ما حقيقة مقولة: “الحب بعد الزواج؟”

أصعب الخيارات في حياة البعض، هي التي تتعلق باختيار شريك فيها، وباستثناء القدر المكتوب، الزواج بالشخص الخطإ قد يكلف الانسان التضحية بمشاعر الحب مدى الحياة، لهذا يختلف الناس حول ما إن كان الحب ضروريا للزواج أم الزواج ضروري للحصول على الحب.
عدم التآلف يصنع التنافر
أيا يكن ما ستصل إليه تفسيرات خبراء علم النفس في هذه المسألة، لا يجب اعتباره تحريضا لاقتحام العلاقات غير المشروع، أو التورط في المحرمات، على مشارف بيت الحلال، لكن الإنسان يبني علاقاته العميقة والدائمة وفق ميكانيزم يسميه العامة بالحب من أول نظرة، ويطلق عليه الأخصائيون الانجذاب قبل التعلق، حيث يبحث الفرد تلقائيا عن نقاط التشابه بينه وبين شريكه، حتى وإن كانت سلبية، يفعل العقل ذلك حماية لصورته، هناك أيضا بعض المقومات التي تكون ضمن أولويات الباحث عن الارتباط، ما إن تتوفر في الشريك المحتمل حتى تتحرك المشاعر تلقائيا، وهي المشاعر التي تدوم إلى الأبد عادة، فالمشاعر التي تتذبذب مع مرور الوقت وتنهار بعد الزواج مهما حاول الطرفان دعمها هي التي كانت مبنية على الأماني، حين يتم الزواج بين الرجل والمرأة ويتمنى كل منهما أن يجد في الآخر ما يتمنى حتى يحبه أكثر، لكن وبمجرد غياب ذلك يحدث الفتور، وينتهي الانبهار، مخلفا التنافر، نتكلم هنا عن المقومات الشخصية والخصال، وحتى العادات اليومية والتقاليد والمعتقدات التي يكبر عليها الشريك لتصبح جزءا من شخصيته، فعدم التآلف الذي يقع فيه الكثيرون بعد الزواج يمنعهم من الحب. تقول نورة 31 سنة متزوجة من ثلاث سنوات: “لم أكن متفرغة للعلاقات، كنت أعتقد أن الحب يأتي مع العشرة، ولم أتمكن من منح مشاعري لشريكي الذي اخترته بقناعة تامة، أكتشفه يوما بعد يوم على العكس أشعر بأنني أكره صفاته، فهو لا يمت لزوجي الذي رسمته في مخيلتي بصلة أبدا، حتى أبسط أفكاره لا تروقني”.
عن أي حب يبحثون؟
الكثير من الأزواج وخاصة الزوجات يعتقدون أن الحب الذي ينتظرهم بعد الزواج، هو ذلك الذي اعتادوا عليه في الأفلام والمسلسلات، وروج له المؤثرون المزيفون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فيغضون الطرف عن المقومات التي على أساسها تبنى المشاعر الفعلية بعد الارتباط، ويتمسكون بالوهم. تقول صوفيا 23 سنة: “في أثناء دراستي
الجامعية، كنت أرفض الدخول في علاقات محرمة، فقد كنت معجبة أكثر بقصص الحب التي يتشاركها الزوجان في الحلال، وأول من تقدم إلي بعد التخرج تزوجته، حتى اكتشفت أن ما حلمت به سابقا هو الرومنسية وليس الشعور العميق بالانتماء لزوجي وتعلقي به، الحمد لله أنني تمكنت من إدراك ذلك، وأصبحت واقعية أكثر، لأنني وجدت أمورا وصفات أخرى حركت مشاعري، غير تلك الأقاويل الفارغة والهدايا والحركات..”.
المشاعر نسبية، والزواج في حاجة إلى مودة ورحمة
المشاعر في العلوم المختلفة والحضارات المتعاقبة والأديان، هي أمر نسبي يختلف من شخص لآخر، يجب أن تحكمها ضوابط شرعية أو اجتماعية أخلاقية حتى تلبس الشرعية، في شريعتنا الإسلامية مثلا الحب هو تلك المودة والرحمة التي تتكون بمجرد الزواج وتسمح باستمراره، لقول الله تعالى بعد بسم الله الرحمن الرحيم: “وجعلنا بينكم مودة ورحمة”، بالنسبة للسيدة نبيلة المتزوجة مرتين تروي تجربتها مع مقولة “الحب بعد الزواج”: في سن 19 كنت أبحث عن الحب، اعتقدت أن زواجي التقليدي لا يستحق أن أفرغ فيه مشاعري فهو قصة أقل من عادية، هذا الأمر سبب لي المشاكل، وأدى بي إلى الطلاق، تزوجت بعدها عن حب، لكن مشاعري نفذت سريعا، مع هذا استمر زواجي هادئا وممتعا، اكتشفت أن المودة والرحمة التي يتكلم عنها ديننا هي أساس الزواج وليست المشاعر السريعة التي يمكن أن تكون زائفة ونطلق عليها الحب، ربما هي انبهار البدايات أو المصلحة المغلفة”.