-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
طاله الإهمال واحتله المنحرفون

برج “نام” بالطارف.. مركز التعذيب الذي ينتظر تحويله إلى متحف

س. ك
  • 414
  • 0
برج “نام” بالطارف.. مركز التعذيب الذي ينتظر تحويله إلى متحف
أرشيف

توجد بولاية الطارف، معالم تاريخية وثورية، لا حصر لها، كالمراكز الاستعمارية والمحتشدات والنصب التذكارية وأبراج المراقبة، التي يقدر عددها بـ61 برجا، ويوجد على مستوى الدوائر السبع إجمالا 170 معلما تاريخيا. ومن تلك الدوائر، نذكر دائرة الذرعان غرب الولاية، التي يوجد بها برج كبير يسمى برج “نام”، كان في الأصل قصرا جميلا، حوّله الاستعمار الفرنسي، إلى مركز لتعذيب مجاهدي وسياسي ومناضلي الطارف والشرق الجزائري خصوصا، والجزائر عموما.
“الشروق” زارت هذا القصر أو مركز التعذيب، الذي لم يحوّل إلى متحف كما وعد به الوزير الطيب زيتوني، والوالي الأسبق محمد لبقى، وحتى رئيس بلدية الذرعان السابق، وقد مرّ على الوعد تسع سنوات، ولا شيء تحقق، بل تآكلت أسواره، وجدرانه وتحول إلى مرتع للمنحرفين والسكارى وسكنت أرجاءه القمامة، بعيدا عن الأعين حسب بعض السكان الذين تحدثت إليهم الشروق اليومي وطالبوا بتعيين حارس للمركز على الأقل، فما يحز في أنفسهم كما قال عمي النوي السبعيني، هو رؤية التاريخ يُنسى وينهار، رغم بعض المجهودات التي بذلت هنا وهناك.

150 زنزانة تعذيب
المعلم التاريخي برج “نام” كما كان يسمى، يقع ببلدية الذرعان، التي كانت تسمى سابقا بـ”مندوفيل”، وتتواجد بالجهة الغربية للولاية، وهي منطقة تعدّ معبرا لجميع فصائل الثوار، باتجاه الولاية الثانية والثالثة والرابعة أثناء الثورة، حيث كان البرج في أصله عبارة عن قصر كبير ملك لشخص أجنبي، يرجح أنه أوروبي الأصل، ويقال بأن اسمه الحقيقي “جيرون برطانيا”، كان يملك بدوره مزارع واسعة وكثيرة بالمنطقة، سميّ مسكنه بالمنظر الجميل، كونه يطلّ على حدائق ومزارع البرتقال والكروم والإجاص، إضافة إلى أنواع مختلفة من الورود، حيث كان راحة للزوار الذين يمرون بالمنطقة، وقيل أنهم فرنسيون وأجانب ومن جنسيات أخرى وحتى عرب.
يعود تاريخ إنشاء هذا القصر حسب مصادر تاريخية وأخرى من مصالح الولاية، إلى أكثر من قرن، وفي أواخر سنة 1955 تمّ تحويل البناية إلى معتقل، حيث تبلغ مساحته الإجمالية 474.221 متر مربع، منها 155.331 مترا مربع مساحة مبنية، وسعة استيعابه تقدر بحوالي 150 زنزانة.
هذا المعتقل، هو عبارة عن مبنى متكون من طابق سفلي في شكل دهاليز، جدرانه من الأحجار السميكة، يمتد منه نفق أرضي يؤدي إلى مخرج، له منحنى على بعد 500 متر، أما الطابق العلوي، فيتكون من عدة حجرات ورواق، كان قد بناه المعمر الأوروبي ”برطانيا”، كقصر لراحة ضيوفه، إذ يقع فوق ربوة مطلة على جميع الأراضي الخصبة من البرتقال والتفاح والكرز والكروم التي لازالت لحد الساعة منتجة.

المشنقة تنتصب وسط القصر
ولأن منطقة الذرعان منطقة لعبور الثوار، نحو مختلف الاتجاهات بالولاية الثانية والثالثة والرابعة فقد اتفق المستعمر مع صاحب القصر برطانيا لأجل تحويل إقامة المنظر الجميل، إلى معتقل ومركز للتعذيب، حيث جعل من أحد دهاليزه السفلى، المتكونة من 6 زنزانات وغرفة للتعذيب، وفي وسطه تنتصب المشنقة، أما حجراته الموجودة في الطابق العلوي، فجعل منها مكاتب للبوليس والدرك، الذين مارسوا أبشع أنواع التعذيب والتقتيل والتنكيل والشنق للمجاهدين والمسبلين والمناضلين والسياسيين بقيادة النقيب كازنوف والملازم جوزيف وذلك لافتكاك الأسرار منهم.
وكان زمن الإقامة فيه لا يتعدى الشهر، وغالبيتهم كانوا يموتون تحت وطأة التعذيب أو يتم تحويلهم إلى معتقل بمنطقة الشرفة بولاية عنابة المجاورة، والبرج اليوم كما يقول ويلحّ سكان بلدية الذرعان، في حاجة إلى الاهتمام به أكثر، وتحويله إلى متحف بلدي كما تم الوعد به من طرف مسؤولين سابقين وهو ما عبّر عنه بعض مجاهدي المنطقة والمواطنين من ساكنة الذرعان ومنهم الحاج الطيب والمجاهد عمي محمد وبن عيسى، الذين هم مستاءون كثيرا، من الوعود طويلة الأمد ومن الإهمال والتسيب والأوساخ واحتلاله من طرف العديد من المنحرفين، وتجريده من رمزيته التاريخية بعد أن خضع لعملية ترميم منذ عقدين طمست معالمه.
وللأسف ليس البرج وحده في حالة لا يحسد عليها، فالعديد من المعالم التاريخية بولاية الطارف، توجد في وضعية تآكل وانقراض، فمعظمها عرضة للصوص والتآكل ومساحات لرعي الأبقار والأغنام، بالإضافة إلى أن البعض منها كالنصب التذكارية شيدت بدون دراسة تاريخية أو نفسية تحاكي روح المنطقة وأبطالها، أو ما حدث فيها من بطولات، مثل معركة ترليس بمنطقة شيحاني واستشهاد 120 شهيدا في يوم واحد، بالإضافة إلى غياب بطاقية وصفية للمحتشدات وجهل خلفيتها التاريخية وأخرى خاصة بالمعالم المجاورة حسب من تحدث للشروق اليومي من مختصين ومهتمين بشؤون الثورة والتاريخ، ويأمل الزوار وأهل الطارف، فتح المعلم القصر، لهم ولأطفال المدارس للاستمتاع بالسياحة التاريخية والغوص فيما ضحى به أجدادنا وأبطالنا من أجل أن ننعم بالحرية في كنف الاستقرار وحضن الجزائر الجديدة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!