-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

يغشّون ويأكلون الحرام في رمضان!

سلطان بركاني
  • 5483
  • 0
يغشّون ويأكلون الحرام في رمضان!

المفترض في كلّ عبد مؤمن مسلم، أن يجعل من رمضان محطّة يراجع فيه نفسه وحاله، ويتلمّس علاقته بالله جلّ وعلا، وعلاقته بإخوانه من حوله، ويتدارك تقصيره في حقّ مولاه، ويصحّح ما شاب معاملته لإخوانه من شوائب، لكنّ كثيرا من المسلمين يظنّون بلسان أحوالهم أنّ حقّ رمضان لا يتجاوز ساعات من النّهار يمتنعون فيها عن الطّعام والشّراب، وساعة من اللّيل يصلّون فيها التراويح، وبذلك يكونون قد أدّوا ما عليهم من حقّ الشّهر الفضيل، وربّما يعتقد كثير منهم أنّ التّوبة في رمضان هي فقط أن يحافظ الواحد منهم على الصّلاة في وقتها ويفتح المصحف بعد العصر أو بعد الفجر ليقرأ ما تيسّر من القرآن، أمّا المعاملات فيعتقد أنّه لا علاقة لها برمضان ولا بالصيام، فلا يفكّر في التّوبة إلى الله من كثير من الأعمال والمعاملات المحرّمة التي كان مصرا عليها قبل رمضان.

ترى كثيرا من الموظّفين، قبل رمضان، قد اعتادوا التّثاقل في أداء ما أوكل إليهم من أعمال، ويجدون المبرّرات للتّملّص من أداء واجباتهم، فتارة يتعلّل الواحد منهم بحاجته إلى ارتشاف القهوة، وتارة ينشغل بطالعة الجريدة ومحادثة الزّملاء وتصفّح الفايسبوك، وربّما يكون قبل هذا وذاك قد تأخّر في الدّخول إلى مكان العمل لينصرف بعدها قبل نهاية الدّوام، ولا تحدّثه نفسه بأنّه يأكل السّحت ويطعم أبناءه الحرام، ويزداد الأمر سوءًا عندما يتسبّب بكسله وإهماله في تأخير مصالح إخوانه من حوله، وربّما يتسبّب في إلحاق الأذى والمشقّة بمن يضطرّون إلى التردّد على المصلحة التي يعمل فيها مرارا وتكرارا من دون أن تقدّم لهم الخدمات التي يطلبونها.

كان يفترض في العبد المؤمن الذي يعي أنّ التّوبة تعني الإقلاع عن المحرّمات والإقبال على الطّاعات، أن يجعل من رمضان محطّة يعقد فيها العزم على ترك هذه العادات والتّوبة منها، ويبدأ صفحة جديدة من حياته، يحرص فيها على أكل الحلال وعلى حفظ الأمانة التي أوكلت إليه؛ هذا هو المفترض، لكنّ واقع الأمّة عامّة وواقع الجزائريين خاصّة، يدلّ على أنّ رمضان يتحوّل في حياة كثير من الصّائمين إلى محطّة لزيادة جرعات الحرام، حيث يتعلّل كثير من الموظّفين بالصّوم والتّعب وقلّة النّوم ليدخلوا إلى أماكن أعمالهم متأخّرين وهم يجرّون الخطى ليقضوا أوقات الدّوام بين النّوم والكسل والاعتذار عن عدم تقديم أيّ خدمة، فلا يسمع من يضطرّ للوقوف بين أيديهم سوى عبارة “نحن صائمون، عد بعد رمضان”! بل قد يصل الأمر إلى حدّ الصّراخ والسبّ المقذع إذا ما طولب الواحد منهم بأداء عمله!.

فأيّ صيام هذا الذي يدّعيه هؤلاء، والنبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول: “من لم يدع قول الزّور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه”؟ وأي عمل بالزّور أعظم من أن يستمرئ العبد المسلم أكل الحرام في أيام رمضان؟ إنّه لأمر مؤسف حقا أن يتحوّل رمضان عند أكثر العمّال والموظّفين إلى عطلة غير معلنة، وإلى شهر كسل ووهن وخمول، في الوقت الذي يفترض أن يكون شهر حرص على أكل الحلال وشهر عمل وإخلاص وإتقان، يتفانى فيه كلّ عامل وكلّ موظّف في إسداء العون لإخوانه وتيسير أمورهم وقضاء حاجياتهم.

وبإزاء هؤلاء الموظّفين، يصرّ كثير من التجّار خلال الشّهر الفضيل على مضاعفة أرباح تجاراتهم، مستغلّين زيادة إقبال الصّائمين على اقتناء السّلع، فتراهم يضاعفون الأسعار، وربّما ترى منهم من يستبيح الغشّ غير مكترث بحرمة الشّهر، فيخلط الجيّد بالرّديء، ويعرض للزّبائن الجيّد ويزن لهم من الرّديء، وترى من ينفق سلعته بالحلف الكاذب على أنّها حلوة وجيّدة وهي في أغلبها ليست كذلك، وترى من يتساهل في أمر الميزان فلا يتأكّد من دقّته ولا من نظافته، وترى من يعوّد نفسه الاعتذار إلى كلّ زبون عن عدم ردّ ما يبقى عنده من نقود أقلّ من 5 دنانير… وهكذا تسوّل الأنفس الأمّارة بالسّوء لأصحابها من التجّار الذين يرون في رمضان أهمّ فرصة لمضاعفة الأرباح، تسوّل لهم مقارفة كبيرة الغشّ في شهر يفترض أنّه شهر للتّراحم، يغتنمه التّاجر الذي يرجو الله والدّار الآخرة في رحمة إخوانه والرفق بهم، راجيا أن يرحمه الله ويعتق رقبته في هذا الشّهر الفضيل.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!