-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

حقوق الإنسان.. الكذبة الكبرى (1/2)

حقوق الإنسان.. الكذبة الكبرى (1/2)

الإنسان هو الآدمي دون النظر إلى عرقه أو دينه أو لونه أو مكان تواجده. وقد خُصّ الإنسان بالتكريم دون بقية المخلوقات، قال تعالى: “ولقد كرّمنا بني آدم”. ولعل ذلك من أهم الأسباب التي جعلته يُفْرد بحقوق لم تُقرَّر لغيره.

تأخذ هذه الحقوق صفة الإطلاق، فهي تشمل كل إنسان من دون تمييز، ويأتي على رأس هذه الحقوق تلك المتعلقة بطبيعة وجوده وخلقه. كما أنّ هناك مجموعة أخرى من الحقوق متعلقة بوظيفته والهدف من خلقه.

والحقوق الأولى هي تلك التي تضمن حياته، وسلامته الجسدية وحمايته من الاعتداء المادي، كما تضمن حمايته من الاعتداء المعنوي على عقله ونفسيته.

أمّا الحقوق الثانية فهي تلك التي تضمن كرامته المعيشية فرديا وجماعيا وضمان الاعتراف بما يترتب على ذلك من حقوق تبعية ضامنة للعيش المشترك ومحققة للمصالح المتبادلة ضمن قواعد العدل والمساواة.

والحقيقة أنّ مهمة الإنسان في الأرض هي إعمارها، فإذا انتُهِكت حقوقُه شُوِّهت مَهمتُّه وعطِّلت. وعليه يمكن أن نُقدّر حقيقة أولى جوهرية وهي أنّ المعتدين على حقوق الإنسان معطِّلون لمهمة الإعمار في الأرض، وكلما كبر عدد الحقوق المُعتدى عليها كلما كبرت جريمة تعطيل الإعمار إلى حد وصولها إلى جناية كبرى متمثلة في جريمة الإفساد في الأرض.

إنّ الذي يدفع إلى إثارة هذا الموضوع اليوم هو رفع شعار حقوق الإنسان في المجتمع الدولي وإحاطته بزخم هائل من النصوص القانونية الدولية والوطنية وتوسيع دائرة هذه الحقوق إلى الحد الذي يعتقد معه الدّارس والمتابع أن لا خوف بعد اليوم على حياة الإنسان وضمان عيشه الكريم في الحرية والتنمية ورغد العيش.

الواقع الميداني في الدول اليوم يُكذِّب هذه الشعارات، ويؤكد أنّ الذي يحدث في أحايين كثيرة هو أنّ جرائم كبرى تقع على شعوب ودول تحت مسمى حماية حقوق الإنسان. وبالرجوع إلى الحقبة الاستعمارية نكتشف من دون عناء أنّ الشعارات التي رفعتها القوى الاستعمارية الغاشمة هي حماية حقوق الإنسان وتهذيب الشعوب الهمجية وتعليمها كيفية العيش الكريم. وتحت هذه الشعارات البرّاقة أُبيدت مجموعات بشرية واستُبيحت أقاليمها ونُهبت ثرواتها.

والواقع الميداني في الدول اليوم يُكذِّب مع الأسف هذه الشعارات وهذا التفاؤل، بل يؤكد أنّ الذي يحدث في أحايين كثيرة هو أنّ جرائم كبرى تقع على شعوب ودول تحت مسمى حماية حقوق الإنسان. وبالرجوع إلى الحقبة الاستعمارية نكتشف من دون عناء أنّ الشعارات التي رفعتها القوى الاستعمارية الغاشمة هي حماية حقوق الإنسان وتهذيب الشعوب الهمجية وتعليمها كيفية العيش الكريم. وتحت هذه الشعارات البرّاقة أُبيدت مجموعات بشرية واستُبيحت أقاليمها ونُهبت ثرواتها.

ما يزال التعاون الدولي اليوم مشروطا بضمان حقوق الإنسان. وقد أكدت لي التجربة أنّ الدول الغربية (المتقدمة والمنتصرة في الحرب العالمية الثانية) تفعل ذلك.

وبالرجوع إلى قواعد القانون الدولي نكتشف أنّ مفهوم حقوق الإنسان يرتكز على مرجعية ثقافية وعقدية غير تلك التي تؤمن بها أغلب الدول التي تحررت من الاستعمار واستردت سيادتها.

والغريب أنّ الدول الغربية خاصة تشترط على الدول النامية ضرورة تبنّي القيم الديمقراطية لبناء الحُكم الراشد. ومن صور الديمقراطية عند الغرب التعددية الحزبية وتنظيم الانتخابات الشفافة للوصول إلى الحكم. غير أنّ هذه الدول ذاتها لا تعترف بالتعددية الحضارية في العلاقات الدولية، وتعمل على القضاء على كل جهة تعمل على التعددية القُطبية بكل الوسائل المتاحة بما فيها الاعتداء العسكري، وقد كشفت الأزمة الأوكرانية هذه الحقيقة.

والخلاصة أنّ حقوق الإنسان لا يمكن أن تكون مقبولة إلّا إذا تضمّنت تعريفا موحدا أو على الأقل متفقا عليه بين جميع الأمم.

هذه الإشكالية المعقدة في التعريف هي أساس مشكلة حقوق الإنسان من حيث الأثر والالتزام. ولمّا كان المجتمع البشري اليوم يختلف في المستوى المعاشي والانتماء العقدي والنظام الاجتماعي العام في بُعديه السياسي والثقافي دخل مفهوم حقوق الإنسان في منطقة ضبابية أصبحت مصدرا للاستغلال والطغيان السياسيَيْن ومتّكأ لازدواجية المعايير ثم التعامل التمييزي والعدواني والوصاية والاستغلال.

وعوض أن يكون الاعتراف بهذه الحقوق وتأكيدها ملجأ لحماية الإنسان أصبحت هذه الضبابية مصدر خطر على الإنسان والشعوب إجمالا، وذلك أنّ المرجع في معرفة حق الإنسان وكيفية الالتزام به أصبح خاضعا لإرادة وسلطان صاحب الغَلَبة في مجالات الحياة المختلفة.

وقد بيّنت الأزمة الأوكرانية مثلا أنّ صاحب البشرة البيضاء والعيون الزرقاء يجب أن لا يُعامل كبقية البشر من أصحاب البشرات الملونة والثقافات المختلفة الأخرى.

كما كشفت ممارسات الكيان الصهيوني أنّ إدانة تصرفاته الموغِلة في الاعتداء على حق الإنسان في الحياة والحرية واسترداد الأرض عداوة للسّاميّة في حين أنّ الاعتداء من جهات إعلامية وثقافية وسياسية على مقدّسات ومقدّرات المسلمين حرية تعبير.

وسبب ذلك هو اعتماد هذه الضبابية في التعريف كأرضية للمعاملة التمييزية في المجتمع البشري والدولي المعاصر.

إنّ حقوق الإنسان بمثل هذه التصرفات في الواقع الميداني لا يمكن إلّا أن توصف بالكذبة الكبرى.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!