-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

آفاق غار جبيلات

عمار يزلي
  • 13508
  • 0
آفاق غار جبيلات

انبعاث مشروع غار جبيلات بتندوف اليوم بعد نحو أكثر من 50 سنة من التعثر، يمثل أكبر خطوة تُقدم عليها الجزائر بعد الطريق السيار شرق غرب وهذا لما سيكرّسه المشروع على المديين المتوسط والطويل.

مشروع غار جبيلا للحديد الذي تعثر مع المغرب لأسباب يدركها هو وحده، لكن الكل بات يعلم أن المشروع ضخم وكان بالإمكان أن يساهم مبكرا في بناء سرح المغرب العربي الكبير وقت الراحل هواري بومدين الذي كان يؤمن بأن قاعدة صناعية ثقيلة في الجزائر هي السبيل الأوحد للخروج من التبعية للغرب الاستعماري. كان الراحل أول ما جسده في هذا الإطار مشروع معمل الحديد والصلب بعنابة، الذي لم يقبل أحدٌ من القوة الاقتصادية وقتئذ وعلى رأسها فرنسا في إنجاز المشروع، بل على العكس وضعت كل العراقيل والمثبِّطات في طريق إنجاز هذا المشروع الضخم الذي كان سيعمل على إنتاج الحديد والصلب من المواد الخام الجزائرية الذي كانت فرنسا والغرب يفضلون شراؤها مادة خاما رخيصة الثمن وإعادة بيعها لنا في شكل مواد مصنَّعة بأسعار مضاعفة عشرات المرات.

السوفيات فقط هم من قبلوا ببناء مشروع الحديد والصلب بعنابة، وها هو مشروع غار جبيلات يخرج من الرماد كالعنقاء بعد أن كاد يُدفن وتُدفن معه آمال البلاد في إنتاج شبكة صناعية متعدِّدة تساهم خاصة في فتح طرقات السكك الحديدية في كلِّ الاتجاهات جنوبا وشمالا وشرقا وغربا وبين كل المدن الداخلية والموانئ التجارية والمطارات الداخلية ومع دول الجوار، هذا الأمر كان سينعكس إيجابيا على التجارة وتسويق المنتجات التجارية والصناعية التي كان هذا المشروع سيخلقه مع مشاريع أخرى تتلاقى وتتقاطع في التنمية الشاملة.

إحياء مشروع غار جبيلات اليوم، هو عنوان رغبة الجزائر الجديدة في الاعتماد على الذات وبعث نشاط اقتصادي وخدماتي وزراعي يلبي حاجيات البلاد من الاستهلاك الداخلي أولا ثم يلبي حاجتها في التصدير من أجل تقليل الاعتماد على مداخيل النفط التي صارت اليوم عنوانا لتبعية اقتصادية وتنموية أحادية المصدر.

من شأن هذا المشروع في المدى القصير أن يلبِّي حاجيات الشركات الخاصة والوطنية في إنتاج الحديد وتحويله قصد ضخه في النسيج الصناعي الوطني على أن ترتفع وتيرة الإنتاج بعد استكمال كل الهياكل وفتح خط حديدي بين تندوف وبشار ومنه إلى باقي الولايات الشمالية.

أكبر تحدي بعد ذلك يبقى ضرورة تغطية الجزائر بشبكة كبيرة من الطرق الحديدية وعدم الاعتماد كليا على الطرق البرية. الطرق الحديدية هي وحدها من تضمن سيولة نقل المواد المنتَجة وتوزيعها وتصديرها وشحنها عبر تحويل خام الحديد إلى مواد مصنَّعة، والكل يعلم اليوم ثقل الحديد ووزنه ودوره في الصناعات كلها، إذ يدخل في كل المجالات من البناء إلى صناعة السيارات إلى صناعة السفن التي تعوِّل الجزائر على دخولها مع الشركاء الأجانب خاصة الإيطاليين، وباقي المنتجات الأخرى وأهمها خطوط السكك الحديدية لقطارات النقل والشحن وخطوط الترام الحضرية.

انطلاق الجزائر ابتداء من سنة 2022، في التصنيع، له أكثر من عنوان ومغزى، كان رئيس الجمهورية سبَّاقا في نظرته المستقبلية منذ حملته الانتخابية في 2019، مما يدل على أن المشروع هذا هو فقط جزءٌ من سياسة دولة قائمة على الاعتماد على النفس اقتصاديا لضمان استقلالية اقتصادية كاملة مستقبلا في عز الصراع اليوم على المواد الأولية الواسعة الاستهلاك وفي إطار الصراع الدولي على الطاقة ومصادرها وأسعارها الآخذة في التحليق. هذا هو الوقت المناسب الذي يجب أن تستغله لبناء قاعدةٍ اقتصادية مع الشركاء ضمن قوانين الاستثمار المراجعة التي تضمن للجميع الربح على قاعدة رابح رابح.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!