-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
مختصون يحذّرون ويدعون إلى انتقاء المحتوى الهادف

أطفال وشيوخ يرقصون بابتذال على الـ”تيك توك”

نادية سليماني
  • 2596
  • 0
أطفال وشيوخ يرقصون بابتذال على الـ”تيك توك”
أرشيف

أحدثت منصة “تيك توك” انهيارا رهيبا في القيم والأخلاق، فزيادة على تضييع الوقت لمشاهدة فيديوهات غالبية مضمونها تافه لا معنى له، فالتطبيق تحوّل إلى منصة الرقص الأولى. وجزائريون ركبوا الموجة، وباتوا يتراقصون في الـ”تيك توك” دون حياء ولا خجل.
وإذا كنّا قد تعوّدنا مجبرين على رقص الفتيات والشباب في هذا التطبيق، فالظاهرة الجديدة، هي تصوير أطفال دون العاشرة من العمر يرقصون على أغاني راي، والخطير أن المُصوّر هي عائلاتهم التي تنشر هذه الفيديوهات ليراها الجميع.
منذ إطلاق منصّة “تيك توك” المخصصة لنشر فيديوهات مصورة قصيرة، استغلّها البعض إيجابا لتقديم نصائح طبية واجتماعية ونفسانية واقتصادية، أما الأغلبيّة فحوّل هذا التطبيق بالنسبة لها إلى منصّة للرّقص والكوميديا، وهو ما جعل العديد من المستخدمين يبتعدون عن هذا التطبيق، ولم تسمح كثير من العائلات لأولادها بتحميله على هواتفهم النقالة.
وكثير من الجزائريين وخاصة الشباب، أعجبهم هذا التطبيق وفتحوا فيه حسابات، فصرنا نرى شبابا ذكورا وإناثا من المدن والقرى يصورون أنفسهم وبوجوه مكشوفة، وهم يرقصون في الشارع وبالمنازل والأقسام المدرسية وفي مداخل العمارات وداخل المحلات، وينشرون الصور ليراها الجميع. وأغلب الأغاني التي “يتمايلون” عليها هي لمغنيي الرّاي المعروفين بالغناء في الملاهي والأماكن المشبوهة.

أطفال صغار يرقصون وعائلاتهم تصورهم لغرض الشهرة
وما يثير الاستغراب، أنّ بعض الفتيات التي انتشرت صور رقصهنّ على نطاق واسع، تبدين بسيطات جدا، ومع ذلك تصوّرن أنفسهن وهن يرقصن بوجوه مكشوفة. فأين عائلاتهن من كل هذا؟ وكيف تواجهن الأقارب وأبناء الحي لاحقا؟؟
والظاهرة الخطيرة المنتشرة على “تيك توك” مؤخرا، هي تصوير أطفال دون العاشرة من العمر، يرقصون على أغاني راي ويقومون بحركات وإشارات مُخلّة، وأفراد من عائلتهم هم من يصوّرونهم. والغرض من هذه الفيديوهات هو تحصيل مشاهدات وإعجابات، وجعل الطفل مشهورا في الرقص والتهريج، وحتى شيوخ وعجائز، أغرتهم الظاهرة، وباتوا يتراقصون على “تيك توك”.

مُواطنون بين لامبالاة واستنكار..
وتفاوتت آراء المواطنين، الذين استطلعت “الشروق” رأيهم في منصة “تيك توك”، فالبعض اعتبرها منصة “تافهة” لا تقدم مواضيع مفيدة للمجتمع، من غير فيديوهات الرقص والتمايل والكوميديا.
وقالت أمّ جواد وهي معلمة بالطور الابتدائي “منذ اكتشفتُ نوعية الفيديوهات المعروضة على هذه المنصة، من رقص وعري واستعمال كلمات بذيئة ومصطلحات سب وشتم، شدّدتُ على ابني البالغ 16 من عمره بمسحه نهائيا من هاتفه، ومع ذلك أنا متأكدة من أنه يشاهد التطبيق مع زملائه خارج المنزل. ولا حيلة لي سوى توجيه النصح اليومي له، حول مخاطر هذه المنصات”.
أمّا جمال صاحب 23 سنة، فيرى أن “تيك توك” مثل “فايسبوك” و”أنستغرام”، فيه المحتوى الهادف والهابط، وكلّ يبحث عن ما يريده. وأضاف “أنا شاب أحب التيك توك، لما فيه من فيديوهات ضحك وغناء، وأخرى تعليمية تثقيفية، ولا أرى فيه أيّ خطر”، بينما يرى صاحب مقهى انترنت، بأن جميع منصات التواصل الاجتماعي، فيها وعليها، وجميعها تضم كثيرا من الفيديوهات لا قيمة لها، هدفها جمع أكبر عدد من المشاهدات، مثل مقاطع التفاخر بالأموال أو عرض السيارات الفاخرة، والمستخدم هو من يحدد نوعية المحتوى الذي يريد مشاهدته”.

المحتوى الأصلي للتطبيق كان تعليميا قبل تحريفه
ويرى خبير المعلوماتية، نبيل بن هادف في اتصال مع “الشروق”، بأن منصة “تيك توك” والتي أطلقت عالميا في نهاية 2016، بينما دخلت الجزائر في 2020، كانت منصة هدفها تعليمي باستخدام فيديوهات قصيرة، ولكن المشروع تعثر لعدم الاهتمام به، لذلك حول مؤسسوه الفكرة نحو اطلاق فيديوهات ترفيهية، والتي حققت نجاحا باهرا وبخاصة مع ملل المستخدمين من اليوتيوب والفيسبوك.
وحسبه، عملية جذب مختلف فئات المشاهدين للفيديوهات التعليمية والتثقيفية، صعب نوعا ما، في حال لم تكن مقرونة بفيديوهات ترفيهية، وأخرى ذات مستوى هابط، لجذب المزيد من المتابعين وزيادة المشاهدات، لغرض جلب الشركات الإعلانية والأموال، وهذا هو الهدف الأساس لأي منصة على الإنترنت.

مُؤسّس “تيك توك” استغل إقبال المستخدمين على الترفيه
ومع الوقت، تحول “تيك توك” إلى منصة ترفيهية بامتياز، مع تراجع المشاهدات لفيديوهات المحتوى العلمي الجاد، وذلك راجع، حسبه، إلى ذوق مستخدمي هذه المنصة.
وأضاف “بالمختصر.. المسؤول الوحيد عن طبيعة المحتوى في “تيك توك” هم المستخدمون وليست المنصة في حد ذاتها، ونفس الأمر ينطبق على بقية منصات التواصل الاجتماعي، فهو كتطبيق يهدف للربح بالمقام الأول، واهتمامات الجمهور هي ما يُحرّكه”.
مؤكدا، بأن جميع التطبيقات الحديثة، هي مجرد أدوات في أيدي مستخدميها، وهم فقط من يحدد نوعية المحتوى المنشور عليها، سواء كان علميا أو ترفيهيا.
ودعا محدثنا، إلى ضرورة وضع قيود أكثر على بعض التطبيقات، التي يكون ضررها كبيرا جدا على الأجيال الصاعدة، خاصة في اكتساب سلوكيات منافية لقيم مجتمعنا المسلم.

أولياء يتفرّجون على الـ”تيك توك” رفقة أولادهم..
حمّلت المختصة الاجتماعية، سلمى بن زيدون، منصة “تيك توك” في الجزائر، مسؤولية ترويج الأغاني الهابطة ومصطلحات الملاهي والسب والشتم في مجتمعنا، وقالت “هذه المنصة باتت المرجع الأول للشباب والمراهقين وحتى الأطفال، في اكتساب سلوكيات منحطة، وتعلم الرقص الخليع والغناء البذيء والكوميديا والعري، في ظل لامبالاة الأولياء”.
وتستغرب المختصة، انخراط كثير من العائلات في هذه الموجة، بحيث باتت تشاهد فيديوهات الـ”تيك توك” مع أولادها، وهو ما يشجع الأطفال على استخدام هذه المنصة. “والأخطر أن بعض الأولياء هم من يشجعون أطفالهم الصغار على الرقص أمام الكاميرا على أغان هابطة، ونشر التسجيلات، في تعد واضح على حقوق الطفل الضحية”، وهو ما جعلها تناشد السلطات القضائية التدخل في مثل هذه الحالات.
وترى بن زيدون بأنّ قيم مجتمعنا في انهيار، ما لم يتم وضع قيود على منصات الإنترنت غير الهادفة، من طرف السلطات المختصة، من قبل العائلة والمدرسة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!