-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

كنوز متحف باردو.. الكعكاف والقبقاب ورأس الكبش

ك. فاروق
  • 1488
  • 0
كنوز متحف باردو.. الكعكاف والقبقاب ورأس الكبش

حين يكون المتحف بحد ذاته تحفة قبل التحف، حين تكون للجدران حكايات قبل المعروضات، سمه قصرا، سمه دارا، سمه فيلا.. كل المسميات تليق بالباردو، أو القصر المتحف. الشروق العربي، تحملكم في زيارة ثقافة فن وتراث لأزمنة غابرة، لأمم بائدة.. وهذا، بين غرف أجمل متاحف الجزائر.

يقع متحف الباردو في أعالي شارع ديدوش، مدخله فخم يوحي بأنك ستندهش مما تراه في الداخل، وقبل أن يكون متحفا تراثيا إثنوغرافيا، كان الباردو قبل كل شيء، قصرا بني لأمير تونسي يدعى الحاج بن عمر، ليكون مسكنا له بعد أن طرد من تونس، بسبب مشاكل سياسية على خلفية نزاع على السلطة مع سلطان تونس. وقد استقر الأمير بعد أن منحه داي الجزائر حق اللجوء السياسي. وقد شيدت هذه التحفة المعمارية عام 1779، في طراز موريسكي أندلسي، تيمنا بقصور غرناطة وإشبيلية، لكن بزليج جزائري وإبداع حرفيي جزائر بني مزغنة، الذين لا يضاهيهم فيه أحد في الجوار. وهذا، على مساحة 1650 متر مربع. أما كلمة الباردو، فتعني باللغة الإسبانية المكان المغطى بالورود. وهذا، يعكس تعلق صاحبه بالحضارة الأندلسية.

بعدها، آلت الدار إلى آغا بسكرة، علي باي بوعكاز. وفي عهد الاستعمار الفرنسي، صار الباردو ملكا للفرنسي بيار جوري، الذي أدخل عليه تعديلات عديدة، وأضاف إليها عام 1879 ملحقا استعمل كإسطبل للخيول. في 1926، تنازلت عائلة جوري عن القصر للحكومة الفرنسية، التي حولته عام 1930 إلى متحف لما قبل التاريخ والإثنوغرافيا. وهذا، بمناسبة مرور 100 سنة على احتلال فرنسا الجزائر. وأطلقت عليه اسم متحف باردو ثم سمي عام 1985 بالمتحف الوطني الباردو.

كنوز عمرها ملايين السنين

يضم متحف باردو أروقة وأفنية وديوانا كبيرا، وعشرات الغرف، كما يتميز المتحف بالهندسة المعمارية الموريسكية البديعة، والباحة الكبيرة المزينة بحوض من الرخام الخالص، ونافورة تجعل منه تحفة معمارية فريدة من نوعها.. سر هذا القصر كقصور القصبة وما حولها، هو الخصوصية التامة، إذ تمد الغرف إلى الفناء لا إلى الخارج، ويملك أقبية وسلالم داخلية، توصلك إلى كل مكان في القصر.

أجمل ما في قصر الباردو، الأسقف المصنوعة من الجبس والخشب، المزينة بالذهب وسائر الألوان المبهجة. فالناظر إليها، لا يسعه إلا الاندهاش من جمالها وروعة صنعها.

عرف المتحف عمليات ترميم طويلة، كللت بافتتاحه عام 2013 للزوار.

وقسم متحف الباردو إلى أربعة أجنحة، الأول، خصص لقاعات ما قبل التاريخ. والثاني، يطل على ساحة كبيرة معبدة بالرخام، تؤدي إلى أقبية مقوسة، توصلك إلى جناح يعرف باسم “مخدع المحظية”.
في الجناح الأرضي، المقهى الموريسكي. وفي الطابق الثاني، الجناح الثالث، الذي يمد على ساحة خارجية، وبهو كبير.

أما الجناح الأخير، فقد خصص للحمامات

تخصص المتحف في تحف ومقتنيات ما قبل التاريخ والإثنوغرافيا، إذ يحوي قرابة 15 ألف قطعة، تعود إلى فترة ما قبل التاريخ، بالإضافة إلى مجموعة واسعة من القطع الإثنوغرافية، التي تعود إلى القرون الماضية. وبه عدد هائل من الجماجم لإنسان العهد الحجري، تفوق أعمارها مليوني سنة. وقد تم اكتشافها في مهد حضارات الجزائر. وهذا، في حد ذاته، اكتشاف علمي كبير.

تحف كثيرة يحتويها قصر الباردو، منها أدوات من العهد النيوليتي من الحجارة المصقولة، ونصب لوبية منقوشة على حجارة رملية، تعود إلى آلاف السنين. وكذلك، مجوهرات من العهد النيوليتي من بيض النعام. كما يعرض المتحف تحفة من العهد القديم، هي رأس كبش عثر عليها في تمنطيط جنوب أدرار. وتعد أول منحوتة عثر عليها بالصحراء الجزائرية.

يضم المتحف العديد من التحف الإفريقية. وأهم مجموعة فيها، آلات موسيقية يعود أغلبها إلى القرن الماضي، والذي قبله، برع الإنسان الإفريقي في صناعتها، وهي نادرة.

من التحف الأكثر حداثة، الكفكاف.. وهو نعل غريب، كان يستعمل في منطقة الأوراس، من بداية القرن العشرين. وحذاء القبقاب الشهير، بارتفاع يفوق الكعب الحالي غربي الصنع، وهو معشق بالصدف ورباط التثبيت من الجلد، مغطى بالمخمل، في منتهى الإبداع.

طاسة الخضة النادرة

من المقتنيات النادرة، طاسة الخضة. وهي آنية من النحاس الأصفر، نقشت عليها آيات قرآنية. لكن الغريب فيها، أن عليها رسم النجمة السداسية اليهودية.. وكان يزعم أنها تستعمل في الشفاء من الأمراض المستعصية، الجسدية والروحية. وكان الناس يعمدون إلى ملء الإناء بالماء، وسقي المريض، اعتقادًا منهم بأن الماء الذي لامس الآيات والنصوص القرآنية سيهدأ من روعِ المصاب. ويضم الباردو في غرفه العديد من الأدوات الطبية القديمة، مثل الجبيرة الخشبية، لعلاج الكسور. كما يعرض الكثير من الأزياء القديمة، التي تثبت عراقة وقدم لباسنا، مثل القفاطين والزرابي والأغطية وغيرها.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!