تصحيح “البيام” بداية من 16 جوان.. واستئناف التجميع بعد العيد

شرعت مراكز التجميع الجهوية، في إنجاز أعمالها، بداية من الأربعاء 4 جوان، بعدما استلمت آخر دفعة من أوراق إجابات المترشحين لامتحان شهادة التعليم المتوسط، دورة جوان 2025، والمتمثلة أساسا في وضع الإغفال “إخفاء بيانات الهوية”، على أن يتم الشروع في التصحيح من قبل لجان متخصّصة بداية من تاريخ 16 جوان الجاري، وهي العملية التي قد تستغرق من أسبوع إلى عشرة أيام، بين تصحيح أول وثان وثالث وحجز العلامات.
وإلى ذلك، فقد انتقد أفراد الجماعة التربوية طريقة إعداد المواضيع، التي وردت في هذه الدورة غير واقعية، على حد قولهم، بسبب انعدام التدرج في سلم الصعوبة، ومنفصلة عن واقع القسم التربوي ومكتسبات التلميذ اليومية، أين طالبوا بأهمية إعادة النظر في طريقة “تشكيل” هذه اللجان بإشراك الأساتذة في العملية من دون إغفال دور المفتشين الذين يتمتعون بكفاءة عالية في المجال.
وقد أفادت مصادر “الشروق”، أنه بعد نهاية اختبارات امتحان شهادة التعليم المتوسط لهذه الدورة، التي جرت على مدار ثلاثة أيام، فقد تم نقل أوراق إجابات 800 ألف مترشّح من مراكز الإجراء، والتي فاق عددها 3 آلاف مركز، إلى مراكز التجميع الجهوية، بحيث ستخضع لعملية الإغفال والتشفير من خلال إخفاء بيانات الهوية واستبدالها برموز، وذلك لأجل الحفاظ على مصداقية الامتحان، وبالتالي، إضفاء أكثر شفافية عليه، على أن تتوقف العملية بشكل اضطراري، بسبب تزامنها والاحتفال بعيد الأضحى المبارك، لتستأنف مباشرة بداية من تاريخ الـ9 جوان الجاري.
وفي هذا الإطار، أبرزت مصادرنا، بأنه سيجري نقل أوراق إجابات الممتحنين من مراكز التجميع الولائية، نحو مراكز التصحيح الموزعة على المستوى الوطني، ليتم الشروع في التصحيح بداية من الـ16 جوان الحالي، والذي يمتد من أسبوع إلى عشرة أيام كأقصى تقدير.
وعليه، فإن التصحيح الأول يستغرق يومين ونصف، مع منح يومين ونصف للتصحيح الثاني، في حين يتم تخصيص يوم واحد للتصحيح الثالث، إن وجد بطبيعة الحال، على أن يتم استغلال ما تبقى من الوقت لحجز علامات الممتحنين، وهو الإجراء الذي يجرى ثلاث مرات متتالية، من قبل أعوان مختصين من أساتذة ومشرفين ومساعدي تربية، ويعملون تحت إشراف مفتشي التربية للمواد، برتبة نواب رؤساء مراكز مكلفين بالمراقبة، وذلك لأجل التأكّد من صحة النقاط، واستدراك أي خطأ محتمل، تحقيقا لمبدأي الإنصاف والمساواة بين جميع التلاميذ.
وإلى ذلك، أوضحت ذات المصادر، بأن الإعلان الرسمي عن نتائج شهادة التعليم المتوسط، سيكون مبدئيا بداية من تاريخ 25 جوان الجاري، وذلك عقب الانتهاء من إجراء الامتحانات الاستدراكية والتي ستجرى يومي 23 و24 من نفس الشهر، لفائدة التلاميذ الراسبين، وذلك قصد منحهم فرصة ثانية وأخيرة لافتكاك النجاح والانتقال إلى القسم الأعلى، وبالتالي، التقليل إلى حد كبير من الرسوب والتسرب المدرسي في آن واحد.
“تباين” في أسئلة دورة 2025… بين الصعوبة والطول
وبخصوص “مجريات” الامتحان، لفتت المصادر نفسها، إلى أن أهم ما ميزه، هو رصد تفاوتات كبيرة بين المواد محل الاختبار من حيث الصياغة، البناء ومدى التناسب مع مستوى التلاميذ، بحيث وردت “متباينة” بين الصعوبة والطول.
ومن هذا المنطلق، أشارت مصادرنا إلى أن مواضيع مادة اللغة العربية، قد جاءت أكثر تعقيدا من المعتاد، خاصة في أسئلة البناء الفكري، التي احتوت على مفاهيم غير مألوفة، وتوجيهات مربكة، أثارت توتر العديد من التلاميذ وأثّرت على توازنهم النفسي.
وفي مقابل ذلك، أبرزت ذات المصادر، بأن أسئلة مادة الرياضيات قد جاءت “مفخخة”، تتطلب تفكيكا دقيقا، وابتعدت بذلك عن النمط الكلاسيكي المعروف، ما أدى إلى تراجع أداء عدد كبير من المترشحين، حتى ممن يصنفون ضمن المتفوقين، في حين اشتكى التلاميذ من طول الموضوع في اختبار مادة العلوم الطبيعية، مقارنة بالوقت المحدّد (ساعة ونصف من الزمن)، حيث تضمّن رسومات تفسيرية وأسئلة تحليلية تتطلب جهدا ذهنيا وزمنيا مضاعفا.
حرارة مفرطة… وظروف لوجستيكية بحاجة إلى تحسين
وتزامنت أيام الامتحان مع موجة حرّ استثنائية مسّت معظم ولايات الوطن، وقد تفاقم الوضع في مراكز الإجراء التي تفتقر إلى التهوية، من دون مراوح أو مكيّفات، ما خلّف ظروفا صعبة جدا خاصة للممتحنين في الطوابق العليا أو الأقسام غير المهيأة.
ورغم بعض المبادرات المحلية لتوفير الماء البارد، إلا أن الجانب التنظيمي اللوجستي لم يكن في مستوى الحدث، حيث غابت التعليمات الواضحة للوقاية من ضربات الشمس، برغم التعليمات والتوجيهات الصادرة عن وزير التربية الوطنية، محمد صغير سعداوي، بحيث أنه شدّد في عديد المناسبات على أهمية توفير جميع الإمكانات المادية، لتمكين التلاميذ من اجتياز الاختبارات في ظروف صحية وأجواء جيّدة.
“لجان المواضيع”… مطالب بإعادة النظر في طريقة التشكيل
ومن أبرز النقاط التي أعادت الجدل مجدّدا خلال دورة امتحان شهادة “البيام” 2025، ما تعلّق بتشكيلة لجان إعداد وصياغة المواضيع، حيث لوحظ استمرار الوزارة في العمل بنفس الإستراتيجية المنتهجة في سنوات سابقة، من خلال الاعتماد شبه الحصري على مفتشي المواد داخل هذه اللجان، مع إقصاء فئة الأساتذة الميدانيين من المشاركة في بنائها أو مراجعتها، بل تم حصر دورهم فقط في صياغة عملية بناء الموضوع.
هذا الخيار، توضّح مصادرنا، انعكس على طبيعة المواضيع المطروحة، والتي وردت في بعض الأحيان “غير واقعية”، بسبب انعدام التدرج في سلم الصعوبة، أو “انفصال” صياغتها عن واقع القسم التربوي ومكتسبات التلميذ اليومية.
وإلى ذلك، شدّدت مصادرنا على أن الأساتذة، باعتبارهم يدرّسون فعليا ويعيشون يوميا تفاعلات المتعلمين، فإن إشراكهم في لجان إعداد المواضيع، يوفّر مصداقية أكبر وواقعية أدقّ للمواضيع، ويجنّب الوقوع في أسئلة مشحونة بالتجريد بمعنى “مليئة بالأفكار”، أو غير منسجمة مع طبيعة المقرر الدراسي السنوي ومستوى التلاميذ المتباين.
الإبقاء على المفتشين فقط… يضعف التنوّع
وبالتالي، تؤكد مصادرنا، فإنه برغم كفاءة المفتشين من حيث التكوين، فإن حصر عملية بناء وصياغة مواضيع موجّهة لامتحان رسمي كشهادة التعليم المتوسط، من شأنه أن يخلّف نمطا واحدا من التفكير والتقييم، ويغلق الباب أمام زوايا نظر جديدة، وهو ما يفسّر جزئيا الصياغات المعقدة أو الاختيارات الغريبة في بعض مواد هذه الدورة، خاصة في اللغة العربية والرياضيات.
واستخلاصا لما سبق، أفادت مصادرنا بأنه وفي ظل هذه المعطيات، يطرح الكثير من المتتبعين للشأن التربوي، تساؤلات ملحّة حول مدى رغبة الوزارة الحالية في تجديد آلياتها فعليا، بدل الاكتفاء بإعادة “تدوير” سياسات سابقة، ويدعون إلى إعادة النظر جذريا في طريقة تشكيل لجان صياغة المواضيع، على قاعدة الكفاءة والتنوّع التربوي، لا التدرج الإداري.