-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

أشباهُ أمِّيين بشهاداتٍ عليا!

أشباهُ أمِّيين بشهاداتٍ عليا!

الوضعُ الذي آلت إليه الجامعة يتطلّب تحرّكا عاجلا من الوزارة الوصية، لأنّ الإجراءات التي بدأ العمل بها منذ انتشار جائحة كورونا بالجزائر في مارس 2020، قلّصت الحجم السّاعي للمقاييس بأزيد من 50 بالمائة.

ولمعالجة هذا النقص تمّ اللّجوء إلى التّعليم الهجين باستغلال الوسائط الرّقمية، لكن العارفين بما يجري داخل الجامعة يؤكّدون أنّ تجربة التّعليم الهجين لم تأتِ بنتيجة تُذكر لأسباب كثيرة، على رأسها عدم اهتمام الطلبة وعدم جدّيتهم في متابعة الدروس.

لذلك؛ فإنّ أوّل خطوة يجب اتخاذها هي العودة إلى العمل بالتّوقيت العادي، ثم التّفكير في سبل إخراج الجامعة من أزماتها، وعلى رأسها المستوى العامّ للطلبة الذي انحدر إلى مستويات خطيرة لا يمكن السكوتُ عنها.

يوجد نوعٌ من الطلبة في الجامعة الجزائرية لا يعرفون الكتابة والقراءة بشكل سليم، والسّؤال المطروح: كيف وصل هؤلاء إلى الجامعة؟! وكيف تجاوزوا عتبة البكالوريا؟! وكيف يتمكّن هؤلاء من الانتقال من مستوى إلى آخر في الجامعة ويحصلون على شهادة الليسانس؟! والأسوأ من ذلك أن جميع الطّلبة الحاصلين على شهادة الليسانس يحقّ لهم التسجيل بشكل آلي في مرحلة الماستر، ويزاولون الدراسة ويُكلَّفون بإعداد مذكرة، وأغلبهم لا يفقه أبجديات الكتابة العلمية!

ولا يمكن الادِّعاءُ بأنّ الظّاهرة عامّة، بل هناك فئة من الطّلبة يتمتّعون بقدرات كبيرة، وهؤلاء هم نخبة الجامعة الذين يواصلون مسار البحث العلمي في الجزائر وخارجها، ومنهم من يغادر الجامعة في مستوى الليسانس أو الماستر ويحقّق نجاحا كبيرا في حياته المهنية، لكن أن يتم تخريج طلبةٍ أشباه أميين بشهادات عليا فهي الكارثة التي ينبغي إيقافها فورا.

قبل عقودٍ كانت النّخبة التي تصل إلى الجامعة تتمتع بمستوى علمي وثقافي كبير، ورغم الاختلالات التي كان يعانيها النظامُ الكلاسيكي وأبرزها الفجوة الكبيرة التي تسبَّب فيها بين الجامعة ومحيطها الاجتماعي والاقتصادي، إلّا أنّ الطّلبة كانوا يتلقّون تكوينا عاليا، ويحصلون على الحدّ الأدنى من المعارف العامّة في مجالات تخصّصهم، أمّا نظام “الألمدي” فقد دمّر التّعليم العالي ومكّن محدودي المستوى من الطلبة من الشهادات العليا وبمعدّلات خرافية تصل إلى 18 من 20!

لقد نجحت الجزائر خلال العقود الأخيرة في توفير الهياكل بتشييد جامعات في كلِّ الولايات، وإنهاء أزمة السَّكن الجامعي، لكنّ النّجاح الحقيقي هو تطوير العنصر البشري. ولا تكفي تلك الجهودُ الرّامية إلى تحسين التّصنيف، لأنّ النّجاح الحقيقي هو في نوعية منتج الجامعة، وليس في التّصنيفات التي غالبا ما تخضع لمعايير تقنية لا ترتبط ارتباطا وثيقا بالجانب العلمي والمستوى العامّ للطّلبة والأساتذة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!