-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

طلاق الفارّ.. عندما ترث المرأة طليقها

ليلى حفيظ
  • 2581
  • 0
طلاق الفارّ.. عندما ترث المرأة طليقها

تختلف أنواع الطلاق باختلاف معيار التصنيف. فمن الطلاق الرجعي إلى الطلاق البائن، وصولا إلى ما يسمى بطلاق الفارّ (الهارب)، وهو طلاق تعسفي يعمد خلاله الزوج لتطليق زوجته وهو في مرض الموت، سواء من تلقاء نفسه أم بإيعاز من أولاده. بهدف حرمانها من الميراث. أي فرارا وهروبا من توريثها. فهل يقع هذا الطلاق؟ وهل ستُحرم الزوجة بموجبه من حظها في الإرث؟

طلاق في مرض الموت

طلاق الفارّ، كما يوضح الشيخ رشيد بن عطا الله: “هو تطليق الزوج زوجته في مرض موته طلاقا بائنا بغير رضاها. بإيعاز من أبنائه وبناته، لحرمانها من الميراث.”

أما مرض الموت، كما يضيف الشيخ عطا الله: “هو الذي يغلب على الظن موت المريض به، من خلال العرف والتقارير الطبية. ويبقى ملازما للمريض حتى الموت. ويجتمع في هذا المرض: العجز، غلبة الهلاك، واتصال الموت به.”

طلقني بإيعاز من أولاده

هي امرأة في العقد الخامس من عمرها تقريبا، جمعتني بها الظروف مؤخرا بمحكمة سيدي امحمد بالعاصمة، وبعد دردشة قصيرة معها، سألتها عمّا عصف بها إلى هناك في ذلك الصباح الباكر، فراحت تروي كيف أنها كانت متزوجة بشيخ في السبعينيات من عمره، يحبها وتحبه، على حسب تعبيرها، ولكنه بمجرد أن اشتد مرضه ولزم الفراش، حرّضه أولاده من زوجته الأولى المتوفاة على تطليقها، وكل هذا ليضمنوا حرمانها من حقها في ميراثه بعد موته، لكونهم استشعروا أنه في مرض الموت وهالك لا محالة.

ومثيلات هذه السيدة كثيرات في مجتمعنا، والتعسف في تطليق الزوجات حال مرض موت الزوج صار منتشرا جدا، خاصة في الحالات التي يتم فيها تزويج المرأة من شيخ طاعن في السن قصد العناية به وتمريضه في أواخر عمره. وحينما يستيقن أهله أنه على مشارف الموت يُجبرونه على تطليق تلك الزوجة الممرضة، ليحرموها من أن ترث معهم، مثلما حدث لفاطمة، وهي امرأة أربعينية، اعتقدت أن أبواب الحظ قد ابتسمت لها أخيرا عندما تقدم لخطبتها رجل فاحش الثراء في أواخر الستينيات من عمره، لتكتشف بعد الزواج أنه مصاب بمرض خبيث، تزوجها بتشجيع من أولاده كي تخدمه وتعمل على تمريضه في أيام حياته الأخيرة. ورغم خيبة أملها إلا أن عزاءها كان في الميراث الكبير، الذي ستناله بعد وفاته. ولكن أولاده سطّروا لمصيرها طريقا آخر. فبمجرد اشتداد مرضه وحينما استيقنوا قُرب أجله، دفعوه إلى تطليق تلك المسكينة ليحرموها حقها في الميراث وفي معاشه المنقول. وطبعا، هي لم تكن تعلم أن ما وقع لها يسمى بطلاق الفارّ. وأنها شرعا وقانونا لها الحق في ميراث طليقها.

والأسوأ مما سبق، عاشته السيدة دليلة، التي تزوجت وهي في 41 عاما من عمرها من عجوز مغترب نقله أولاده ليقضي آخر أيامه هنا بأرض الوطن، وبعد أن اعتنت به لشهور عديدة وقبيل وفاته بأسابيع قليلة، قام أولاده بالاعتداء عليها بالضرب المبرح، لا لشيء إلا لكونهم تفاجؤوا مثلها بوقوعها حاملا في ذلك العمر. والظاهر، أنهم تقصدوا إجهاضها، الذي ما إن تم حتى أجبروا والدهم على تطليقها. فخرجت من تلك العلاقة بخفي حنين.

معاملة الزوج بنقيض قصده

سألنا الشيخ رشيد بن عطا الله إن كان يقع طلاق الفارّ فأجاب بأنه: “يقع رجعيا أو بائنا، وهذا باتفاق الأئمة.” أما الاختلاف فكان حول أحقية المطلقة في الميراث. أي هل ترث المرأة طليقها الذي طلقها في مرض موته ليحرمها من الميراث؟ ذهب المالكية، كما يوضح الشيخ رشيد بن عطا الله: “إلى أنها ترثه ولو مات بعد انقضاء عدّتها، وهذا معاملة له بنقيض المقصود”. أما الحنفية، فقالوا إنها ترث، ولكن بتفصيل في مسألة العدة. وكذلك الحال بالنسبة للشافعية الذين ورّثوها. أما الحنابلة فقالوا إنها لا ترث.”

القضاء استقر على العودة إلى المذهب المالكي

أما من الناحية القانونية، فإن المشرع الجزائري،كما يوضح الأستاذ أبو بكر بن يحي، رئيس قسم الحقوق بجامعة زيان عاشور بالجلفة: “لم ينص على أحكام طلاق الفارّ، وبالتالي، في هذه الحالة نعود إلى نص المادة 222 من قانون الأسرة، التي تسمى بمادة الإحالة. واستقر القضاء في هذه الحالة على الرجوع إلى المذهب المالكي، الذي أقر بوقوع الطلاق، وبحق المرأة المطلقة في مرض موت زوجها في الميراث. وهذا لمعاملته بنقيض قصده المتمثل في الإضرار بتلك الزوجة وحرمانها من الميراث.”

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!