-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

مؤشر التأشيرات

عمار يزلي
  • 760
  • 0
مؤشر التأشيرات

تأتي زيارة وزير الداخلية الفرنسي للجزائر بعد تلك الزيارة التي قام بها الرئيس الفرنسي للجزائر برفقة الوفد المرافق له، والذي كان قد استقبل على أعلى المستويات وخصص اجتماع عال بحضور الوفدين يترأسهما رئيسا الجمهوريتين مع كبار قادة ومسئولي الأمن، وهو شيء لم يحدث له مثيل من قبل على حد تعبير القيادة الفرنسية نفسها.

هذا اللقاء، كان قد حلحل كثيرا من الأمور التي كانت عالقة وشكلت حجر عثرة في طريق تسويات خلافات إما تاريخية وإما حاضرة بحكم دوافع الهجرة والأمن المحلي للبلدين والذي كان القشة التي قصمت ظهر البعير في العلاقات الثنائية بين البلدين ولكن أيضا حتى مع دول الجوار، بسبب رغبة فرنسا في التخلص من مهاجرين إلى بلدانهم دون أن تثبت بالوثائق ارتباطاتهم بوطنهم.

زيارة وزير الداخلية الفرنسي والتي تبعها اتصال هاتفي من الرئيس الفرنسي لرئيس الجمهورية، يؤكد أن العلاقة بين البلدين تسير في طريق صحيح وأن فرنسا قد فهمت أنه لا مجال للضغط على الجزائر والابتزاز عبر الترحيل واستعمال ورقة المهاجرين والمقيمين غير الشرعيين على أراضيها بدون المرور بالطرق الدبلوماسية على مستوى القنصليات لإثبات هوية المطالبين بمغادرة التراب الفرنسي، وأنه لا يكفي الاهتداء بلهجة المتحدث بها لإثبات هويته الوطنية. هذه المنهجية غير العلمية وغير العملية وحتى غير الإدارية، كانت الجزائر قد احتجت عليها، ليس بشأن الأرقام الفرنسية فحسب، بل على طريق التوصل إلى إثبات هوية من لا يحملون هويات أصلا. جاء رد الجزائر مفحما وعلى أعلى مستوى، وأعلن رئيس الجمهورية نفسه في لقائه مع الصحافة الوطنية أن عدد هؤلاء لا يتعدى الستين، فيما كانت فرنسا تعدهم بنحو 8 آلاف، وهو ما أغاظ الجزائر وقررت التعامل بحزم مع طريق التعامل غير الودية وغير الدبلوماسية هذه، فكانت أن ردت فرنسا باختلاق أزمة التأشيرات.

عودة الدفء في عز برد الشتاء وشح الطاقة، إلى العلاقات الفرنسية على المستوى السياسي وخاصة الاقتصادي وبداية ضمور الخلافات الظاهرة، خاصة في ظل الحاجة الفرنسية إلى الجزائر في مجال الطاقة والأمن والهجرة والتهدئة على الساحل الجنوبي الإفريقي وتيقن فرنسا من مركزية الجزائر في مجال الأمن والتعاون الاستراتيجي بين الشمال والجنوب وحكمتها في تسيير الخلافات والأوضاع القائمة في الجنوب وفي ليبيا ودول الجوار، جعل من فرنسا تتفهم أكثر المقاربة الجزائرية وتعيد توجيه بوصلتها نحو آفاق أكثر واقعية بعيدا عن وضعيتها تجاه الجزائر بالأمس، خاصة المرحلة الاستعمارية التي حتما ستؤدي يوما إلى دفع فرنسا، إن لم يكن عاجلا فآجلا لاعتذار والتعويض عن ضحايا التفجيرات النووية في الصحراء الجزائرية ولكن أيضا لكل الضحايا والإبادات الجماعية منذ احتلالها للجزائر. هذا الأمر يتطلب وقتا وصبرا وعملا دءوبا لا يتناسى ولا يسقط بالتقادم.

البراغماتية السياسية تتطلب اليوم العمل على قواعد جديدة بناء أساسها التعاون المشترك، التعاون الوثيق بحكم الجغرافيا وبحكم تواجد جالية كبرى لنا بفرنسا وبحكم الجدوى الاقتصادية أيضا. فقرب المسافة يقرب الربح الثنائي، إذا كانت قاعدة رابح رابح هي المنطلق فعلا، وهذا ما تسعى الجزائر للعمل عليه مع كل الشركاء على اختلاف ألسنتهم وألوانهم واتجاهاتهم إلا من عادى البلاد وشعبها وضمر لها العداء المبطن والصريح.

عودة تنشيط العلاقات الجزائرية الفرنسية على مستوى عال وموسع وفي كل الميادين وعودة التأشيرات إلى ما قبل وضع كوفيد 19، مؤشر على أن المشاكل المختلقة قد انقشع غيمها وأن مستوى جديدا من التعاون الجاد بين البلدين قد لاح في الأفق.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!