-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

أبناؤنا.. لماذا يكرهون الدّراسة؟

سلطان بركاني
  • 830
  • 3
أبناؤنا.. لماذا يكرهون الدّراسة؟
ح.م

قام أحد الباحثين، مع قرب موعد الدّخول المدرسيّ، بسؤال مجموعة من الطلبة والطالبات من مختلف المستويات: هل تحبون المدرسة؟ وکانت المفاجأة أنّ معظمهم أجاب بالنّفي، في مقابل قلّة أجابوا بـ”نعم”، وعللوا هؤلاء إجابتهم بأنّهم يحبّون الدّراسة لأجل الالتقاء بزملائهم وقضاء الوقت في المشاكسة والمشاغبة!

هذه العيّنة التي شملها سؤال الباحث، لا يشكّ شاكّ في أنّها تمثّل واقع التّعليم في الجزائر خاصّة وفي الأمّة العربيّة عامّة، وهو الواقع الذي تعدّدت أسبابه ومسبّباته، لكنّه في النهاية واقع لا يبشّر بخير في مستقبل المنظومة التعليمية والتربوية وفي مستقبل الأجيال القادمة.

لقد أصبح التّعليم في نظر أكثر التلاميذ والطّلبة لا يعدو أن يكون سنوات من الانتظار المملّ تسبق الحصول على شهادة جامعية يستعان بها للظّفر بوظيفة تمكّن الحائز عليها من راتب مستقرّ يفتح له آفاق شراء سيارة وبناء مسكن وتشكيلأسرة، فالتّعليم لم يعد هدفا لذاته إنّما أصبح وسيلة متعبة لغاية أخرى، وسيلة تحتّم على الطّالب تكبّد مشاقّ لا يراها ضرورية ما دامت الوظيفة في النّهاية لا علاقة لها بالجهد المبذول في الدّراسة ولا بما يدرّس! أصبح الهدف من التعليم ماديا بحتا، ولم يبق بين المتمدرسين من يفكّر في تكوين نفسه، ورفع مستوى وعيه، وإتقان علم من العلوم النّافعة، ومتابعة دراساته العليا والبحث في مجالات تخصّصه، إلا من رحم الله وقليل ما هم، ولهذا السّبب أصبحنا نعاين في واقعنا خريجي جامعات لا يتقنون شيئا من العلوم، بل ولا يحسن كثير منهم كتابة تقرير علميّ أو مقالة أدبية، ولا يفهم شيئا من واقع الأمّة وواقع العالم، ولا اطّلاع له على تطوّرات العلوم وجديد الاكتشافات، بل ربّما تجده أميا في تخصّصه، لأنّ همّه الأكبر خلال سنوات الدّراسة كان تحصيل الحدّ الأدنى من العلامات التي تؤهّله للانتقال من سنة إلى أخرى وحيازة الشّهادة في أسرع وقت ممكن، ولو تسنّى له الحصول عليها في أوّل يوم يلتحق فيه بالجامعة، لكان سعيدا بذلك!

هذا الواقع يتحمّل الطّلبة مسؤولية كبيرة عنه، لأنّ المفترض في الطّالب ألا تكون الشهادة هي الهمّ الأكبر له، وإنّما أن يكون همّه استثمار سنوات الدّراسة لتكوين نفسه ورفع مستواه وحيازة مفاتيح علم من العلوم وتخصّص من التخصّصات، ويستصحب نية نفع بلده وأمّته، ويواجه الظّروف والواقع، ويتحدّى المثبّطات، ويتخيّر من أصدقائه أصحاب الهمم العالية وينأى بنفسه عن أصحاب الهمم المتدنية الذين ينظرون إلى الدراسة على أنّها عمل غير مجدٍ وسنوات من العمر تضيّع من دون فائدة، ويكون حازما في برنامجه وفي استغلال أوقاته، فلا يسمح للفارغين بجرّه إلى عوالم العبث واللّهو واللّعب، ولا يهتمّ بهمزهم ولمزهم وغمزهم، لأنّ عينه لا تفارق الهدف والغاية.

إنّنا في زماننا هذا لفي أمسّ الحاجة إلى من يقرع الأسماع بحديث النبيّ –صلّى الله عليه وآله وسلّم-: “مَنْ تَعَلَّمَ عِلْمًا مِمَّا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-لاَ يَتَعَلَّمُهُ إِلاَّ لِيُصِيبَ بِهِ عَرَضًا مِنْ الدُّنْيَا، لَمْ يَجِدْ عَرْفَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَعْنِي رِيحَهَا”.. قد يظنّ ظانّ أنّ هذا الحديث يخصّ العلم الشّرعي الذي يُعرف به الحرام من الحلال، والمستحبّ من الواجب، ولكنّ الحقّ أنّه يشمل كلّ علم نافع، ينتفع به المسلم، وتنتفع به الأمّة، بل والبشرية جمعاء؛ فالنية الأولى ينبغي أن تكون التقرّب إلى الله بذلك العلم، ولا بأس بعد ذلك أن يجمع إليها طالب العلم نيات أخرى، والعلوم النّافعة كلّها تقرّب العبد من خالقه وترفعه عنده درجات، متى ما استصحب النيات الصّالحة، لأنّها وإن كان الغرض منها –ابتداءً- تسهيل حياة الإنسان، إلا أنّها في النّهاية تدلّ على عظمة الخالق سبحانه، وتقود إلى الإيمان به ومحبّته، وتعمّق اليقين في نفوس المؤمنين وتزيدهم عزّة بدينهم وفخرا بإيمانهم.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • قويدر

    لان منظوم الدراسية غير مدروسة. وهي تعتبر عبئ عن الطالب

  • TERGUI

    شكون الباحث و أي معهد مؤسســـة يعمل ؟

    العيّنة التي شملها سؤال الباحث، لا يشكّ شاكّ في أنّها تمثّل واقع التّعليم في الجزائر خاصّة وفي الأمّة العربيّة عامّة
    لجزائر خاصّة وفي الأمّة العربيّة عامّة
    لو مكانك لدعوت العرب لمحاربة مغتصبت العرب

  • merghenis

    يوم الدخول المدرسي تقرب صحفي من تلاميذ الطور الإبتدائ و كان سؤاله للأطفال ماذا تريد أن تصير في المستقبل.و الأجوبة كالتالي :
    ـــــ حتى أصير "حاجة" كبيرة ؛ حتى يكون عندى "بزاف الدراهم"؛ أصير طبيبة لأعالج المرضى؛ لأكون عالم... إلخ
    يلاحظ أن التلميذ يبدأ يكره الدراسة في المتوسط و في الثانوي والأسباب كثيرة تتلخص في الجو غيرالملائم .