“لن يُطرد أحد من غزة”.. هل تراجع ترامب عن خطة ريفييرا الشرق الأوسط؟

لايزال مسلسل التناقضات في تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب مستمرا، بعدما قال، الأربعاء، إنه لن يطرد أحدا من قطاع غزة، على خلاف تأكيداته السابقة بشأن ترحيل الفلسطينيين والإعداد لخطة إعمار جديدة.
وبحسب توضيحات محللين سياسيين فإن تصريح ترامب الأخير الذي قال فيه بالحرف الواحد أنه “لن يُطرد أي فلسطيني من قطاع غزة”، يعتبر تراجعا ملحوظا عن تصريحاته السابقة التي دعا فيها إلى ترحيل الغزيين إلى الدول العربية المجاورة من أجل بناء “ريفييرا الشرق الأوسط” في القطاع الذي دمرته حرب الإبادة الصهيونية.
وجاءت تصريحات ترامب خلال مؤتمر صحفي بواشنطن مع رئيس الوزراء الأيرلندي مايكل مارتن الذي وصل الولايات المتحدة في زيارة غير محددة المدة.
ترمب: لن يطرد أحد من قطاع غزة@SoniaElwafi@AlrawashdehImad pic.twitter.com/HQOBNXT9OM
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) March 12, 2025
وفي سؤال صحفي عن خطته لطرد الفلسطينيين من قطاع غزة، أجاب ترامب أنه “لن يُطرد أي فلسطيني من غزة”، مؤكدا في الوقت ذاته أن واشنطن تعمل “بجد” بالتنسيق مع الاحتلال الإسرائيلي من أجل التوصل إلى حل للوضع في غزة.
وأضاف ترامب أن 7 أكتوبر كان “يوما سيئا للغاية”، وأن إسرائيل كانت “تحت الحصار” خلاله، على حد زعمه، وفقا لما أوردته شبكة يورونيوز الإخبارية الأوروبية.
وتعليقا على هذه التصريحات، قالت مراسلة الجزيرة في واشنطن وجد وقفي إن من الصعب التكهن فيما يتعلق بالرئيس ترامب وسياساته، ربما جاءت هذه التصريحات لأنه لم يكن راضيا عن هذا السؤال من الصحفية الذي وجه أصلا لرئيس الوزراء الأيرلندي عما إذا كان يوافق أو يتفق مع الرئيس ترامب فيما يتعلق بطرد الفلسطينيين من غزة.
وأضافت مراسلة الجزيرة أنه من الواضح أن السؤال أزعج ترامب ورد بالقول إن ما من أحد يريد طرد الفلسطينيين.
وكان الرئيس الأميركي يروج منذ 25 جانفي الماضي، لمخطط نقل فلسطينيي غزة إلى دول مجاورة، مثل مصر والأردن، وهو الأمر الذي رفضته الدولتان، وانضمت إليهما دول عربية أخرى، ومنظمات إقليمية ودولية.
وعرض في مطلع فيفري الماضي خطته بهذا الشأن والتي اقترح فيها تهجير الفلسطينيين بشكل دائم وأن تتولى الولايات المتحدة السيطرة على القطاع مع إطلاق خطة لإعادة إعماره وتحويله إلى “ريفييرا الشرق الأوسط”.
وفي خطوة أخرى أثارت جدلا واسعا، نشر ترامب أواخر الشهر الماضي مقطع فيديو تم إنشاؤه بالذكاء الاصطناعي على منصته “تروث سوشيال”، يُظهر قطاع غزة وقد تحول إلى مدينة سياحية فاخرة، في مشهد بدا منفصلا تماما عن الواقع المأساوي الذي يعيشه سكان القطاع.
ومع بداية مارس تداول ناشطون عبر منصات التواصل الاجتماعي مقطع فيديو تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي لقطاع غزة بعد الحرب، ردا على الرئيس الأميركي دونالد ترامب، العازم على تحويله إلى منتجع سياحي تتمايل في شوارعه الراقصات، ويستجم على شواطئه الصهاينة.
وأظهر الفيديو الذي أشاد بجماله الكثيرون، إعادة إعمار القطاع الذي دمره الاحتلال الإسرائيلي، مع عودة أهله وانتشار قوارب الصيد الذي يعتبر مصدر رزق الغزيين، وأيضا رفع العلم الفلسطيني يرفرف عاليا مكان تمثال ترامب الذهبي.
فيديو متداول تم إنشاؤه بالذكاء الصناعي يظهر تعمير #غزة وعودة أهلها ردا على فيديو نشره الرئيس #ترامب قبل أيام تظهر فيه غزة كمنتجع سياحي. pic.twitter.com/Yuglh6Gvnw
— فوربس الشرق الأوسط (@ForbesME) February 28, 2025
وقال نشطاء إن الفيديو جاء ليؤكد أن غزة للفلسطينيين وستبقى كذلك، أما “غزة ترامب” التي تعج بالفساد الأخلاقي بوجود الراقصات والتماثيل وأوكار الفساد فلا يمكن أن تقوم لها قائمة أبدا.
ورأى الكثيرون في فيديو غزة الجمال والحياة ورسائل الأمل، أما فيديو ترامب فلا يحوي غير الانحطاط والترويج للأفكار الهدامة.
بيان شديد اللهجة من حماس
وفي أواخر فيفري الماضي، أصدرت حركة حماس بيانا شديد اللهجة بشأن الفيديو الذي نشره الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن قطاع غزة، العازم على تحويله إلى منتجع سياحي تتمايل في شوارعه الراقصات، ويستجم على شواطئه الصهاينة.
وقال مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي لحركة حماس، الدكتور إسماعيل الثوابتة، في بيان، الأربعاء: “نستنكر بشدة، وبأشد العبارات، الفيديو المخزي الذي نشره الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والذي يحتوي على مشاهد غير أخلاقية تنتهك عادات وأخلاق وتقاليد شعبنا الفلسطيني”.
وأشارت حماس إلى مشهد يظهر فيه رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو وترامب وهما يحتسيان المشروبات على الشاطئ، معلقة إنه يعكس “عقلية استعمارية عنصرية متجذرة ومحاولة يائسة لإضفاء الشرعية على التطهير العرقي المستمر الذي يقوم به الاحتلال الإسرائيلي بدعم أمريكي واضح”.
وحذرت الحركة الإدارة الأمريكية من الاستمرار في هذا النهج العدائي تجاه الشعب الفلسطيني، ودعت المجتمع الدولي إلى “كبح جماح الرئيس الأمريكي”.
وختمت: “غزة ستبقى فلسطينية إلى الأبد، وشعبنا الصامد الذي عانى من أبشع الجرائم لن يسمح لأي قوة في العالم بسرقة وطنه أو فرض واقع يتناقض مع هويته الوطنية والدينية والاجتماعية، حتى لو كانت تلك القوة الولايات المتحدة”.
يذكر أن المقطع تضمن مشهداً صادما لشابين ملتحيين يرتديان ملابس نسائية ويرقصان رقصاً شرقياً على الشاطئ بين مجموعة من السياح، وهي النقطة التي فجرت غضب الكثيرين عبر منصات التواصل الاجتماعي، ممن ركزوا على رؤية ترامب المنحرفة لغزة ودعوا الدول العربية للتصدي لمخططه.
ونشر ترامب، الأربعاء، مقطع فيديو تم تصميمه بواسطة الذكاء الاصطناعي، يوضح تصوره لقطاع غزة حين تنتهي الحرب ويحوله إلى ريفييرا الشرق الأوسط بعد أن يستولي عليه ويشرد أهله في شتى بقاع الأرض.
وبحسب الفيديو الذي نشره ترامب عبر موقعه للتواصل الاجتماعي تروث سوشيال فإن قطاع غزة سيكون خاليا من حماس وكل الفلسطينيين، شوارعه من ذهب ومليئ بالراقصات الشرقيات، إضافة إلى وجود ناطحات سحاب وشواطئ رملية دافئة وسماء تمطر نقوداً!
نشر ترامب على حسابه فيديو يظهر كيف يتصور غزة بعد امتلاكها وتنفيذ مشاريعه الخاصة.
يظهر في الفيديو إيلون ماسك وفندق ترامب، ويظهر ترامب برفقة نتنياهو يستجمون على شاطئ بحر غزة.
تلك المهزلة الخيالية نشرها فعلاً رئيس أمريكا ، مسخرة . pic.twitter.com/g3ssAtmXQD
— Tamer | تامر (@tamerqdh) February 26, 2025
واستهل ترامب مقطعه الدعائي بظهور أطفال منهكين جراء الحرب يركضون في شوارع وقد اصطفت أكوام من النفايات والردم حولهم، لتبزغ في الأفق شمس ترامب، في إشارة إلى خطته الظاهر منها تحويل القطاع إلى منتجع فاخر والخفي هو الاستيلاء عليها واستئصال المقاومة من جذورها.
ويدخل الأطفال برفقة ذويهم في نفق تظهر في أفقه شمس ترامب الذهبية، ليخرجوا إلى شاطئ رملي دافئ يبزغ فيه النور بعد سنوات من ظلام الحرب والحصار، بينما يتوسط تمثال الرئيس الذهبي ميدان واسع في القطاع.
وتظهر شوارع تعج بالناس وبأشكال الحياة المفقودة في غزة، أبراج عالية، شوارع منظمة تسير فيها سيارات حديثة، وأسواق شعبية تعج بأصناف من المأكولات، في حين تزخر واجهة المحلات بمجسمات ذهبية لترامب.
كما يظهر في الفيديو الترويجي لخطة الاستيلاء على غزة، إيلون ماسك، الحليف الأقرب إلى قلب ترامب وهو يتناول طعاماً على شاطئ غزة بينما يستلقي ترامب إلى جانب نتنياهو بملابس السباحة وسط أجواء احتفالية راقصة!
وتؤدي الراقصات الشرقيات في الفيديو وصلات على أنغام موسيقى أجنبية وهدير يخوت باذخة، لينتهي المقطع بإغراق الناس بالنقود التي تمطر بها السماء في ظل ترامب.
وتظهر عبارة “ترامب غزة” رقم واحد، من أمام ما يبدو أنه مدخل ذهبي للامبراطورية المنشودة أو ريفييرا الشرق الأوسط كما يريدها ترامب، ما يوحي بنوع من جنون العظمة لدى الرجل واعتقاده بأن المال قد يشتري كل شيء حتى الذمم.
في ذات السياق، أعرب نشطاء من مختلف الجنسيات عن غضبهم من استفزاز الرئيس الأميركي لمشاعر الغزاويين وهم يمرون بأحلك الظروف، واستمراره في المساومة لأخذ أرضهم رغم الثمن الذي دفعوه كي يطردوا الكيان الصهيوني.
ريفيرا غزة رجعت مرة ثانية!
ترامب رجع ينشر فيديو عن “ريفيرا غزة” على حسابه على منصة تروث سوشيال Truth Social بعنوان غزة 2025، وكأنوا مشكلة غزة بتنحل بشوية فنادق ومنتجعات على البحر!
ولكن، الواقع مختلف تمامًا، فالناس في غزة مو ناقصهم شواطئ، انما أمان، حرية، وحياة كريمة بعيده عن… pic.twitter.com/UA7Vkh2rz0— Beitna بيتنا (@beitnaofficial) February 26, 2025
وأكد البعض بأنه يتعمد الاستفزاز، بعد أن فشلت كل محاولاته لاحتلال غزة، سواء بالإغراء أو التهديد، خاصة مع نشره لصور نتنياهو إلى جانبه على الشاطئ، بعد التسبب في حرب إبادة أتت على الأخضر واليابس.
وكرر ترامب مرارا الحديث عن رغبته في امتلاك غزة، وقدم جملة من الإغراءات للفلسطينيين ودول الشرق الأوسطة، لترد حركة حماس على تصريحاته بالقول إنها عبثية وتنم عن جهل بطبيعة المنطقة.