مغارة الكهوف العجيبة بزيامة مغلقة.. وخيبة كبيرة لسياح جيجل

يمضي الآن أسبوع كامل، وفي عز موسم الاصطياف والسياحة بولاية جيجل، وأبواب كهوف مدينة زيامة العجيبة مغلقة، في ذروة موسم السياحة، وهي واحدة من أشهر المغارات في شمال قارة إفريقيا ودول البحر الأبيض المتوسط، وهناك من يسافر لأجلها من وسط وغرب البلاد وحتى من أوروبا، بسبب ما تقدّمه للناظرين من عجائب.
“الشروق” التي تواجدت في عين المكان والتقت بالمتذمرين والغاضبين من زائري المكان، سألت بعض العمال في الموقع التابعين للحظيرة الوطنية “تازة” من مديرية الغابات، عن السبب، فردوه إلى خلل في التيار الكهربائي، جعل من فتح أبواب المغارة غير ممكن، لكن ما لاحظناه هو أن المكان كان شاغرا، من دون تقنيي شركة “سونلغاز”، بينما رفض مشرفون على بلدية زيامة منصورية الخوض في الموضوع على اعتبار أن المغارة ليست تابعة لشؤونهم، لأجل ذلك، بقيت أسئلتنا تطرح دون أي إجابة.
مجموعة من التلاميذ النجباء القادمين من تيارت في زيارة إلى زيامة منصورية بولاية جيجل، كهدية لهم نظير نجاحاتهم الدراسية، بدوا في حالة تذمر وقال أحدهم، وهو من الحاصلين على البكالوريا بمعدل يفوق الـ18 من عشرين: “قبل تنقلي من تيارت، ألقيت نظرة ويكيبيدية ويوتوبية على مغارة زيامة منصورية، فشدّتني بروعتها، وصِرت أسابق الزمن لأجل رؤيتها والتقاط الصور أمامها، لأصطدم بغلق أبوابها من دون تقديم أي مبرر أو موعد لفتح أبوابها”، ويكمل صديقه، الذي سيدرس الطب في معهد وهران خلال الموسم القادم: “هي خيبة وكفى”.
أما نرجس، المهاجرة في مدينة نانسي الفرنسية وهي ابنة المنطقة، فقالت ضاحكة: “منذ سنوات وأنا أفتخر بالكهوف العجيبة لمدينتي أمام أهل زوجي المنحدرين من شرشال، وعندما سنحت الفرصة لزيارة المكان، بعد جهد مالي وبدني ومن كل الجوانب، كانت الأبواب مغلقة!”.
ليت الأمر توقف عند غلق أبواب مغارة الكهوف العجيبة، بل طال شاطئ الكهوف العجيبة ووادي المدينة العذب، وهو أيضا تحفة طبيعية نادرة لشاطئ ينام في بساط أخضر من الأدغال وواد ساحر بمياهه الباردة، وتم بمرسوم رئاسي في ثمانينيات القرن الماضي، تحويله إلى محمية طبيعية وزاد تصنيفه من طرف “اليونيسكو” في بداية القرن الحالي، ما جعله محل اهتمام سياح من كل قارات العالم، حيث لاحظنا بأن الموقع يغرق في القمامة بل في أطنان من القارورات البلاستيكية وكل فضلات السياح، في غياب سلال الفضلات وحاويات القمامة، والمؤسف أن الكثير من الأكياس البلاستيكية والقارورات سقطت في الشاطئ، حتى تلوث، ولم يعد صالحا للسباحة ولا حتى للنظر فيه.
كل المديريات التي اتصلنا بها رفضت تحمّل المسؤولية، وقذفت الكرة بعيدا عنها، من الحظيرة الوطنية “تازة” المشرفة على المغارة العجيبة إلى مديرية البيئة ومديرية السياحة وحتى زوار الموقع أبعدوا التهمة عنهم، ولم نجد غير عضو في البلدية ضمن قائمة حرة، الذي قدّم لـ”الشروق اليومي” نبذة عن المكان الجنة الذي تحوّل إلى جحيم من الإهمال قائلا: “صراحة، البلدية كان من المفروض أن تضع الكثير من السلال لجمع القمامة، والمواطن صار يرمي ما يتبقى من طعامه والأكياس البلاستيكية، في الهواء الطلق، كما أن استغلال الوادي بوضع الطاولات والكراسي في المياه، يتم بفوضى ووسط القاذورات وهناك من يأكل ويرمي الفضلات في الوادي، حتى أن سريان الماء توقف وتحوّل الوادي في بعض أجزائه أشبه بمياه الصرف الصحي”، ويكمل العضو البلدي لومه للحظيرة الوطنية “تازة” المشرفة على المكان، بعد مداخيل عملها الصيفي المقدّرة بحوالي مليار ونصف، تأتي من السياح وقد ترتفع إلى ملياري سنتيم، لم تستثمر فيها حتى في الكهرباء غير المتوفرة بكمية كافية منذ خمسة عشرة سنة، وخيوطها الكهربائية العتيقة عنكبوتية وهي لا تهدّد بالظلام فقط، وإنما بالموت لمن يلمسها، والغريب، كما قال هذا العضو، أن الاتفاقية التي كانت بين الحظيرة والبلدية فسخت، فكانت النتيجة غلق المغارة العجيبة وغرق المحمية في القمامة، وتنصل كل الجهات من مسؤولياتها.
غادرنا المحمية الطبيعية ونحن محاطون بمجموعة من المواطنين القادمين من بعيد وهم في قمة تذمرهم، متسائلين عن السبب الذي يجعل بعض الهيئات لا تستغل مثل هذه التحف الطبيعية الساحرة، ثم تتباكى على نقص المداخيل المالية.