-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

شيّطنة الهجرة الإفريقية نحو الشمال: اللعبة المكشوفة!

شيّطنة الهجرة الإفريقية نحو الشمال: اللعبة المكشوفة!

يُضَخِّم الإعلام الغربي كذبة الهجرة الافريقية نحو أوروبا مقارنة بهجرة بقية الشعوب، ويَسعى إلى إبراز شعوب شمال افريقيا وكأنها تُعادي الأفارقة جنوب الصحراء في سياسة يُمكن أن نَصفها بـ”فرِّقْ تَسُد” القرن الحادي والعشرين، للاستمرار في مزيد من الهيمنة على كل إفريقيا…

يُمكن استخلاص هذه الملاحظة من خلال ما يتم الترويج له هذه الأيام من صراع بين كل من أشقائنا في تونس ومهاجري بعض بلدان افريقيا جنوب الصحراء. ولا تتردد بعض الرسائل التي تتناقلها منصات التواصل الاجتماعي من الترويج لخطاب أقل ما يقال عنه أنه عنصري ومُحرِّك للتفرقة بين أبناء القارة الواحدة.

وينبغي علينا مواجهة هذا الخطاب بإبراز حقيقة الهجرة الافريقية مقارنة ببقية الهجرات، وحقيقة التعاون بين الشعوب الإفريقية مقارنة ببقية الشعوب.

لقد بات واضحا اليوم ذلك التنامي المتزايد لوحدة شعور الأفارقة في جنوب وشمال القارة، بأن عدوهم الرئيسي هي القوى الاستعمارية السابقة التي احتلتهم واستعبدتهم لعقود طويلة من الزمن، كما بات واضحا كيف أن هذه القِوى الاستعمارية مثل فرنسا أصبحت تُطرَد تدريجيا من القارة لصالح زيادة التعاون البيني بين دولها وشعوبها، ولصالح ربط علاقات جديدة مَبنية على الاحترام وتبادل المصالح وبدون خلفية استعمارية مع بقية العالم… هذه الإشارات القوية الدَّالة على طبيعة مستقبل القارة، بلا شك، لم تعجب القوى الاستعمارية التقليدية التي باتت تتقهقر يوما بعد يوم..

لذلك لم يبق لهذه القوى سوى إشعال نار الفِتن بين الإخوة وإطالة عمر بقائها، كالحملة الموجَّهَة ضد الشقيقة تونس بأنها تَتبنى مواقف عنصرية تجاه المهاجرين الأفارقة، أو الحملة المُصطَنعة ضد شعوب الشمال الافريقي بأنهم غير أفارقة وينبغي ان يرحلوا، وهي حملات تسير بموازاة تضخيم مخاطر الهجرة الإفريقية نحو أوروبا، والتركيز على         “الزحف” الافريقي على القارة العجوز الذي ينبغي وقفه.

وجميعها قائمة على مغالطات تؤكد الأرقام والإحصائيات طبيعتها العنصرية بما لا يدع مجالا للشك:

ـ أولا بالنسبة للغزو الافريقي للقارة العجوز: تؤكد إحصائيات قسم الشؤون الاقتصادية والاجتماعية للأمم المتحدة سنة 2020 أن أعلى نسبة من المهاجرين نحو أوروبا هي للآسيويين بما يساوي 39%، يليها الأوروبيين أنفسهم بـ 35%(ارتفعت هذه النسبة بعد الحرب في أوكرانيا)، أما إفريقيا فتأتي في المرتبة الأخيرة بـ 22% (16% جنوب الصحراء). أي أن نحو 80% من الهجرة نحو أوروبا ليست أفريقية.

ـ ثانيا بالنسبة للهجرة داخل افريقيا تقدر الأمم المتحدة أن 80% من مهاجري القارة يقومون بذلك داخل دولها، بما يعني أن الاتجاه العام ليس الفرار من القرار كما يتم تصويره لنا بل البقاء فيها.

ثالثا: بالنسبة لشمال افريقيا تُبَيِّن ذات الإحصائيات، أن ليبيا هي التي بها أعلى نسبة من المهاجرين الأفارقة مقارنة ببقية المهاجرين وتقدر بـ 76% تليها الجزائر بـ 56%، فالمغرب بـ 50%، فتونس بـ 13%، بما يعني أن الحملة ضد تونس مُصطنَعة أكثر مما هي حقيقية. وينبغي التساؤل لِمَ تونس؟ ومَن خلف ذلك؟ ولماذا؟

هذا الواقع، يُبيّن لنا ضرورة الانتباه إلى أن هناك من يريد التلاعب بمسألة هجرة الأفارقة سواء نحو أوروبا أو نحن البلدان الافريقية وهناك إشارات واضحة تدل على وجود محاولة زعزعة علاقات الثقة المتبادلة والتعاون والتآخي بين بلدان القارة، لكي يستمر بقاء بعض مِمَّن شعروا بوضوح أن دورهم قد انتهى في القارة (القوى الاستعمارية التقليدية)، أو غيرمُرَحب بهم فيها مثل الكيان الصهيوني… وهكذا تتضح لنا معالم السيناريو الذي يجري تنفيذه الآن في محاولة يائسة لمنع القارة السمراء من الوحدة والاستقلال والتعاون بين شعوبها، وطرد بقايا الاستعمار القديم والجديد إلى غير رجعة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!