-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ما لا تعرفونه من نوادر الشيخ المجاهد محمد الصالح الصديق

بشير فريك
  • 814
  • 1
ما لا تعرفونه من نوادر الشيخ المجاهد محمد الصالح الصديق

يتأهب الكاتب والمفكر والأديب  العصامي الوطني الأصيل  محمد الصالح الصديق لإطفاء شمعة القرن  أي 100 سنة. وهو صاحب ما يناهز مائتي(200)  كتاب في مختلف دروب العلم والمعرفة من تاريخ ودين   وفكر  ويلقب بـ”العقاد الجزائري”  أمام غزارة  مؤلفاته ومازال قلمه سيّالا وبيته عامرا  بالزوار  ومكتبته غنية ثرية لا تجد لها بداية ولا نهاية رغم تواضع  مسكنه  في حي القبة بالعاصمة.

كان للأخ الصديق  الدكتور محمد أرزقي فراد  الفضل في  تعريفي به مباشرة  من خلال عديد الزيارات واللقاءات في بيته  العامر بالعلم  والمزدان بحسن الترحاب والضيافة من خلال تلك الكلمات  الرنانة المضيافة الرائعة والقهوة المتميزة التي يتولى تقديمها بنفسه لضيوفه وزواره رغم ثقل السنين.

وللأمانة، فإن  اسم  محمد  الصالح الصديق  مازال يرن في أذني  منذ عقود أيام  كنت كثير السفر وأتابع برنامج  الإذاعة الوطنية، إذ كان  يعد ويذيع حصصه الإذاعية في الوعظ  والإرشاد، وكنا نعلق عليها ونحن شباب بأنه يتحدث عربية فصحى بلكنة قبائلية.

ونحن نرتب زيارته، وهي المهمة التي يتولاها الأخ الصديق  الدكتور فرّاد من حين لآخر بحكم العلاقة المتميزة بينهما، تبادرت إلى ذهني  فكرة إعداد مقالة حول  مضيفنا الكبير المفكر الموسوعي محمد  الصالح الصديق أطال الله في عمره كمحاولة مني ليس للتعريف به لأن اسمه أشهر  من نار على علم في عالم الفكر والوعظ والإرشاد والكتابة والتأليف، ولكن فقط  لتذكير أولي الألباب أن هناك مجاهدا عالما وموسوعة مرابطا بقلمه في محرابه يقارع الزمن ويسجل في صمت وهدوء معاني الصبر  والمثابرة، متحديا ثقل السنين ونوائب الأيام، محولا بيته المتواضع إلى مخبر لصناعة الفكر والكتاب ومزار علية القوم قبل عامتهم للاستزادة من علمه ومعلوماته وذكرياته النادرة الغزيرة.

صعوبة ضبط الحوار

كعادته استقبلنا استأذنا الكبير بترحاب كبير وبعبارات رقيقة صادقة كل باسمه مع وصف خاص لكل واحد منا نحن الاثنين.

وجدناه متعبا، ومع ذلك  لم يتوان عن إبراز بشاشته المعهودة وابتساماته الصادقة وهو يستعين بعصاه  في  تحركه ومشيته. مباشرة ألقيت  نظرة  على رفوف مكتبته العامرة  بأمهات الكتب  والمخطوطات  هنا وهناك  ومؤلفاته المتناثرة  على الطاولات والرفوف المزيَّنة بلوحات التكريم والتقدير، فتملكني  التردد في كيفية إعلامه بأنني زرته اليوم بثوب الصحافي مع أنني  لم أتمكن من ضبط  موضوع الحوار أمام  تزاحم الأفكار والأولويات التي يمكن أن  أحاوره بشأنها والتي لم يكن قد تطرق إليها من قبل في حواراته ولقاءاته الإعلامية منذ عقود الاستقلال  والى اليوم.

وبصراحة  كنت مترددا في المبادرة بطرح الأسئلة  خوفا من أن (يمد رجليه) مثلما فعل الإمام أبو حنيفة  في أحد مجالسه ،إلا أن مضيّفنا بادرنا بالقول: “إن الإنسان الموجود عندي هو الذي يضيف للحياة شيئا جديدا يُذكر به، لأنه بوفاته سيُنسى، إلا بما خلّفه من أثر وعمل صالح” ويقصد الكتابة. مضيفا “إن الذين  يعرفون ابن باديس بعد وفاته أكثر من الذين يعرفونه في حياته”.

ولأنه استرسل في الحديث فقد تم فك عقدة  السؤال والجواب وتوليت عملية ضبط  وتسجيل ما أمكن من سيل المعلومات والذكريات رغم صعوبة ذاك  نتيجة  تداخل المعلومات والتواريخ .

وأمام ذلك وجدت نفسي طالبا بل تلميذا أحاول اقتناص أهم رؤوس الأقلام  مما جرى في الجلسة  من دون ترتيب وذلك على النحو التالي

مقاصد القرآن بعد 70 سنة امتدت يد شيخنا إلى كتاب أنيق في طبعته السابعة السنة الماضية تحت عنوان :

“مقاصد القرآن”  وأهداه  لي بالتوقيع بخط يده، وبإيجاز قال إن هذا العمل أنجزه أثناء الثورة  وتحديدا في 1955، وهو ثاني عمل بعد أول كتاب  وهو طالب بجامع الزيتونة بتونس تحت عنوان “أدباء التحصيل” كما سيأتي. مستطردا بالقول إن الكتاب طُبع  في الشهور الأولى للثورة وتناوله البشير الإبراهيمي  بالتحليل والتعليق بنحو عشرين مقالا آنذاك وقام بإهداء نسخ منه إلى علماء وزعماء  عديدين ومنهم الرئيس جمال عبد الناصر والملك السنوسي ملك ليبيا ذي الأصول الجزائرية والملك المغربي محمد الخامس، وقد وُجهت للكاتب رسائل تنويه وتقدير عديدة على ذلك الإنجاز  في جزائر حاول المستدمر طمس هويتها وبعدها الحضاري الإسلامي، وفي خضم الإرهاصات الأولى للثورة المباركة ،مما جعل الإقبال عليه كبيرا والإعجاب به  متزايدا منذ ذلك الوقت أي منذ سبعين سنة  ليتم

انجاز  الطبعة السابعة السنة الماضية 2024 ليبقى عملا مرجعيا  للدارسين والمدرسين على مر الأجيال.

أما عن أول كتاب له  “أدباء التحصيل” فقد كتبه وهو طالب في الزيتونة كما ذكرنا  موضحا انه وظف كلمة التحصيل نسبة إلى الشهادة العلمية “التحصيل”: التي كانت يتوج بها طلبة جامع الزيتونة عند تخرجهم .مسجلا انه كتب الكتاب في الوقت ذاته الذي كان في فترة الامتحانات وكتابة مقالات في جريدة “الطالب الزيتوني.”

وعن ظروف طبع أول كتاب له من أربعة أجزاء يقول إنه جمع  ما أمكن من المال من قريته بما فيهم العجائز إذ تبرعت إحداهن بتسع بيضات دجاج كمساهمة منها.

وبصدور الكتاب أقيم له حفلٌ تكريمي ومدحه  فطاحلة الأدب والشعر أمثال أبو اليقظان ومحمد  العيد آل خليفة، إلا أن شيخنا يعترف أنه أصيب  بمرض الغرور جراء ذلك النجاح، وإثر تلك  الأضواء التي سلطت عليه وهو في ريعان الشباب  وفي قمة العطاء الفكري، لكنّه تمكَّن من تجاوز ذلك  بسرعة بعودته إلى القيم الروحية والأخلاقية، وهو ينجز  كتاب “مقاصد القرآن” إذ وجد نفسه إنسانا بسيطا مثل العصفور على حد تعبيره.

عند الشيخ الطاهر بن عاشور وآخرين

يروي  الشيخ  محمد الصالح  الصديق  عينات من ذكريات عنفوان الشباب  لاسيما في تونس  طالبا وكاتبا  متميزا جلب إليه أنظار العلماء والمشايخ واهتمامهم، فضلا عن الأتراب  والخلان.

من ذلك أنه بعد أن  ذاع  صوته وتجلت مكانته الأدبية والفكرية جراء النجاح الذي حققه كتابه  الأول  “أدباء التحصيل” وتكريمه من طرف شيخ الزاوية اليلولية بمنطقة القبائل التي درَس ودرَّس فيها  .

أما في  تونس  فقد كانت له فرصة لزيارة  علامة  زمانه الفقيه المفكر والأديب  الشيخ  الطاهر  بن عاشور من   الأصول الأندلسية  وذلك  بعد أن توسَّط له الشيخ العربي العنابي لترتيب تلك  الزيارة التي يقول عنها  إنه كان  مضطربا  حائرا كيف  يكلم  الطاهر بن عاشور  بأبهته ورمزيته العلمية الفكرية  التي  طالت العالم العربي والإسلامي؟ وكيف أهدي له كتابي الأول وأنا الطالب القادم من الجزائر التي عملت فرنسا على  مسخ هويتها العربية الإسلامية؟ ويضيف: دخلت عليه  فوجدته  كتلة بيضاء،

برنوس أبيض ورأس أبيض ولحية بيضاء  وعلامات الوقار بارزة على ملامحه المرحة التي يرتاح لها المرء لأول  وهلة، واستقبلني  مرحبا  منشرحا بأسلوب العلماء الفقهاء. وفي الوقت الذي كنت أتأهب  لإهدائه كتابي اتضح أن الكتاب كان عنده! اقتناه أو أهدي له.

وبعد سؤاله  لي عن ظروفي في تونس  وأحوال الجزائر  وإعطائه  صورة موجزة عن سؤاليه ختم اللقاء  بالقول:

يا بني تنتظرك  شمس ساطعة  فلا  تهتم أو تفكر  فيمن غضب أو فرح”  وكان جوابي “يسعدني  ذلك شيخنا  الجليل”.  وتبقى تلك الزيارة منقوشة  راسخة في الذاكرة  إلى أن ألقى الله تعالى.

هذه  المحطات وغيرها  وان تبدو اليوم  بسيطة  في محتواها، فإنها هامة وقوية إذا وضعت في سياقها  وزمانها آنذاك فالرجل كانت فعلا تنتظره شمس    ساطعة  كناية عن مسيرته المشرّفة طالبا ومدرسا  ومجاهدا  وأديبا موسوعيا من الصعوبة الإلمام  الكلي بجوانب مسيرته الفريدة.

من الملك السنوسي إلى طه حسين

من الوقفات التي يتذكرها مضيّفنا الصادق الصديق أنه كان مديرا لمكتب الإعلام التابع للثورة في ليبيا لسنوات عديدة إلى غاية استرجاع السيادة الوطنية، وكان هناك مواطن محسن ليبي اسمه يوسف مادي جمع 81 من بنات شهداء الثورة الجزائرية وأعدّ لهن مدرسة بإقامة محترمة حيث يتعلمن باللغات الثلاث العربية والإنجليزية  والفرنسية، وفي كل عيد يقام لهن حفل تكريم  تحضره وجوه سياسية ورسمية.

وبحكم مهمتي كنت دائم  التردد عليهن كبنات لشهدائنا الأبرار، وفي إحدى المناسبات تقربت مني  إحدى موظفات في البلاط الملكي  طالبة مني إعطاءها إحدى البنات لتكون ابنة للملك السنوسي الذي  ليس له ذرية، ويقول شيخنا محمد الصالح الصديق  إنه من دون تردد ومن دون استشارة  لأحد من مسؤولي الثورة اختار فتاة جميلة أنيقة  وسلّمها  للمعنية ،وأصدر البرلمان الليبي قرارا بتبني  الملك لتلك البنت لتصبح ذات  شأن في عهد الملك السنوسي، وهي الآن مازالت حية وتعيش في مصر.

أما عن موقف الملك  إدريس السنوسي  من الثورة  الجزائرية، فيقول محدثنا  إن الدعم والمساعدة  المادية والمعنوية  للثورة لا يمكن  حصره ولا يمكن تصوره، فهو كان يعتبر ثورة الجزائر  ثورته، وتحرر  الجزائر  هو استكمال لتحرر  ليبيا، ولعل  ما بقي من قادة الثورة  مازالوا يتذكرون  ذلك بامتنان واعتزاز،  ولا غرابة في الأمر  من ملك   ذي أصول جزائرية مستغانمية.

يقول الصالح الصديق إنّ زار الدكتور طه حسين زار تونس وألقى محاضرة استقطبت جمهورا كبيرا من المثقفين، وكانت محاضرة  قيمة، إلا أنه أسهب في الحديث عن كفاح تونس والمغرب ضد الاستعمار ولم يذكر ثورة الجزائر ولو بكلمة واحدة .بعد انتهاء المحاضرة أجهدت نفسي للوصول إليه وقلت له: دكتورنا المحترم كانت محاضرتكم  قيّمة مفيدة، لكن كيف أهملت كفاح الشعب الجزائري الذي يخوض ثورة تحررية كبرى؟ فوضع  يده على يدي قائلا: “الجوّ لا يسمح؟” من دون أن يضيف كلمة واحدة.

أما بشأن  عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين، فيقول  استأذنا الكبير  إنه  في إحدى  المناسبات زار  الدكتور طه حسين  رفقة زوجته الفرنسية سوزان تونس وألقى محاضرة استقطبت جمهورا كبيرا  من المثقفين، وكانت محاضرة  قيمة  في مجملها، إلا أن  المحاضر أسهب  في الحديث عن كفاح تونس والمغرب ضد الاستعمار ولم يذكر  ثورة الجزائر ولو بكلمة واحدة .بعد انتهاء المحاضرة  أجهدت نفسي للوصول إليه  وجلست  بجانبه وقلت له : دكتورنا المحترم   كانت محاضرتكم  قيمة مفيدة، لكن كيف أهملت كفاح الشعب الجزائري  الذي يخوض ثورة تحررية كبرى؟  فوضع  يده على يدي قائلا: “الجو لا يسمح؟” من دون أن يضيف كلمة واحدة .

وللأمانة، فإن الدكتور أحمد طالب الإبراهيمي  ذكر لي في إحدى زياراتي له ما يؤكِّد الموقف السلبي ذاته لطه حسين إزاء الثورة الجزائرية، قائلا إن ذلك ربما بتأثير من زوجته الفرنسية التي كانت لها سطوة  كبيرة عليه.

بين مولود قاسم والرئيس بومدين

يسترجع استأذنا الكبير محمد الصالح الصديق  بعض  نوادره  مع  العلامة مولود  قاسم  نايت بلقاسم  كزميل الدراسة في جامع الزيتونة ووزير للشؤون  الدينية  في عهد المرحوم هواري بومدين  كرئيس للدولة .

ويذكر  أن  مولود قاسم  كان طالبا وطنيا  ملتزما بدراسته، متميزا بذكاء  حاد، وشديد المراس، يصدع بكلمته عندما يرى أنه على حق  من دون خوف من لومة لائم، وكانت حالته المادية صعبة كغيره من جل الطلاب الجزائريين  في تونس .وكان همه الأول والأخير  النجاح  في دراسته والعودة للجزائر  لخدمتها وهي مستقلة  متحررة.

كان سي مولود رحمه  دائما يرتدي معطفا  ليستر به  بقية ثيابه الرثة  حفاظا على عزة النفس وهمة الشخصية، وذات يوم طلب مني  مبلغا زهيدا (ألف فرنك) فاعتذرت لعدم وجود المبلغ عندي.

كنت مترددا في المبادرة بطرح الأسئلة  خوفا من أن (يمد رجليه) مثلما فعل الإمام أبو حنيفة  في أحد مجالسه ،إلا أن مضيّفنا بادرنا بالقول: “إن الإنسان الموجود عندي هو الذي يضيف للحياة شيئا جديدا يُذكر به، لأنه بوفاته سيُنسى، إلا بما خلّفه من أثر وعمل صالح” ويقصد الكتابة. مضيفا “إن الذين  يعرفون ابن باديس بعد وفاته أكثر من الذين يعرفونه في حياته”.

في اليوم الموالي شاهدت سي مولود من دون معطفه المعتاد وثيابه الرثة بارزة وهو يكاد  يتوارى عن الأنظار، فاستفسرته عن الأمر ليقول لي  لقد وجدت كتاب “من وحي القلم” للأديب المصري الكبير مصطفى الصادق الرافعي فكان لابد من اقتنائه  فلم أجد بدا من بيع المعطف  لشرائه، فالمعطف سأعوضه أما الكتاب إذا نفد فقد لا أعثر له عن أثر  أمام أهميته  والاقبال الكبير عليه!

تلك هي الظروف التي صقلت  طلاب الأمس رجال  اليوم.

وبعد أن استطرد  في نوادره مع مولود قاسم في تونس يضيق المجال لاستعراضها هنا يتوقف عند  حادثة له مع مولود قاسم  كوزير والرئيس هواري  بومدين، ذلك  أنه في أحد  الأيام زاره الوزير مولود قاسم  في داره قائلا  له :

أنت أهديت كتبك لكل الناس ولم  تهدِ لرئيسنا كتابا واحدا، يقول محدثنا فقمت على الفور  ووضعت  مجموعة من الكتب  في “كارتون” مع كلمة إهداء  للسيد الرئيس وسلمتها للأخ الصديق الوزير   ليسلمها لبومدين، وكنت انتظر  رسالة شكر أو شيئا من هذا القبيل، ونسيت الموضوع  حتى وفاة  بومدين  رحمه الله، ثم مثلت الجزائر في إحدى المناسبات  بالكويت وبعودتي عرجت على منزل مولود قاسم، وفي إحدى  زوايا القاعة لاحظت ذلك  الصندوق (الكرتون) فتأكدت أنه  هو الذي  وضعت فيه

الكتب  للرئيس  بومدين ووجدتها  كما هي، وعند استفساري الأمر لدى سي مولود رحمه الله   قال لي :لقد خجلت أن أعيدها لك وأخبرك بما حدث  مع  بومدين، مضيفا  بأنه  ذات صباح باكرا اتصل بي الرئيس  قائلا: يجب أن تكون الآن في الرئاسة، فتوجهت مسرعا لأجد بومدين غاضبا قائلا:  لقد ضحك علينا محمد الصالح الصديق! فها هو يكتب في كتابه بأن أحمد بن بله رئيس الجمهورية، خذ كتبك  ولا أريد  أن اسمع عنه أو أراه.!

عايش محمد الصالح الصديق الاستعمار وناضل ثم جاهد ضده، وعايش الاستقلال وقدّم  الكثير في مجالات التربية والتعليم وتخرجت على يده  جحافل من الطلاب والإطارات، ثم واعظا مرشدا بالصوت والصورة والقلم، تاركا ما لم ينجزه غيره من أعمال بلغت تحديدا 190 كتاب منها ثلاثة كتب أنجزها في رمضان الماضي، رغم  ثقل السنين ببلوغه عتبة المائة سنة.

وهنا يوضح الشيخ محمد الصالح الصديق أن الأمر يتعلق بكتاب كتبته أيام كان ابن بلة رئيسا، فقط لم انتبه فأرسلته له مع مجموعة الكتب  حسب رغبة الأخ الصديق مولود قاسم تلك هي بعض الكلمات  التي اقتنيتها  من زيارتي لاستأذنا العلامة  الموسوعي  محمد الصالح الصديق رفقة صديقي محمد أرزقي فراد،  ذلك أنه بينما  كنا نتأهل للمغادرة  متأسفين  بعد أن مرت ساعتان بسرعة، فإذا  بإسماعيل ميرة، البرلماني السابق ونجل القائد   عبد الرحمن ميرة، يدخل علينا في  ضوء موعد  مسبق مع شيخنا  الفاضل، وكان يحمل مخطوطا من إنتاجه في جزئين  بنحو 1500 صفحة عن حياة شيخنا تحت عنوان :

“المفكر محمد الصالح الصديق من الطفولة إلى الشيخوخة”، هذا  العمل استغرق نحو ثلاث  سنوات من الجهد  اللصيق بالشيخ محمد الصالح الصديق   حسب الكاتب، وأنه سيُطبع قريبا إن شاء الله ليكون جاهزا خلال معرض الكتاب القادم ويكون إضافة  شاملة متميزة عن حياة ومسيرة واحد من علمائنا الكبار أطال الله في عمره، ويكفي القول انه  عايش الاستعمار وناضل ثم جاهد ضده وعايش الاستقلال وقدّم  الكثير في مجالات التربية والتعليم وتخرجت على يده  جحافل من الطلاب والإطارات ثم واعظا مرشدا بالصوت والصورة والقلم، تاركا ما لم ينجزه غيره من أعمال بلغت تحديدا 190 كتاب منها ثلاثة كتب أنجزها في رمضان الماضي، رغم  ثقل السنين كما أسلفنا  ببلوغه عتبة المائة سنة.

وأخيرا  بودي التأكيد أنه مهما حاولنا التنويه  بهذا العالم الجليل، فإنه  من شبه المستحيل أن نوفيه حقه  ليبقى جزاؤه عند ربه الكريم، فألف ألف تحية تقدير واعتزاز  لشيخنا ابن جرجرة المجاهد الفاضل من ابن الشهيد ابن الأوراس.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • محمد

    لا أسمح لنفسي أن تفوتني فرصة الإشادة بشيخنا محمد الصالح الصديق الذي كان لي الحظ الوافر في لقائه يوم أشرف تحت رئاسة المرحوم الشيخ الدكتور شيبان على لجنة أول امتحان لتخرج الدفعة الأولى لأساتذة التعليم المتوسط للغة العربية بالجزائر.فبينما كان الممتحنون يحتاطون من تدخلات رئيس اللجنة المعروف لما يفرضه عليهم من كبت قلقهم كانوا في المقابل يطمئنون لعناية ورعاية الأستاذ محمد الصديق لهم.هذه المعاملة الطيبة كانت بالنسبة لي على الأقل دافعا لأواصل دراستي في لغتنا الوطنية حتى صرت مسؤولا إداريا على الدكتور محمد فراد.أعتبر بحق الشيخ محمد الصالح الصديق رمزا للتواضع رغم مكانته الأدبية والعلمية العالية.