-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

آن الأوان لتمزيق اتفاقية إيفيان

آن الأوان لتمزيق اتفاقية إيفيان

من حقي وجيلي الذي وُلد إبان اشتعال أوار الثورة التحريرية المباركة، وعاصر نشأة وميلاد الجمهورية الجزائرية الفتية، أن يتساءل اليوم وبعد مرور ستين سنة على الاستقلال وقرابة سبعين سنة على اندلاع الثورة التحريرية المباركة التي أشعل فتيلها خلاصة مؤمنة وصادقة ومخلصة من أبناء الشعب الجزائري المكافح، ثم تبناها هذا الشعب الأبيُّ بأكمله.. أن يتساءل عن مصير ومآل ومستقبل اتفاقية إيفيان المُجحفة في حق الشعب الجزائري ودولته الفتية؟ وأن يتساءل عن وضع الجزائر بعد انتهاء العمل بها والاحتكام إليها، ولاسيما في ظل المتغيرات الدولية الجديدة الراهنة والمواتية والمتسمة بتراجع القطب الغربي؟

لذلك، فها أنا ذا أرفع قلمي لأنقل إليكم أيها القراء الأعزاء في غياب الوعي التاريخي بهذه المحطة التاريخية الفاصلة والفارقة من تاريخ الجزائر الحديث والمعاصر، ولأحمل لكم خلاصة قراءاتي ومطالعاتي التي تناولت الاتفاقية والتي فاقت المائتي مصدر ومرجع ووثيقة ومقال وبحث وحوار، لنشارك جميعا في رسم أفق مستقبل أبنائنا وأحفادنا ليسعدوا بمستقبل زاهر وحياة كريمة وآمنة كما ورد في مواثيق الثورة الجزائرية، إذ يكفينا أننا مُنعنا من تدريس تاريخ الثورة التحريرية في معهد التاريخ بجامعة الجزائر –بوزريعة- إلاّ في العام الجامعي 1990-1991م، وفي عاصمة الأوراس الأشمّ سنة 1998-1999م، أي بعد أكثر من ثلاثين سنة من استرجاع الاستقلال، ولهذا دلالاته وآلامه.

في يوم 18 مارس 1962م وقّع نائبُ رئيس الحكومة الجزائرية المؤقتة ورئيس الوفد الجزائري المفاوض الراحل (كريم بلقاسم ت 1973م) على الساعة الخامسة والنصف مساءً بمدينة إيفيان السويسرية على وثيقة المعاهدة، التي يعدّها الفرنسيون مجرّد مرسوم رئاسي فرنسي داخلي باسم الحكومة الفرنسية صادر في الجريدة الرسمية، وبالتالي فهم: يعدّونها شأنا داخليا فرنسيا لا غير، وحرصت على ذلك حرصا شديدا.. ولذلك يقول الأستاذ عبد المجيد شيخي في دراسته القيّمة والشجاعة التي قدمها في قسنطينة يوم 19 مارس 1993م ونشرها في كتابٍ أعدّه وقدّم له الرائد (عمار ملاح) حفظه الله والمناضل (محمد الطاهر عزوي ت 2006م) رحمه الله في كتاب يؤرِّخ لملتقى عُقد بباتنة أيام 28-29 أكتوبر 1992م بالمسرح الجهوي حول (المرحلة الانتقالية للثورة الجزائرية من 19 مارس إلى سبتمبر 1962م، وطُبع سنة 2004م بمطبعة دار الهدى بعين مليلة، وضمّ الكثير من الدراسات والأبحاث القيّمة والشجاعة والصريحة حول المعاهدة). يقول بالحرف الواحد ص 84: ((.. فالجانب الجزائري حضر المفاوضات بصفته ممثلا للحكومة الجزائرية المؤقتة ممثلة هي الأخرى لجبهة التحرير الوطني، ووُقِّعت الاتفاقيات من طرف المرحوم كريم بلقاسم بصفته رئيسا للوفد الجزائري وممثلا لجبهة التحرير الوطني، واعتبرت الحكومة المؤقتة النصوص الموقعة عليها اتفاقياتٍ دولية. أما الجانبُ الفرنسي فقد اعتبر أنه تفاوض مع جبهة التحرير الوطني لا مع الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية، وبالتالي لم يعتبر النصوصَ اتفاقياتٍ دولية، لذلك حرص على أن تُنشر في الجريدة الرسمية الفرنسية على أساس أنها تصريحاتٌ للحكومة الفرنسية فيما يتعلق بمستقبل الجزائر، وربما جاءت الإشاعات التي انتشرت فيما بعد أن فرنسا أعطت أو منحتْ الاستقلال للجزائر، ربما جاءت هذه الإشاعات من الاعتبار القانوني الذي هو شكليٌّ ولكنّ له أهميته إذا وُجِّه توجيها إعلاميا معيَّنا..)).

في الوقت الذي تعتبره الأطراف الفاعلة في الثورة الجزائرية (الحكومة الجزائرية المؤقتة، هيئة الأركان، قادة الولايات في الداخل، فدرالية المهاجرين) معاهدة، رغم اعتراض هيئة الأركان بقيادة الراحل هواري بومدين عليها. وقد وُقِّعَتْ الاتفاقية باللغة الفرنسية فقط، وبنسخة واحدة فقط تم رقنها من قبل الطرف الفرنسي في نسختين من غير ترجمة إلى اللّغة العربية الأم، التي نصت على مكانتها وأهميتها ودورها بياناتُ ومواثيق الثورة الجزائرية، وفي هذا الصدد يقول شيخي ص 84: ((..وبالرجوع إلى نص اتفاقية إيفيان.. نجد أن الجانب الفرنسي حسب خطة لا يحيد عنها خاصة وأن النص الذي تمت مناقشته نص تقدم به الجانب الفرنسي. أما الجانب الجزائري فكان يقدِّم التعديلات والاقتراحات.. ولكن يبدو أن الوفد الجزائري المفاوض لم يلتفت إلى روح اتفاقيات إيفيان، وكان همه الوحيد أن يسلم الجانب الفرنسي بالمبادئ الأساسية التي قامت الثورة من أجل تحقيقها، وهو على يقين من أن هذه الروح سيقضى عليها بعد الاستقلال..)).

ولولا انقلاب قيادة الأركان وجماعة تلمسان بقيادة أحمد بن بلة وهواري بومدين لصار لزاما تنفيذ الاتفاقية بحذافيرها.. ولكنّ روحها طُبّقت بحرفية متناهية، إذ لم يحدث أن اختلفت الحكومتان الجزائرية والفرنسية والتجأتا إلى المحاكم الدولية لعدم وجود تسجيل واعتراف دولي بقانونية هذه الاتفاقيات، وهو الأمر الذي حرص عليه الجانب الفرنسي منذ البداية، وعملت الحكومات الجزائرية على عدم إغضاب الجانب الفرنسي ولاسيما في المسائل الحساسة المتعلقة بحقوق ومصالح الجانب الفرنسي، ولاسيما الاقتصادي والثقافي واللغوي منها. إذْ مازالت –للأسف الشديد- الكثير من المؤسسات السيادية والقطاعات والوزارات الحكومية تشتغل وتعمل إلى حد الساعة باللغة الفرنسية.

وكما أشارت إلى ذلك الوثائق والمصادر والمراجع ومذكرات القادة والسياسيين وكبار المجاهدين، وكما نصت عليها الوثيقة التي وُزِّعت من قِبل المحافظة السياسية لأركان الحرب العامة قبل إيقاف القتال بأيام قليلة للاطلاع عليها ولتكون بيد قادة الولايات والنواحي والمناطق لتكون مصدرا للتسيير والتوجيه والحكم والفصل في القضايا والملفات والمشكلات التي تعترض قادة المناطق في الجزائر في الفترة الانتقالية الحساسة الممتدة من 19/03/1962م إلى يوم الاستفتاء 03/07/1962م، وكما أشارت بذلك وثيقة الاتفاقية التي طبعها السيد بن يوسف بن خدة سنة 1986م بديوان المطبوعات الجامعية وأعاد طبعها سنة 1987م وغيرها من المصادر والمراجع والمذكرات والرسائل الجامعية.. التي ظهرت منقوصة من الفصل الرابع حتى هذه الطبعة كما أشار إلى ذلك العديد من المؤرخين.

وللأسف الشديد، فإن هذه الاتفاقية التي جثمت بكلاكلها وقيودها على صدور الجزائر والجزائريين الأحرار دون أن يدروا مدة ستين سنة كاملة من التبعية والتخلف والارتهان والتراجع والأزمات والفقر والتخريب ونهب المال العامّ والتمزق اللغوي والثقافي.. والخوف من استصدار قانون يُجرِّم الاستعمار الفرنسي ويفضح مخازيه في الفترة الاستعمارية 1830-1962م، والتراخي أمام قوانين تمجيد الحرْكة والخونة، وملف الذاكرة التاريخية حسب النسخة الفرنسية… والغريب في الأمر أن هذه الاتفاقية  لم تعرفها صفحاتُ الجريدة الرسمية الجزائرية قط، أو غيرها من التوثيقات القانونية، عدا ما حاولته بعض  الأقلام التي تناوشتها أو قاربتها بالتحليلات التاريخية يومها، وذلك بسبب استبعاد الحكومة الجزائرية 1962-1965م.. 1978م. هذه الاتفاقية وركنها ظاهريا وحرفيا في الأرشيف، مع العمل بروحها حسب تصريح الرئيس أحمد بن بلة في مذكراته، إذ صرّح قائلا عن الرئيس الفرنسي الجنرال ديغول ص 218 بأنه: “رجلٌ عظيم”، ونسي بأنه مجرمٌ وسفاح وقاتل لا يختلف عن هتلر وموسولوني وشارون وبيغن وإسحاق رابين وشامير وشمعون بيرز..، فقال.. لقد كان يستدعيني الرئيس ديغول سرا إلى مكتبه بباريس ويرشدني كيف أفعل وأتصرّف في هذه القضية. وكان ذلك يبدو جليا من خلال تطبيق البنود التي حرص الوفدُ الفرنسي على مناقشتها وترسيمها في نص الاتفاقية المُذلة، والتي جاءت لصالحه عدا المبادئ الثلاثة التي حرص عليها الجانب الجزائري (الاستقلال، الوَحدة الوطنية، الوَحدة الترابية)، وهي: (1- مسألة الجالية الأوربية في الجزائر. 2- مسألة استغلال الثروات الباطنية وخاصة البترول والمعادن. 3- مسألة الحقوق المكتسبة. 4- مسألة الوجود العسكري الفرنسي في الجزائر. 5- مسألة التعاون الاقتصادي والثقافي). والحرص على بند إدماج الضباط الجزائريين المنتمين للجيش الفرنسي (القوة المحلية) في المناصب العسكرية والسياسية فترة 1978- 2012م، وهو ماسنوضحه أكثر من خلال بنودٍ أخرى من الاتفاقية. حتى ظهرت طبعة رئيس الحكومة المؤقتة (بن يوسف بن خدة) سنة 1985م.

والغريب في هذه الاتفاقية أنها لم تحظ بالدراسات والتحليلات المنهجية والتاريخية اللازمة والكافية والشجاعة، لكشف ما فيها من منافع ومضارّ ومخاطر على الجزائر والجزائريين، لاعتبارات كثيرة جدا، ليس مقام معالجتها الآن، فعدا ترجمة نص المفاوضات المنجزة من قبل مجموعة من الأساتذة الفرنسيين تحت إشراف البرفيسور (موريس فايس) من قبل الصادق سلام، وعرض (جلبارغيمينو) في كتابه (القصة الحقيقية للجمهورية الخامسة)، وعدا بعض المقالات والأبحاث التي كتبها بعض الفاعلين الثوريين والمؤرخين على احتشام في العقود الستة الماضية، أمثال: (عمار ملاح، محمود الواعي، محمد الطاهر عزوي، مختار فيلالي، سعدي بزيان، معداد مسعود، جودي لخضر بوطمين، محمد المختار إسكندر، محمد عباس، عمر تابليت، أبو القاسم سعد الله، محمد قنطاري، يحيى بوعزيز، عبد المجيد شيخي، مسعود مزهود..) وغيرهم من الجيل الثالث من المؤرخين الجزائريين ممن كتبوا أو أنجزوا رسائل جامعية أو مؤلّفات اتسمت بنقائص في المعالجة وبفجوات وظلال تقاعست فيها عن الوضوح والبيان، وتسمية الأمور بمسمياتها الحقيقية، مع ما اكتنفها من الغموض والخوف والمحاباة والمرور على الكثير من الحقائق الواجب تحرير محلّ النزاع فيها، وقول قولة الحق فيها، ولو أغضب هذا الحق التاريخي لوبياتٍ نافذة تمنع مس وعرض وتسمية الأشخاص على حساب الحقيقة التاريخية الضائعة، والتي يعرفها القلائل اليوم، ممن يشكلون العلبة السوداء لمسار الكثير من قادة الثورة في تونس سنوات 1957-1962م ولاسيما أعضاء لجنة التنسيق والتنفيذ والباءات الثلاثة وأعضاء الحكومة الجزائرية المؤقتة.. التي تحاشاها كثيرٌ ممن كتب مذكراته، وهذه الحقائق مازال يعرفها الشيخ (محمد الصالح الصديق) حفظه الله الذي روى لي الكثير من أسرارها في موسم حج 1439هـ 2019م عندما كنا ضيوفا على وليِّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

ولو أن المقام يتسع لروينا في مسرد –وهو موجود عندي- كل الدراسات والأبحاث والمذكرات التي تعرّضت لاتفاقية إيفيان، غير أننا نود أن نشير إلى أن المؤرخ (أبو القاسم سعد الله ت 2013م) قد تعرَّض لها في موسوعته القيمة (تاريخ الجزائر الثقافي، ج 8، ص ) ناقدا الجانب الثقافي للاتفاقية فقط لاعتبارات يعرفها من تتلمذ على يده، وكذلك الرائد عمار ملاح حفظه الله والمناضل محمد الطاهر عزوي رحمه الله في كتاب يؤرخ لملتقى عقد بباتنة أيام 28-29 أكتوبر 1992م بالمسرح الجهوي حول (المرحلة الانتقالية للثورة الجزائرية من 19 مارس إلى سبتمبر 1962م، وطُبع سنة 2004م بمطبعة دار الهدى بعين مليلة، وضم الكثير من الدراسات والأبحاث القيّمة والشجاعة والصريحة حول المعاهدة.

لما قابله بادره الجنرال جوان بقوله: – ماذا فعلت يا جنرال؟  فأجاب الجنرال ديغول بكل هدوء والفرحة تعلو محياه: -آه يا صديقي ما أربح الصفقة التي أبرمناها!  فاندهش الماريشال ومن معه فأوضح ديغول قائلا: – إن ما أعطيناه باليد اليمنى سنأخذه باليد اليسرى! وشرح الجنرال ديغول ما وراء اتفاقيات إيفيان، فخرج الماريشال جوان ومن معه من مكتب ديغول مقتنعا ولم يطعن قط في اتفاقيات إيفيان.

ولعلني أنقل إليكم  أيها القراء الأعزاء طرفا من ما دار حول اعتراض الكثير من الساسة الفرنسيين أنفسهم على الاتفاقية يتقدمهم وزير الخارجية الفرنسي (ميشيل دوبري- Michel Debré) والماريشال (جوان- Juin)، الذي سارع إلى ترك مقر قيادته بالمغرب للقاء الجنرال (شارل دوغول)  ليلومه على توقيعه الاتفاقيات، ولما قابله بادره الجنرال جوان بقوله: ((- ماذا فعلت يا جنرال؟ – فأجاب الجنرال ديغول بكل هدوء والفرحة تعلو محياه: آه يا صديقي ما أربح الصفقة التي أبرمناها!  فاندهش الماريشال ومن معه فأوضح ديغول قائلا: – إن ما أعطيناه باليد اليمنى سنأخذه باليد اليسرى! وشرح الجنرال ديغول ما وراء اتفاقيات إيفيان، فخرج الماريشال جوان ومن معه من مكتب ديغول مقتنعا ولم يطعن قط في اتفاقيات إيفيان، وهو الذي كان قد نشر بلاغا يحتجُّ فيه على خطاب الجنرال دوغول في 04/11/1960م، والذي أعلن فيه عن إمكانية إنشاء جزائر جزائرية)). انظر: عبد المجيد شيخي، اتفاقيات إيفيان أو ميثاق الاستعمار الجديد، مرجع سابق، ص 66، نقلا عن: جلبارغيمينو، ص 120. وانظر: موريس فايس، مفاوضات إيفيان.

لم يحدث أن اختلفت الحكومتان الجزائرية والفرنسية والتجأتا إلى المحاكم الدولية لعدم وجود تسجيل واعتراف دولي بقانونية هذه الاتفاقيات، وهو الأمر الذي حرص عليه الجانب الفرنسي منذ البداية، وعملت الحكومات الجزائرية على عدم إغضاب الجانب الفرنسي ولاسيما في المسائل الحساسة المتعلقة بحقوق ومصالح الجانب الفرنسي، ولاسيما الاقتصادي والثقافي واللغوي منها. إذْ مازالت –للأسف الشديد- الكثير من المؤسسات السيادية والقطاعات والوزارات الحكومية تعمل إلى حد الساعة باللغة الفرنسية.

ودون الدخول في التفاصيل عن حقيقة الوفد الجزائري المفاوض، واتجاهاته ورؤاه ومواقفه.. وما اعتراها من معارضات ونحوها، ومراحل بداية الاتصالات والوصول إلى لحظة البداية الفعلية التي انتهت بالتوقيع، وهذه معارف وحقائق مبثوثة في المصادر والمراجع نرجو أن تثير حفيظة المؤرِّخين فيتناولونها بالبسط والتحليل، نحبُّ فقط أن نقف في نهاية هذا المقال لننبّه إلى ما يجب أن تفعله وتتبناه  السلطة.

فإنه اليوم وبعد مرور ستين سنة والاتفاقية توشك على الاندثار والرحيل الأبدي النهائي يوم 19/03/2022م ليُؤذن بنهايتها، الخشية كل الخشية أن هذه الاتفاقية المذلّة تصبح وفي لمح البصر اتفاقية قابلة للتجديد والتمديد مع بعض التعديلات الجديدة والطارئة.. والخشية كل الخشية أن تمضي الحكومة الجزائرية بتمديدها أو تجديدها، وهذا ما لا أعتقده ولا أتوقعه من القيادة الجزائرية الجديدة المنبثقة عن انتخابات 12/12/2019م، التي تهيأت لها الظروف والأجواء السياسية الخارجية والدولية، لاسيما بعد التراجع الفرنسي في منطقة الساحل، وانكسار حدة التنظيمات الإرهابية فيها، وبداية تحوُّل النظام العالمي الجديد بقيادة الصين وروسيا والهند ومن معها كتركيا وإيران والبرازيل وجنوب إفريقيا وماليزيا وإندونيسيا.. وتراجع الغرب الصليبي واليهودي بعد خمسة قرون من السطوة والقسوة والقمع واستعباد واستذلال ونهب خيرات وثروات الشعوب المستضعَفة.. والخشية كل الخشية أن نركب مجددا السفينة الأوربية والأمريكية الخاسرة كما ركبها الذين لا يحسنون استشراف التاريخ.

إن الغرب آفلٌ وسائرٌ نحو الانقباض والجمود والتراجع، وسيصبح أسيرا للانكماش والتواري نحو الانكفاء على النفس.. وهذا ما كان يُحذّر منه (هنري كيسنجر) في ثمانينيات القرن الماضي من أن محور الحضارة سيتحوَّل في مطالع الألفية الثالثة نحو آسيا والشرق. فأرجو أن تمزِّقوا هذه الاتفاقية المذلة وتديروا ظهركم نهائيا إليها.. إلاّ تفعلوه تكن في الأرض فتنة وفسادٌ كبير.. ولكن المهم عندي: أللهم اشهد أني بلّغت.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!