات تستهوي الجزائريين
ح.م

راجت مؤخرا بين الكثير من الشباب، هواية “الروندوني” أو المشي بين ذراعي الطبيعية والغابات والمناطق الجبلية المرتفعة، بهدف استكشاف ما تخفيه الرئة التي نتنفس منها، فلم تعد هذه الرياضة تقتصر على فئة معينة أو منطقة قريبة من البحر والمدن كما روج لها في بادئ الأمر، بل وصل مبلغ محبيها إلى غاية التغلغل في قلب الغابات بالسير لكيلومترات طويلة وبالمرتفعات التي تزيد عن الألف متر علوا لاكتشاف كل خباياها في ظل الأمن والاستقرار الذي يميز كل ربوع الوطن.
شق “الروندوني” طريقه بين الجزائريين خلال السنوات الأخيرة، ضمن خرجات جماعية منظمة من طرف محبي هذه الرياضة، باتجاه مواقع وغابات قريبة من الطرقات والمدن كانطلاقة لمغامراتهم واستكشافاتهم، امتدت ومع مرور الوقت إلى خرجات سياحية، منظمة من طرف وكالات سياحية، تتسابق لامتصاص أكبر عدد من المشاركين من محبي السير بين أرجاء الطبيعة داخل الوطن وبالغابات الأكثر رواجا.. وإن كان البعض الآخر يفضل التخييم البري، حيث يلجأ هؤلاء إلى اقتناء خيم وتنصيبها بقلب الغابات حتى في الأيام المثلجة من دون ملل أو خوف من خبايا الغابات في الليالي المظلمة.

وكالات سياحية تنتعش من “الروندوني”


جعلت الكثير من الوكالات السياحية من “الروندوني”، نشاطا جديدا لإنعاش مداخيلها، حيث لجا أصحابها إلى التفكير في نشاطات للترويج للسياحة الداخلية، من خلال إطلاق رحلات وجولات سيرا على الأقدام بمختلف الغابات التي يكثر عليها الطلب، وتعرض عبر صفحاتها أرقام هواتفها للتسجيل وتوقيت الرحلة بالإضافة لموقع التجمع قبل ركوب الحافلة، فيما تعرض الوكالات المبالغ التي عادة ما تتراوح ما بين 1000 إلى 1700 دينار للشخص الواحد حسب كل وكالة والوجهة التي يكون اغلبها ما بين تيكجدة، الشريعة، غابة المداد بثنية الحد والكثير من المواقع الأخرى المشهورة ذات الطبيعة الخلابة كالتي تتوفر على البحيرات والشلالات وغيرها.. وقال مسير وكالة “ترافل تور”، أن عروضهم الخاصة برياضة السير المعروفة بـ”الروندوني” في الطبيعة، تعرف تزايدا في الفترة الأخيرة، حيث تحولت إلى ما يشبه موضة حقيقية، حيث تتسابق كل الوكالات عبر الوطن لجلب أحسن العروض لامتصاص الزبائن ضمن سياحة داخلية بامتياز.
وأشار المتحدث، أن الكثير من الوكالات تسارع الزمن من اجل استقطاب اكبر عدد من الرحلات، خاصة خلال الفترة الشتوية وتزامنا مع سقوط الثلوج التي تضفي –حسبه -على الطبيعة جوا استثنائيا قلّما يتكرر في الجزائر، ما يتطلب استغلال الفرصة لاسترجاع ما ضاع منهم خلال سنوات كورونا التي أحالتهم على البطالة التقنية.

جمعيات ونوادي جديدة تروج للسياحة الجبلية
المتصفح لمواقع التواصل الاجتماعي، يمكن له اختيار أي جمعية أو ناد مختص في تقديم رحلات وخرجات استكشافية سيرا على الأقدام بالطبيعة العذراء، فنقر زر واحد فقط يمكن التواصل مع أي قائم على هذه النوادي للتواصل معه وحجز مكان بالرحلة باختيار تلك القريبة من ولايته، حيث أظهر البحث عن وجود العشرات منها مثل “نادي نونو للرياضات الجبلية”، “كلوب المغامرات لوهران”، “تايم افونتور”، “ذو نوماد كلوب”، “فوناك افونتوريي”.. “حبايب العفرون” التي تعتبر من بين الجمعيات التي راج صيتها في الآونة الأخيرة في منطقة الوسط وبالتحديد بالعفرون في ولاية البليدة، لرئيسها سفيان بن عودة الذي بدا عليه الحماس وهو يتحدث عن جمعيته المهتمة بمختلف النشاطات الترفيهية وعلى رأسها “الروندوني” الذي أكد بشأنه، انه أحسن رياضة تساهم في إفراغ الطاقة السلبية وتمنح نشوة لا يستطيع إيصال إحساسها إلا لمن جرب هذه المتعة.

وجهة عشاق الشلالات.. البحيرات والوديان وزقزقة العصافير


ولعل أكثر ما رفع من مردود الرحلات والرفع من عددها، هي الاستكشافات الطبيعية الخيالية وفي مقدمتها الشلالات والبحيرات والوديان، في صور ومشاهد لا يمكن رؤيتها إلا بالأفلام والأشرطة الوثائقية، خاصة لأولئك الذين يبحثون عن متعة مشاهدة البحيرات التي تتجمد في مثل هذه المرحلة من الشتاء بفعل الجليد والرطوبة، تزامنا مع انخفاض في درجة الحرارة، وتشير الكثير من الآراء التي استقتها “الشروق”، أن اغلب الرحلات الحالية، يختار زوارها قضاء أوقات طويلة قرب المناطق الرطبة أو الشلالات والبحيرات حتى أن أوقات الغداء وأخذ وقت من الراحة والصور التذكارية، يختارها هؤلاء أن تكون قرب الوديان وخرير مياه والشلالات المتدفقة.. عشاق الهدوء والنسيم المنعش النقي، هم الآخرون يجدون ضالتهم بمثل هذه المواقع، ولأن السير بين الأدغال والروائح الزكية لأشجار الأرز الأطلسي والكاليتوس وغيرها من النباتات النادرة، تشجع على التنفس الجيد، ويجد البعض الآخر هدوء الطبيعة وزقزقة العصافير بمثابة الموسيقى الربانية الأجمل على الإطلاق لإطراب مسامعهم.

السير أكثر من 20 كلم وبلوغ مرتفعات تفوق 1700 متر
“حبايب العفرون” التي تعد من أكثر الجمعيات نشاطا في مجال “الروندوني” وكل ما يخص الترفيه الشباني، يقول رئيسها سفيان بن عودة في تصريح لـ”الشروق”، أن انطلاقاتهم الأولى كانت منذ القديم، حيث كان يشكل مجموعة من الأصدقاء وأفراد من عائلته لبلوغ جولات استكشافية باتجاه الغابات والمرتفعات، وأردف بالقول أن الرياضة هذه التي تعد قديمة بالنسبة إليهم، عرفت رواجا خلال هذه السنوات بسبب تعطش الشباب لمثل هذه الخرجات التي ترفع من نسبة الطاقة الإيجابية في النفوس لما تمنحه تلك المناطق من مشاهد تعكس الهدوء وتبعث الراحة بألوانها ومكوناتها.. يقول المتحدث وكله حماس الشباب في العشرينيات من العمر، أن سيرهم بالمرتفعات بلغ علو ما يفوق 1700 متر، فيما يتمكن هؤلاء من بلوغ أكثر من 20 كلم سيرا على الأقدام بدون ملل أو كلل في سبيل التمتع بأجمل المشاهد الطبيعية التي لا يتم العثور عليها في خضم الحياة المتسارعة بالمدن.

المداد، تيكجدة، شريعة، سرايدي.. جنة فوق الأرض
تؤكد مختلف التصريحات التي استقتها “الشروق”، من بعض الوكالات السياحية، أن أكثر المناطق رواجا ومطلبا من طرف الزبائن، هي الغابات المحمية ذات الطابع العائلي أو تلك التي بها مسالك ومرشدين وتضمن الأمن لزوارها، شأن غابة المداد المحمية بثنية الحد ولاية تيسمسيلت، حيث يصفها كل من زارها بأنها جنة فوق الأرض، والتي تغنى بشأنها السيد بن عودة رئيس جمعية “حبايب العفرون” حين قال: “المنطقة خارقة للعادة، نختارها خلال خرجاتنا، لأنها تضمن الأمن ولا يمكن أن نتوه، لأنها تضمن مرشدا يسير معنا في كل اتجاه”، وأضاف المتحدث أن كل خرجاتهم تكون رفقة مرشد في كل المواقع التي اختاروها سواء بالشمال أو الجنوب حتى أن سيرهم وصل إلى غاية مرتفعات الأسكرام بأقصى الجنوب بعلو فاق 3000 متر، واصفا المنطقة بجنة اخرى، تضمن مناظر مغايرة عن الشمال، دونتها الجمعية بصفحتها للترويج للسياحة الجزائرية، وهي الصور التي لقت استحسان المغتربين -كما قال- بعد ما تلقى دعوات صداقة ودردشات مع بعضهم لاصطحابهم إلى تلك المواقع الطبيعية فور وصولهم إلى أرض الوطن.
مواقع أخرى لا تخلو من المناظر الطبيعية عن المداد مثل تيكجدة بالبويرة وغابات الشريعة بالبليدة فضلا عن سرايدي في عنابة، حيث تشير آراء أصحاب النوادي ووكالات السياحة، أنها من أكثر المواقع طلبا لما تضمنه من الراحة والأمان واللوحات الطبيعية التي تترك النفس تتأمل في براعة الخالق.

التخييم البري.. هواية أخرى تدخل قاموس الترفيه النفسي
يتزايد محبو التخييم البري، عددا خلال الفترة الأخيرة بالجزائر، حيث شقت الهواية طريقها إلى الكثير من محبي الهدوء والطبيعة لاسيما مع انتشار عدد من المحلات التي تعرض المعدات والمستلزمات المستعملة في التخييم، شأن أفران الطبخ، الموائد والكراسي، الخيم، الفؤوس، المناشير لقطع الأغصان، الأفرشة، الأواني، النظارات، الألبسة والأحذية الخاصة بالسير في الجبال، الحبال، أجهزة الإنارة وغيرها.. ولعل ما يقدمه كل من مولود ومحمد ومجموعات أخرى، من صور وفيديوهات بصفحاتهم عبر الفايسبوك عن كل خرجاتهم وتخييمهم وسط الغابات، لدليل على الفرجة التي يمنحها هؤلاء لأنفسهم ومتابعيهم، يعرضون من خلال ذلك الأوقات التي يقضونها بتلك المواقع انطلاقا من تنصيبهم للخيم، وتقطيع أغصان الأشجار وفترات إشعال النيران داخل فرن الطهي والتجول بقلب الأدغال، ثم النوم داخل الخيم تحت زخات المطر ومن ثم الاستيقاظ في اليوم الموالي وهلم جرا، ضمن حياة خرافية لا يجدها إلا من استمتع بها سواء في الصيف او فترات الشتاء.
ويقول محمد عبر حسابه الخاص، أن التخييم هو المكان الوحيد الذي يلقى فيه راحته بعيدا عن فوضى الحياة العادية وروتينها الممل، كما انه تمكن من وضع خيمته على علو 2000 متر في جود بارد في مرتفعات شيليا بولاية خنشلة، كما تحدث عن تعلمه للطبخ في التخييم وعن تعرضهم لهجوم الخنازير ليلا وغيرها من المغامرات التي تتطلب من محبي “الخلوي” تجربتها على أرض الواقع لاستشعار حلاوتها.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!