الكذب المباح يستر الخيانة والخداع

يمتلك كثيرون مفهوما خاطئا عن الكذب المباح، ولو أن أمور الدين واضحة مضبوطة ومفسرة، تحتاج فقط إلى القليل من الاجتهاد والتفقه. فنجد البعض يستخدم الكذب مع الشريك، لخداعه وتضليله، وآخر يستخدم ما يسميه كذبا مباحا، لإخفاء جرم خيانته، أو الهرب من مآزقه وتجاوزاته، بقصص خيالية وأحداث مخترعة.
عندما تنكسر الصورة بدل أن تهتز
يستخدم الرجال والنساء، على حد سواء، الكذب في العلاقة الزوجية، لاعتقادهم أن أي كذبة من المرأة على زوجها، أو العكس، تعتبر مباحة، لا تحاسب عليها. فجأة، وبما أن حبل الكذب قصير، قد يكتشف الطرف الآخر ذلك، فتكون النتيجة أبشع بكثير مقارنة بالاعتراف الأول وقول الحقيقة. هو ما واجهته سناء، حين اعتادت الكذب على زوجها، حول مشاويرها ونفقاتها، تقول: “لسنوات، كنت أنفق على أهلي من ماله الوافر. لم يلاحظ ذلك. فكلما سألني، اختلقت له قصة أو ضخمت له قيمة المشتريات. وثق بي طويلا، حتى فضحني إخوتي تدريجيا.. أصبح زوجي يحاسبني على الدينار، فيم أنفقته؟ ويمنعني من الخروج للتسوق، أو أي مشوار آخر إلا بمعيته. كان وقع الكذب ثقيلا على قلبه. ففي حين، كنت أرجو ألا تهتز صورتي في نظره، بمعرفة الحقيقة مني، توصل إليها بمفرده”.
الكذب المباح على لسان الخائن.. غلطة أخرى تضاف إلى تجاوزاته
يحتجب البعض خلف حجج ومبررات واهية، وكذبات يعتبرونها بيضاء، لإخفاء سلوكيات سوداء. غير أن الفضيحة تلازم الخائن دائما. تقول صوريا، 34 سنة: “واجهت زوجي بالدلائل، عندما اكتشفت خيانته لي، عبر تطبيق فايبر. ولكنه، ظل ينكر، حتى أجبرته
على القسم.. لم يتردد في ذلك، ليبرئ نفسه. وثقت به، بعدما تدخل بيننا مصلحون، وكذبوا علي أيضا. ومرت بضع سنوات أخرى، لأكتشف أن زوجي يخونني ثانية. عندما واجهته، هذه المرة، وكنت مصرة على الانفصال، اعترف بأنه يكذب في كل مرة يخطئ في حقي، لأنه لاحظ أني أثق به. ولخوفه من أن يخسرني أو يفقد ثقتي.. برر كذبه عن الخيانة والتصرفات اللاأخلاقية، بأن النبي- صلى الله عليه وسلم- كان يرخص الكذب في حديث الرجل إلى امرأته، والمرأة إلى زوجها، والإصلاح بين الناس. أعتقد أنه يخطئ فهم الموضوع”.
صادق مع الناس كاذب مع زوجتي
يقول رياض، 41 سنة: “أنا شخص صادق مع الجميع، وملتزم في تعاملاتي. والكل يشهد لي بذلك. لكني، أعترف بأن الكذب هو الوسيلة الوحيدة التي تنجيني من الأزمات مع زوجتي. تسألني أحيانا، إن كنت معجبا بمظهرها، فأحلف لها كذبا على أنها تبدو كأميرات ديزني. وتستفسر عن مشاعري، فأخبرها أني لم أحب امرأة مثلها، وأنها في عيني أجمل النساء.. وربما، هذا، ما يزيد في عمر زواجنا، ويجعله
ناجحا..”. يضيف رياض: “زواجنا تقليدي، وبعد مرور 4 سنوات عليه، لا أزال أراها عادية جدا، وغير مبهرة، ومشاعري تجاهها محدودة، لكني أرتجي الاستقرار الأسري بكذبي عليها، لعلمي أنه مباح، حتى إني أتفادى غضبها، فلا أقدم لها الحقيقة عن بعض سفراتي وعملي، بمشاركة النساء، وحتى عن مداخيلي فيم أنفقها”.
هل تبرر الوسيلة غاية المخادع؟
تتساءل حفصة كيف يرى زوجها أن كذبه مباح، ولن يحاسب عليه، وهو يستمر في خداعها به؟ “حصلت صدفة على كشف راتبه، الذي أضاعه، واكتشفت أنه ظل يكذب علي ثماني سنوات متتالية، بأخذه نصف المبلغ، حتى أساعده في نفقات المنزل وتسديد الإيجار من مداخيل مشروعي، كان يدخر الباقي ويحلف على أن الراتب قد نفد، منذ أول أسابيع الشهر..” عندما واجهت حفصة زوجها، اعترف لها، ربما كاذبا، مجددا، قائلا إنه خشي أن تطلب الطلاق إذا اكتشفت أنه يدخر لتسديد ديونه السابقة، فلم يرد إفساد العلاقة بوجود طفلين.