-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

اللغة والنمو الاقتصادي

د.سليم عبـادو
  • 966
  • 0
اللغة والنمو الاقتصادي

لا يخفى عن أحد اليوم بأن العالم يتجه كل يوم أكثر من ذي قبل نحو اقتصاد المعرفة، الذي يتبلور عبر النظرية الاقتصادية الحديثة “نظرية النمو الجديدة” التي تربط النمو المستدام باكتساب المعرفة العلمية والتكنولوجية ومدى التحكم فيها، من أجل زيادة دخل الفرد وتنويع الموارد الاقتصادية وخلق فرص العمل في “مجتمع المعرفة”.
وتنتقل المعرفة العلمية والتكنولوجية إلى القوى العاملة لأمةٍ ما بواسطة اللغة التي تؤدي الدور الحاسم في تبادل المعرفة وتمريرها تمامًا مثلما يؤديه المال في المبادلات التجارية، فمن دون إتقان للغة لا يُمكن أن يتم اكتساب المعارف على النحو السليم والنافع، كما يتوجب على هذه اللغة أن تكون موحدة وواسعة الانتشار لتحشد أكبر قسم ممكن من هذه القوى تحت مظلة الاستراتيجية الاقتصادية للوطن الواحد وتُساهم في برامجه المُسطرة دون إهدار للطاقات.

رؤوسٌ بلا أجساد وأجساد بلا رؤوس
تُنفق الدول العربية أموالا طائلة على التعليم أكثر بكثير من بقية الدول النامية، لكن ذلك لم ينعكس على النمو الاقتصادي ولم يُساهم في زيادة دخل الفرد، رغم أن “اقتصاد المعرفة” يُراهن على مستوى تعليم ومعرفة المورد البشري، وعلى العكس فقد حصل نمو اقتصادي بدول أخرى مثل كوريا الجنوبية والبرازيل وتركيا. ويرجع سبب هذا الإخفاق في الدول العربية إلى أن اللغة العلمية والتكنولوجية التي تستعملها الجامعات ليست هي نفسها اللغة التي تفهمها وتستعملها القوى العاملة، مما خلق عندنا نُخبًا علمية معزولة عن القواعد العمالية، وجعل العلم والمعرفة والتكنولوجيا في “رؤوس بلا أجساد”، وترك العمال والمنتجين في الميدان مثل “أجساد بلا رؤوس”.
ويحدث هذا بسبب الخلط القائم عندنا بين قضيتين منفصلتين وهما: تعليم العلوم والتكنولوجيا لأفراد المجتمع لغرض تطوير معارف القوى العاملة من جهة، وضرورة إتقان خريجي الجامعة والأساتذة المُكونين للغات الأجنبية التي تُمكنهم من المتابعة الجيدة والاستفادة من الأبحاث العالمية من منابعها، من جهة أخرى، وهما موضوعان مختلفان تماما وضروريان معًا. وهناك أيضًا خلطٌ على مستوى آخر يتعلق بعدم التفريق بين عائد الاستثمار في تعليم العلوم والتكنولوجيا بلغات أجنبية على الفرد الخِريج وحده من جهة، والعائد على عموم الاقتصاد من جهة أخرى، فقد يكون التدريس بلغةٍ أجنبية إيجابيا على الأول وليس بالضرورة أن يكون كذلك على المجتمع.

دور اللغة في نقل المعرفة
اللغة هي وعاء المعرفة العلمية والتكنولوجية، ومن ثمة، فإن دور هذه اللغة في تحسين مردود القوى العاملة يتعاظم كلما توجه العالم أكثر نحو الاقتصاد المبني على المعرفة، ويكمن الإخفاق الاقتصادي الحالي في المنطقة العربية في أن القوى العاملة ضعيفة المعرفة ولا يُمكنها أن تتحدث في العلم والتكنولوجيا وتكتسبهما وتُمررهما فيما بينها لأنها بغير لغتها الوطنية، فاستعمال اللغة بكفاءة عالية يُعد أساسيا في عملية التنمية الاقتصادية لأنها هي وحدها التي تُمكن من تبادل المعرفة والخبرة العلمية ونقلها بين أفراد المجتمع ومؤسساته، وشتى أجزاء المنظومة الاقتصادية مثلما يفعل المال بالنسبة للتبادلات التجارية. كما أن إتقان القوى العاملة على نطاق واسع للغة العلمية والتكنولوجية هو وحده الذي يمكن من نقل المعارف من مصادرها الأصلية وتداولها بين الأفراد على عكس احتكاره من طرف بعض النخب الجامعية؛ فالعمل المُنتِج والفعال في المكتب والمصنع والحقل والاحتكاك المعرفي الواسع بين أفراد القوى العاملة يحتاج إلى لغة علمية وتكنولوجية حية يفهمها الجميع، من أجل تعاون وعمل مشترك يؤدي إلى زيادة دخل الجميع. وهذه اللغة لا يُمكن أن تكون سوى اللغة الوطنية التي تسمح للجميع بتعلم التكنولوجيا والتدرب عليها ونقلها إلى خبرات، وأفعال وتقاليد بسلاسة ويُسر، ثم إلى منتجات وخدمات. وانتشار المعارف التكنولوجية بشكل واسع بين أفراد القوى العاملة هو الوحيد الكفيل بتحقيق مجتمع المعرفة والنمو الاقتصادي المرجو.

 أصبح جليا من خلال تجارب سابقة للدول بأن نقل التكنولوجيا لا يكون بشراء خطوط إنتاج جديدة وإنشاء مصانع عصرية وفقط، ولكنه مرتبط بتطوير معرفة الإنسان من أجل اكتساب التكنولوجيا ونقلها وتوطينها ونشرها على نطاق واسع في أوساط القوى العاملة بواسطة لغةٍ وطنية في متناول أغلب هؤلاء.

كما أنه أصبح جليا من خلال تجارب سابقة للدول بأن نقل التكنولوجيا لا يكون بشراء خطوط إنتاج جديدة وإنشاء مصانع عصرية وفقط، ولكنه مرتبط بتطوير معرفة الإنسان من أجل اكتساب التكنولوجيا ونقلها وتوطينها ونشرها على نطاق واسع في أوساط القوى العاملة بواسطة لغةٍ وطنية في متناول أغلب هؤلاء.

مُسببات هجرة العقول
أما استعمال لغةٍ ثانية أجنبية لغةً علمية وتكنولوجية فمن شأنه أن يُضعِف الطلب على الترجمة العلمية، وهذا ما يحدث بالضبط في البلدان العربية، وأن يحصر المعرفة العلمية والتكنولوجية في النخب الجامعية بعيدا عن الجمهور العريض للقوى العاملة المُنتِجة، وهو ما وصفناه سابقا بظاهرة الرؤوس بلا أجساد، ويؤدي كذلك إلى هجرة العقول من دولنا إلى نحو الغرب، إذ تندمج هناك بسهولة بسبب تكوينها باللغات الأجنبية في حقول العلم والتكنولوجيا، وتشعر بأنها مفيدة لأن القوى العاملة في تلك الدول تتحدث نفس اللغة التكنولوجية معها وتتقنها، فيظهر مردودها بسرعة في مجتمعاتها الجديدة، إذ ستحظى بالثقة في النفس والتقدير والاحترام من طرف الآخرين، على عكس ما كانت تعيشه في مجتمعاتها الأصلية من عدم جدوى قد يصل إلى الشك في قدراتها العلمية والتكنولوجية.

اللغة بِنتُ السوق
العلاقة بين اللغة والاقتصاد بشكل عام، لا تحتاج إلى برهان، فقد تفطن أوائل العرب إلى أهمية اللغة في التبادلات التجارية، فكانت دائمة الحضور في الأسواق والتجمعات التجارية، حتى سميت اللغة العربية “بنت السوق” لأنها ازدهرت وترعرعت في الأسواق، حيث كانت تُعرَض الأشعار والحكايات والحِكم، وقد برعوا في ذلك ونشروا لغتهم في كافة أرجاء المعمورة بواسطة القوافل البرية والبحرية. كما تعلموا لغات الأمم التي تاجرت معهم من أجل تسهيل تبادلاتهم التجارية، وقد كان للتجارة أثرٌ كبير في تنمية اللغة العربية وإثرائها وتنوعها وهو ما يظهر من خلال تعدد الألفاظ العربية التي تعني كلمة “المال” إذ تفوق العشرين لفظًا ومنها: التلاد والركاز والضمار والطارف والتالد.. وكذلك هو الحال بالنسبة للملفوظات التي تعني كلمتي “الذهب” و”الفضة”.

حربُ المعاجم
يقول المستشار الألماني الأسبق ويلي براندت: “إذا أردتُ أن أبيعَك بضاعتي يجب أن أتحدث لغتك، وإذا أردتَ أن تبيعني بضاعتَك فعليكَ أن تتحدث بالألمانية”. لقد ارتبطت اللغة دائمًا بصراعات الاقتصاد والتحكم والتبعية؛ ففي ثلاثينيات القرن التاسع عشر، نشبت “حربٌ لغوية” بين الأمريكيين والإنجليز، رغم أن اللغة الإنجليزية هي لغة واحدة، حربٌ من أجل بسط السيطرة والخصوصية اللغوية، وبالتالي بسط السيطرة الاقتصادية والثقافية وما يتبعها عبرها. وسُميت هذه الحرب “حرب المعاجم”، وانتهت باستقلال الولايات المتحدة الأمريكية عن بريطانيا العظمى وفرض هويتها اللغوية والثقافية الخاصة بها، تمهيدًا لهيمنة اقتصادية أمريكية قادمة. وقد دارت المعركة بين اثنين من رواد معجم اللغة الإنجليزية الحديثة، أحدهما يُسمى “وورسستر” وينتصر للنموذج الإنجليزي المُحافظ، ويُناضل من أجل استمرار الهيمنة الاقتصادية اللغوية لبريطانيا العظمى، والثاني “وبستر” الذي كان يقول: “بوصفنا أمة مستقلة، فإن كرامتنا تدعونا لأن يكون لنا نظامُنا الخاص في اللغة وفي الحكومة أيضا”. وكان يرفض سيطرة اللغة الإنجليزية المدرسية في أمريكا، ويدعو إلى ترسيخ اللهجة الإنجليزية الأمريكية وجعلها وحدها اللغة القائدة في المستقبل، فبنى مُعجمَه الخاص بالأمريكيين حتى أصبح هو المُعجم الرسمي في الولايات المتحدة الأمريكية، على غرار مُعجم “روبير” بفرنسا ومُعجم “دودن” بألمانيا.

  العلاقة بين اللغة والاقتصاد بشكل عام، لا تحتاج إلى برهان، فقد تفطن أوائل العرب إلى أهمية اللغة في التبادلات التجارية، فكانت دائمة الحضور في الأسواق والتجمعات التجارية، حتى سميت اللغة العربية “بنت السوق” لأنها ازدهرت وترعرعت في الأسواق، حيث كانت تُعرَض الأشعار والحكايات والحِكم، وقد برعوا في ذلك ونشروا لغتهم في كافة أرجاء المعمورة بواسطة القوافل البرية والبحرية.

وقد فرضت المنافسة التجارية الأمريكية الشرسة على العالم اللغة الإنجليزية الأمريكية ورجحت مُعجم “وبستر” الذي أصبح يُنافس حتى اللغة الإنجليزية الأصلية في معاقلها بقوة، إلى يومنا هذا.

دراساتٌ غير مُقنعة
من جهة أخرى، يرى الكثيرون بأن الاستثمار في اللغة الإنجليزية بصفتها لغة علم وتكنولوجيا مُجدٍ وله عوائد إيجابية على الاقتصاد، وقد ذهبت بعض البحوث في هذا المنحى لإثبات ذلك، كما في دراسة أجراها “كووزوسمان” سنة 2010 إذ أنشأ قاعدة بيانات تقوم على متوسط الدرجات الوطنية، التي تم إحرازها في امتحان تقييم اللغة الإنجليزية لغير الناطقين بها والمُسمى “التوفل”، على مدى ثلاثين عامًا في مائة بلد، لا تُعد اللغة الإنجليزية لغة الأم بها، من بينها خمس عشرة دولة من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فقاما بتوضيح أن الكفاءة في اللغة الإنجليزية ببلد ما، تُؤثر بشكل كبير على التدفقات التجارية ثنائية الأطراف. وفي دراسة أخرى تتناول الناتج المحلي الإجمالي للفرد الواحد ودرجات امتحان “التوفل” كمقياس للتعرف على العلاقة بين استعمال اللغة الإنجليزية والنمو الاقتصادي في ثلاثة وأربعين بلدا، منهم أربعة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: مصر، الأردن، سوريا والمغرب، فتخلص الدراسة إلى أن البلدان الوحيدة التي تُراهن على اللغة الإنجليزية وبها نمو اقتصادي هي بلدان آسيوية وأوروبية، ومن ثمة، فإن استعمال اللغة الإنجليزية ليس شرطًا أساسيا كافيا من أجل التنمية الاقتصادية.

تجارب جامعية سابقة في دول عربية
في الأخير، لا بأس باستعراض بعض آراء النخبة الجامعية العربية في الموضوع، بصفتها نُخبًا ميدانية وقد كان لها احتكاكٌ مباشر بموضوع استعمال اللغة الوطنية أو الأجنبية لغةَ علمٍ وتكنولوجيا في حقل التعليم العالي ببلداننا العربية، إذ يقول الدكتور جميل الملائكة في ندوة تعريب التعليم التقني والجامعي التي نظمها الاتحاد العربي للتعليم التقني بتونس في نهايات القرن الماضي :”أُشير باختصار إلى ما لمسته في تجربتي الشخصية في هذا الموضوع، وأنا أمارس التعليم الجامعي منذ ثلاثة وثلاثين سنة، أمضيتُ ثلاثين سنة منها في تدريس عدة موضوعات باللغة الإنجليزية، ومنها مادة اختصاصي في ميكانيك الموائع، ومارستُ تدريسها في السنوات الثلاث الأخيرة منها باللغة العربية. لقد وجدتُ بما لا يقبل الشك أن ما يستوعبه الطالب بسهولة ويُسر في ضبط مادة المحاضرة الملقاة باللغة العربية يزيد ويربو كثيرا على ما كان يتمكن من استيعابه منها وهي تُلقى باللغة الإنجليزية، حتى بات بالإمكان التوسع في المنهج وإغناؤه بالكثير من المادة المفيدة، ويصح القول نفسه على السهولة التي يجدها الطالب في قراءة المادة في الكتاب العربي، إذا قورنت بما يُعانيه في مُطالعة كتاب إنجليزي”.
وجاء في تدخل الدكتور محمود السمرة في الندوة ذاتها عن تجربة مُجمع اللغة العربية الأردني لتعريب تعليم العلوم: “كما أن نتائج امتحانات الطلبة بينت أن نسبة رسوب طلبة السنة أولى الذين درسوا كتاب البيولوجيا مثلا بالإنجليزية، كانت ستة وعشرين بالمائة، وأن نسبة رسوب طلبة السنة التالية الذين درسوا الكتاب نفسه مترجمًا إلى العربية انخفضت إلى أربعة بالمائة”.
ويقول الدكتور سلطان الشاوي الأمين العام الأسبق لاتحاد الجامعات العربية: ” أُجرِيت في الجامعة الأمريكية في بيروت في أواسط الستينيات تجربة على مجموعتين متجانستين من الطلاب، تلقت إحداهما دروسا في علم من العلوم باللغة الإنجليزية، والأخرى باللغة العربية، ثم أُعطِيت المجموعتان اختبارًا في تلك المادة، فوُجِد أن المجموعة الأولى استوعبت المادة بنسبة ستين بالمائة، في حين أن المجموعة الثانية استوعبت بنسبة ستة وسبعين بالمائة من المادة نفسها، وأُعِيدت التجربة في القراءة، إذ طُلِب من المجموعتين قراءة نصوص من تلك المادة، ثم اختُبِرت المجموعتان لمعرفة استيعاب المقروء، فكانت النتيجة مقاربة لنتائج التجربة الأولى”.

في دراسة تتناول العلاقة بين استعمال اللغة الإنجليزية والنمو الاقتصادي في ثلاثة وأربعين بلدا، منهم أربعة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: مصر، الأردن، سوريا والمغرب، تخلص الدراسة إلى أن البلدان الوحيدة التي تُراهن على اللغة الإنجليزية وبها نمو اقتصادي هي بلدان آسيوية وأوروبية، ومن ثمة، فإن استعمال اللغة الإنجليزية ليس شرطًا أساسيا كافيا من أجل التنمية الاقتصادية.

أما تجربة الدكتور عبد الملك عوف أستاذ بكلية الصيدلة بجامعة القاهرة فتُشير إلى أنه حينما قام بالتدريس باللغة العربية بجامعة دمشق، بعدما قضى جل سنوات حياته يُدرس باللغة الإنجليزية، وقد ساعده التدريس بالعربية على وضع مؤلف ضخم باللغة العربية في الكيمياء العضوية، وكانت نتائج طلبته في جامعة دمشق أفضل من نتائج طلبته في جامعة القاهرة، نظرا لاستيعاب طلبة جامعة دمشق لمحاضراته بدرجة أعمق.
ويقول أيضا في الموضوع، الدكتور عبد الحفيظ حلمي، عميد أسبق لكلية العلوم بجامعة عين شمس: “ثبت من التجارب العلمية أنه عند تدريس موضوع ما، لجماعتين للطلاب العرب متكافئتين على وجه العموم، تتلقاه إحداهما بالعربية، والأخرى بالإنجليزية، فإن الحصيلة هي أن الطالب من المجموعة الأولى أكثر وأعمق فهما للموضوع، في وقت أقصر وجهد أقل”.
من هذه التجارب المتعددة التي جاءت على لسان أساتذة قضوا جل أعمارهم في التعليم العالي، نستنتج بأن جودة استيعاب العلوم والتكنولوجيا تتحسن باستعمال اللغة الوطنية، فتكون المعرفة أعمق وأقرب إلى المتلقي بها، مما سيكون له حتمًا الأثر الإيجابي البالغ على الاقتصاد والنمو في مجتمع المعرفة الذي أصبحت تصبو إليه كل الدول الطامحة في فك قيود التخلف والتبعية العلمية والتكنولوجية من أجل الالتحاق بركب الدول القائدة في العالم.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!