رحيل الشيخ الأنيق .. حارس القيم الإسلامية في الجزائر
قبل ثلاث سنوات وتحديدا يوم 19 نوفمبر 2008 م، كرمت الشروق سماحة الشيخ عبد الرحمان شيبان رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ووزير الشؤون الدينية الأسبق، نظير الجهود التي بذلها طوال حياته خدمة للإسلام واللغة العربية، حتى وصف بحارس القيم الإسلامية في الجزائر
-
وقد شارك آنذاك في الندوة التي احتضنتها قاعة المحاضرات بالمركز الدولي للصحافة سفير دولة فلسطين بالجزائر الأستاذ محمد الحوراني ونخبة من رفاقه وكوكبة من الأساتذة والباحثين، بالإضافة إلى أفراد من عائلته يتقدمهم شقيقه الوزير الأسبق سعيد شيبان، وقد شهد كل من تحدث في المنبر أو في كواليس التكريم أن الراحل رمز في أخلاق الإسلامية ونموذج للمؤمن المدافع عن قيم دينه ومحبوب يدخل القلب دون استئذان وأنيق لا يجارى في ذوقه، مثلما أجمعوا أنه موحد الصفوف وفاتح أبواب الخير أمام الجميع.
وصيته ركزت عليها -
الجزائر حملها الشيخ شيبان حتى الرمق الأخير
-
أملى الشيخ عبد الرحمان شيبان قبل وفاته على أفراد عائلته ومقربيه وصية قال نجله محمد الأمين إنها ستنشر قريبا، وحسب محمد الأمين شيبان والسعيد شيبان والدكتور عبد المجيد بيرم فإن الشيخ شيبان أوصى بـ:
-
* التمسك بالدين وتقوى الله وحرص هو شخصيا على ذلك إلى اللحظات الأخيرة حيث حافظ على صلواته جماعة مع أبنائه وآل بيته.
-
* الاهتمام بالشباب، وقال الشيخ السعيد شيبان -شقيق الفقيد- إن الشيخ عبد الرحمان أوصى كثيرا بالاهتمام بالشباب من حيث التربية والتكوين من أجل إنقاذهم من التخبط، ولأنهم أمل الأمة.
-
* جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، شكلت الجزء الأكبر من وصية الشيخ باعتبار أنه كان رئيسا لها، حيث أوصى أن تبقى الجمعية مفتوحة أمام جميع تيارات المجتمع الجزائري، وحمل من يأتي خلف مسؤولية الإبقاء على نشاط الجمعية وتطويره وعدم غلقها في وجه أي كان.
-
-
قالوا عنه في تكريم الشروق
-
علي فضيل:
-
البلد الذي لا يكرم رموزه بلد متخلف، والشيخ شيبان رمز كبير يستحق أكثر من تكريم.
-
-
محمد الحورانيالسفير السابق لفلسطين بالجزائر
-
بعد أسبوعين من التحاقي بمنصب سفير لفلسطين بالجزائر، طلبت مقابلة الشيخ شيبان، لِمَا سمعته وعرفت عنه من مواقف بذلها من أجل الحبيبة فلسطين، وقضيتها العادلة، ونحن أوفياء للأوفياء لوطنهم، والشيخ شيبان تفانى في في خدمة وطنه وقضايا أمّته.
-
-
الدكتور أمين الزاوي:
-
الشيخ شيبان كان يزورني من حين لآخر بالمكتبة الوطنية، ويدخلها كالمشكاة، إما محاضرا أو مناقشا، وهو ما يدفعني إلى الجزم بأن الفضاءات الثقافية التي لا يدخلها الشيخ شيبان تنطفئ أنوارها.. أقوى ما يمكن أن يميز الإنسان، هو القدرة على الحوار، والشيخ شيبان شخصية متفهمة، تقبل الرأي والرأي المخالف.
-
-
الدكتور محمد الشريف قاهر:
-
رأيت فيه ما لم أره في غيره، من جد وتفان ودفاع عن العربية والإسلام، وفوق هذا كله هو متعدد المواهب، وكل جانب في شخصيته يستحق الوقوف عنده، وإعطاءه ما يستحق، وقد عرفته في تونس أيام الكفاح، فوجدته مجاهدا ومناضلا ومدافعا عن توحيد الصفوف وإعلاء كلمة الحق، وأستاذا متفانيا في تنوير طلبته.
-
-
الشيخ محمد الصالح الصديق:
-
علاقتي بالشيخ شيبان رحلة عبر الزمن استغرقت أزيد من 50 عاما، وأهم تلك المحطات كانت عند أول لقاء جمعني برئيس جمعية العلماء المسلمين، ومؤسس جريدة البصائر، وكان ذلك بالضبط في شهر سبتمبر من العام 1946، حينما كان يعتزم السفر إلى تونس لمتابعة دراسته بجامع الزيتونة، فطلب مني والدي أن ألتقي بالشيخ شيبان، ليقدم لي التوجيهات لأنه سبقني إلى هناك، وقضى بالجامع ذاته أربع سنوات كاملة.. وعندما وصلت استقبلني شيبان بحفاوة، وقدم لي التوجيهات والإرشادات، وتوقع لي مستقبلا زاهرا تجتمع فيه عزة الدين والوطن.
-
- الشيخ بلحاج شريفي
-
نحن نتقرب إلى الله بهذا المجلس الكريم، ونحن في عبادة لأننا نكرم شيخا جليلا أفنى عمره في طاعة الله، ودفاعه عن اللغة العربية، في أواخر الستينيات، وقف الشيخ شيبان موقفا مشرفا مع الشيخ علي مغربي، عندما نادت ثلة مع فكرة “التبني في الإسلام” وتصدى لهم الشيخ كونه كان المتحدث باسم المجلس الإسلامي الأعلى، وفند حججهم.
-
- الشيخ محمد الأكحل شرفاء
-
عرفته رئيسا لجمعية الطلبة الزيتونيين الجزائريين، كما عرفته في جريدة “المقاومة الجزائرية”، وخلال قيامه بالتدريس في معهد ابن باديس، وأثناء توليه وزارة الشؤون الدينية، وصولا إلى سعيه الحثيث لإعادة المجد لجمعية العلماء المسلمين.. ولا يختلف اثنان على فكرة الإجماع على انتخاب الشيخ سيبان رئيسا لعهدة ثانية على رأس جمعية العلماء المسلمين، لأنه أهل للثقة ولهذه المسؤولية، وأذكر أنه قام بدور كبير، عندما سعى سعيا حثيثا وجادا لإعادة الاعتبار لجنود العربية والإسلام، وإعادة الاعتبار للمعلمين الأحرار أيام الاحتلال.
-
- البروفيسور سعيد شيبان
-
لقد دعا له والدي في حج 1928 بأن يمد في عمر ابنه عبد الرحمان شيبان، الذي كان حينها طالبا صغيرا بالعلم والمعرفة، وأن يمنح النجاح والتوفيق لكل طالب يتتلمذ على يد ابنه، وهذا ما تحقق في أرض الواقع، حيث منح شقيقي علما غزيرا، جعله قبلة لآلاف التلاميذ من المشرق والمغرب.. تتلمذت على يدي شقيقي عبد الرحمان في عديد من المرات، منها أننا عندما كنا تلاميذ صغارا كان عبد الرحمن يرافقني إلى المدرسة ويعلمني في الطريق، بالإضافة إلى أنه كان يرسل لي الكتب من تونس، وكنت أنهل منها في فترة الصيف.
-
-
زبير طوالبي:
-
الشيخ عبد الرحمان شيبان كان معشوق الجماهير الطلابية بلا منازع، نظرا لأناقته الدائمة، وعلمه الغزير وطريقته التربوية المتميزة، التي عادة ما تتخللها روح الدعابة والنكتة.. فلما كنت تلميذا في معهد ابن باديس في الخمسينيات، تعلمت من الشيخ شيبان الذي كان أفضل معلم حينها صفات الصبر والإخلاص وحب الوطن، ولن أنسى للشيخ وفاءه لتلاميذه لما كان وزيرا، حيث سأل عني وأرسلني إلى الحج، وزكى ترسيمي في العديد من المسؤوليات.
-
-
اللواء محمد علاق:
-
مشاركتي الطلاب الجزائريين في معارك تحرير فلسطين نهاية الأربعينيات، كانت بفضل الشيخ شيبان، الذي كان يحرض الطلبة على الجهاد في فلسطين والجزائر، كما كان يحثهم على التخطيط لاسترجاع الأندلس.. لقد تتلمذت طويلا على يد الشيخ عبد الرحمان شيبان، الذي ضحى طويلا من أجل ترقية اللغة العربية، وبث روح الوطنية ونشر العلم في أوساط الشباب، وأشيد بدوره الكبير ومواقفه ومبادراته العلمية التي ساهمت في استحداث حديث الخميس، الذي كان فرصة حقيقية لبعث روح النقاش والإبداع بين الأساتذة والتلاميذ.