-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
بسبب "تنبؤات الفايس بوك" والاعتماد المفرط على الدروس الخصوصية

الفلسفة “تبكي” الأدبيين.. وإغماءات في اليوم الثالث من البكالوريا

نشيدة قوادري
  • 6313
  • 0
الفلسفة “تبكي” الأدبيين.. وإغماءات في اليوم الثالث من البكالوريا
ح.م

شهدت، مراكز الإجراء في اليوم الثالث من امتحان شهادة البكالوريا لهذه الدورة، حالة استثنائية من التوتر والفوضى، خاصة في صفوف مترشحي شعبة الآداب والفلسفة، وذلك مباشرة عقب توزيع مواضيع الاختبار في مادة الفلسفة، حيث سُجّلت حالات إغماء وبكاء هستيري داخل بعض قاعات الامتحان، بسبب طبيعة الأسئلة والتي وصفوها بالصادمة وغير المتوقعة، ليس لورودها صعبة أو تعجيزية، وإنما لأنها جاءت بعيدة كل البعد عن توقعات وتنبؤات “الفايس بوك”، ووردت غير مطابقة لقائمة الأسئلة المرشحة لهم من قبل أساتذة الدروس الخصوصية.
وهو الأمر، الذي يستدعي ضرورة التحول من ثقافة “التوقعات” إلى ثقافة “التحليل والفهم”، من أجل بناء تلميذ مفكر، لا حافظ وفقط.
وأكد، عدد من المترشحين، على أن المواضيع كانت غير متوقعة وصعبة للغاية، مشيرين إلى أنها لم تُراعِ ما تم تدريسه فعليًا في الأقسام على حد قولهم، بل ارتكزت على مكتسبات سابقة ومفاهيم فلسفية، تتطلب قدرًا كبيرًا من التحليل العميق، ما وضعهم في موقف حرج.
كما أشار البعض الآخر إلى أن بعض الدروس لم يتم التطرق إليها أصلاً، مما أجّج مشاعر الغضب والارتباك بساحات المراكز، حيث دخل ممتحنون في نوبات بكاء شديدة للتعبير عن صدمتهم من طبيعة المواضيع.

اسئلة التسيير المحاسبي.. تربك مترشحي التسيير والاقتصاد
وإلى ذلك، أوضحت مصادر “الشروق”، بأن شعبة الآداب والفلسفة لم تكن وحدها في قفص الاتهام، بل سادت حالة من التذمر والقلق أيضًا في بعض شعب التسيير والاقتصاد، خاصة في شعبتي التسيير المالي والمحاسبي، لكن بدرجة أقل. في المقابل، عبّر مترشحو ثلاث شعب ويتعلق الأمر باللغات الأجنبية، والتقني رياضي، وكذا العلوم التجريبية، عن ارتياح نسبي لمواضيع المواد التي وقع اختيارهم عليها، برغم صعوبتها في بعض الجوانب.
وفي محاولة لامتصاص الغضب، لفتت مصادرنا إلى تدخل رؤساء المراكز لتهدئة الأوضاع، خصوصًا بعد محاولة بعض التلاميذ إثارة الفوضى والمطالبة بإلغاء الامتحان، ورفض استئناف الإجراء، فيما شوهد مترشحون يخرجون إلى ساحات المراكز وهم في حالة انهيار نفسي، ما استدعى تدخل الطواقم الطبية وبعض الأساتذة المرافقين للتقرب من المعنيين والتحدث معهم لرفع معنوياتهم وإقناعهم بأهمية التركيز والاجتهاد في الإجابة.
وفي هذا الإطار، أكدت ذات المصادر على أن ثقافة الاعتماد على التوقعات والمواضيع التي تنشر على مواقع التواصل الاجتماعي، قد صارت تُسيطر على فكر الكثير من المترشحين، خاصة في شعبتي الآداب والفلسفة، حيث يعمد بعض الأساتذة في الدروس الخصوصية إلى تقديم “قائمة مرشحة” من المواضيع، مما يجعل التلاميذ يركنون إلى الحفظ الانتقائي، ويتخلّون عن فهم المنهج الكامل، الأمر الذي فاجأهم هذا العام، ونسف بذلك كل التنبؤات، ما شكّل صدمة جماعية لديهم.

المواضيع ليست تعجيزية.. وفي صميم الإشكال الفلسفي
وفيما يتعلق، بآراء المختصين والخبراء حول طبيعة الأسئلة، فقد صرّح الأستاذ “زهير.م” مفتش لمادة الفلسفة، في تصريح لـ”الشروق”، أن “الموضوع لم يكن تعجيزيا، بل كان في صميم الإشكال الفلسفي المطلوب من مترشحي شعبة الآداب والفلسفة، لكن أغلبهم وقعوا في فخ الحفظ الجاهز من الدروس الخصوصية، من دون التمرس على بناء الحجج أو ممارسة التفكير النقدي”.
ومن جهتها، دعت الأستاذة نادية ساري، خبيرة في تقنيات التقويم التربوي، في تصريح لـ”الشروق”، إلى أهمية إعادة التفكير في العلاقة بين البرامج الرسمية والمرافقة الخارجية، وأشارت إلى أن “البرامج تدرّس بنسق معيّن في المؤسسات التربوية، بينما تختزل خارجها في ملخصات وانتقاءات تفقدها عمقها البيداغوجي”.
وأما الدكتور عبد الرزاق بن حنيفة، أستاذ علم النفس التربوي بجامعة الجزائر، يرى أن ما حدث في اختبار مادة الفلسفة في بعض مراكز الامتحان، ودخول تلاميذ في نوبة بكاء بسبب الأسئلة، هو نتيجة “تراكمات سلوكية ومعرفية”، ناتجة عن الاعتماد المفرط على الدروس الخصوصية، والثقة العمياء في التوقعات، وأكد في تصريح لـ”الشروق”، على أن “الانهيار النفسي عند التلاميذ مؤشر على هشاشة التحضير العاطفي والتربوي، لا المعرفي فقط”.
وفي الجانب الاجتماعي، أشار الأخصائي الاجتماعي الدكتور فريد طيفور، في تصريح لـ”الشروق”، إلى أن “ظاهرة البكاء الجماعي وافتعال الفوضى ليست مجرد انفعالات، بل رسائل مشفّرة تعكس الخوف من الفشل وغياب ثقافة التعامل مع المفاجأة”، وأضاف بأن “الأسر والمدارس مطالبة بتعليم التلاميذ مهارة التكيّف، وليس فقط اجتياز الامتحان”.

طرائف وكواليس من اليوم الثالث:
ـ أحد المترشحين في شعبة الآداب بمركز بالعاصمة، بعد ما تصفح ورقة الأسئلة، صرخ بأعلى صوته: «هادي راهي إنجليزية ولا فلسفة؟»، ثم ألقى القلم وطلب الماء البارد ليكمل الامتحان.
ـ وبمركز “محمد العيد آل خليفة”، نسي تلميذ اسمه في خانة الإجابة، وكتب بدلا من ذلك: “لا تعليق، الموضوع خرّجني من رأسي!”.
ـ مترشحة في شعبة التسيير، وبينما كانت تجيب على موضوع المحاسبة، سألت المراقب بصوت خافت: «أليس من الأفضل أن أصبح مغنية؟»، ما أثار موجة ضحك داخل قاعة الامتحان.
وفي مركز بولاية ساحلية، دخل مترشح إلى القاعة متأخرا بعد الوقت المحدّد ليقصى رسميا، وترددت جملته الشهيرة في الساحة: «نمت على الفلسفة، وصحيت على الاستبعاد”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!