-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

اللباس التقليدي العنابي.. رموز الدلالة وسر اللفة والقاط

ك. فاروق
  • 890
  • 0
اللباس التقليدي العنابي.. رموز الدلالة وسر اللفة والقاط

يعكس اللباس روح المدينة، ويروي بخاماته التاريخ ويخط بتطريزاته همسات العرائس، قبل زفهن إلى مخادعهن، وإن كانت عنابة الرمز والتاريخ، فكيف لا يكون اللباس التقليدي العنابي تحفة فنية بكل تفاصيلها، وما أجمل العنابيات بشاشيتهن ورعاشاتهن وقاطهن وقفطانهن.

أول ما تلبسه العروس العنابية، التخليلة المنسوجة من الحرير وخيوط الذهب.. وهي نوع من الملحفة الأمازيغية، تشد ناحية الأكتاف بخلالات من الذهب أو الفضة.

يشد خصر العروسة بحزام حريري من الديباج موشح بمطروزات من خيوط الذهب وقد تعلق به مصكوكات ذهبية من سلطاني وغيره.

يقوم عادة أصغر الأبناء لأهل العريس بربط الحزام تحت رعاية الماشطة ويأخذ بعدها للعب والتدحرج فوق فراش العروسة وسريرها للفأل، ولكي تبكر العروسة بمولود ذكر بحسب المعتقد الشعبي.

“الدلالة” وهو لباس تقليدي يكون باللون الأزرق، مصنوع بالفتلة الذهبية متكونة من معطف قصير وخفيف مع قبعة طويلة على الرأس مزينة بنقود السلطاني، مرفقا بمنديل أزرق يعرف باسم “التسريحة”.

للعروس العنابية الكثير من المجوهرات، منها سخاب الجوهر الأبيض، سخاب العنبر البني أو الأسود، المخبل، خلخال الرنة، سوار اليدين.

تعد اللفة ثاني لباس تلبسه العروس العنابية بعد لباس الحنة “الدلالة” وتنسق اللفة مع قندورة الفتلة أو قفطان الفتلة والأكثر شهرة في عنابة، قفطان القرنفلة نسبة إلى الرسمة التي تخص الجزائر دون بلدان الجوار.

وميزة اللفة العنابية هي الأناقة من الرأس إلى أخمص القدمين، وكثرة التفاصيل لا تجعلها ثقيلة أو مزدحمة. وتعتمر العنابية الشاشية السلطاني العنابية، وهو إكسسوار الرأس المزين بعملة السلطاني العثمانية الذهبية، وهي بديل اللويز الذي تعشقه الجزائريات.

وقبل شاشية السلطاني، يلف شعر العروس بمحرمة الفتول، ثم توضع إكسسوارات أخرى ليست أقل شأنا، وهي الجبين والشوشنات وزينة الخد والرعاشة.

القاط العنابي قطعة أخرى من القطع التي تعتز بها المرأة العنابية، وإن كان القاط ليس خاصا فقط بالعنابية، إلا أنها أضفت عليه روتوشات جعلته ينسب إليها. والقاط عبارة عن سترة قصيرة أو طويلة يصنع مثل الكاراكو من المخمل المترف، ويطرز بخيوط الفتلة. ولدى القاط أكثر من نسخة ونوع مثل قاط الدلالة وقاط البدرون والقندورة.

القفطان الجزائري أشهر من أن يعرف أو يقارن.. ودليل قدمه وأصالته وجوده في الكثير من مناطق الوطن، وكل منطقة نفخت فيه روحها. ولعنابة قفطانها الرسمي البديع، ويعرف باسم قفطان الفتلة العنابي، مصنوع من قطيفة باهظة الثمن، ويطرز بخيوط الذهب، والأشهر كما أسلفنا الذكر، قفطان القرنفلة العنابي، وقد سُمي بهذا الاسم لأنه يكون مفتوحا من جهات أربع، متشبها بذلك بوردة القرنفل التي تعتبر رمزا لمدينة عنابة.. ولم تبق رشمة القرنفل هي الوحيدة، بل تعددت الرشمات وجمال القفطان العنابي لم يتغير.

من عادات العروس العنابية، أن ترتدي قندورة ذات لون زهري في اليوم السابع، بعد عرسها، وهذا حين ترتدي لباسا يدعى التخليلة العنابية المتكون من الإكسسوارات، التي لا تجيد تنسيقها إلا العنابيات، وهي شاشية الدلالة ملحفة حرير.

7 رشمات لـ7 قنادر

تنافس عنابة مدينة الجسور في لقب مدينة السبع قنادر، ففي عنابة لا تسمى القنادر بألوانها، كما هي الحال في قسنطينة، فالعروس لا تلبس قنادرها في سبعة أيام بل تلبس سبع قنادر في يوم واحد، مزهوة بكل قندروة وطرزها المختلف وكل موديل من تصديرتها ينسق بمحرمة الفتول، من نفس اللون والطرز، وتزين رأسها بتاج الفتلة العنابي أو إكسسوارت الرأس، المشهورة في المنطقة.. وهي الشاشية سلطاني أو الشوشنة العنابية. وتمشي العروس أمام ضيوفها متباهية مختالة، في دلال وغنج، وتلف المكان. لذا، أطلق اسم اللفة على لباس العروس العنابية، ليس لأنه يلفها، بل لكونها هي من تلف به.

أنواع التطريزات التي تشتهر بها عنابة، التي تصنع لكل قندورة ستايلا مميزا، وتضفي عليها شخصية متفردة، فهي سبع تطريزات، البيرلاج وقشور الحوت والكوكتال وتطريز مسك الليل والتل والقرنفل والفتلة.

للألوان في لباس العروس العنابية دلالات ورمزية متعارف عليها عالميا، فالأبيض في لباس الدلالة يرمز للنقاء والطهر، والأزرق يبعث على الطمأنينة والأمان ويعكس الحالة النفسية التي ستكون عليها العروس والعريس وأهلوهما من سعادة وتوافق.

القندورة باللون العنابي، لها مدلول نفسي. فهي ترمز إلى القوة وقوة المشاعر والإثارة، وترمز لثمرة العناب التي تشتهر بها المدينة التي سميت تيمنا بها.

من الألبسة القديمة في عنابة، الملاية التي ارتدتها العنابيات حزنا على وفاة الداي صالح، على غرار كل ولايات الشرق الجزائري. ومن القطع الأخرى، قندورة البوكار وأكمام الدالية والعجار المصنوع بالطرز.

جبة القشاشية التي ترتديها البونوازية يوم الحناء، “أي بنت الريف في عنابة”، تلبس مرة واحدة في العمر، فإذا ارتدتها مرة ثانية، فهذا نذير شؤم لها، ومعناه أنها لن تعمر في زواجها، وستتزوج مرة ثانية. ولهذا السبب، تحتفظ بها ولا تعطيها حتى لأختها عندما تتزوج، فهي خاصة بها فقط، وعلى أختها أن تصنع مثلها.

دلائل في عراقة القندورة العنابية

الدليل على عراقة القندورة العنابية، ذكرها في كتاب لفرنسي يدعى بنجمان غاستينو، الذي حضر عرسا عنابيا يقال سنة 1857 وأصدر كتابه بعد أربع سنوات، يصف فيه العادات والتقاليد الجزائرية، من ملابس تقليدية وحلويات وعطور، ووصف الخلوة العنابية وتجهيزات العروس من طرف النسوة ودور الماشطة والفقيرات. وتطرق إلى تفاصيل كثيرة، مثل طرق تعطير العروس والحناء والحرقوس.. ثم أفرد جزءا لوصف الدلالة والقاط العنابيين، مشيرا إلى الفتلة الخاصة بالجزائر. وهذا، في منتصف القرن التاسع عشر.

ووصف غاستينو الكثير من الإكسسوارات، مثل سلسلة اللوح العنابية والمرجان في المجوهرات وخلخال الرنة العنابي، الخاص بالمنطقة، ولم ينس البلغة العنابية، المطرزة بالفتلة أيضا، ولم يفته وصف شاشية السلطاني ومحرمة الحرير الطويلة الواسعة، التي كانت تغطي كل جسم المرأة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!