-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

أفضل ليالي الدّنيا

سلطان بركاني
  • 584
  • 0
أفضل ليالي الدّنيا

مضت العشر الأولى من رمضان سريعا، ثمّ توالت الأيام ومضى الشّطر الأوّل من شهرنا الفضيل، وها هي أسماعنا تقرع برحيل العشر الثانية مع غروب شمس هذا الخميس! في كلّ سنة يهزّ رمضان أرواحنا بسرعة انقضاء أيامه وتصرّم لياليه! نتحدّث عن كيفية استقباله، ثمّ عن حسن استغلاله، ثم نفاجأ بأنّنا بدأنا الحديث عن وداعه! نحسّ بأنّ هذا الشّهر الفضيل هو أسرع الشّهور قدوما ورحيلا! لكنّ الحقيقة أنّ شهور العام كلّها سريع انقضاؤها! ولو كنّا نراقب باقي الشّهور كما نراقب رمضان لأدركنا هذه الحقيقة.

الأشهر تذهب لتعود، ولكنّ أيام أعمارنا هي التي تذهب ولا تعود.. أعمارنا تجري بسرعة عجيبة، ونحن عن سرعة انقضائها –إلا من رحم الله- غافلون.. ولو رجع الواحد منّا إلى الوراء، ليحسب كم رمضانًا صام، فإنّه سيعجب كيف انقضت هذه الأعوام كلّها من عمره بهذه السّرعة العجيبة! ربّما يحصي المحصي منّا 30 رمضانًا صام أيامها أو أكثر من هذا بكثير، لكنّه لا يستشعر نعمة الله عليه في هذه الفرص التي مُنحت له، ولا يتذكّر أيّ رمضان منها كان له الأثر في حياته.

من حكمة الله ورحمته، أنّه جعل رمضان ثلاثة أعشار، فاضل بينها، وجعل الأخيرة منها أفضل من الثانية والثانية أفضل من الأولى، حتى يستدرك العبد المؤمن في الثانية ما فاته في الأولى، وفي الأخيرة ما فاته في الثانية.. وعلى خلاف أيّ امتحان آخر يخوضه الإنسان في هذه الدّنيا، حيث تقلّ فرص نجاحه ويزيد خوفه واضطرابه مع مرور الوقت، فإنّ امتحان رمضان تزيد فيه فرص النّجاح مع مرور الأيام، وربّما يفتح الله على عبد من عباده في ليلة من ليالي العشر الأواخر المشهودة، فيرقّ قلبه وتهفو روحه وتدمع عينه ويسجد جبينه سجدة تكتب له بها سعادة الدّنيا والآخرة.

أخي المؤمن.. عندما يرتفع أذان المغرب من آخر أيام العشر الثانية، ليؤْذن بحلول العشر الأواخر من رمضان؛ تاج رمضان وغُرّته وزبدته. بل هي أفضل عشرٍ في العام كلّه، بل إنّ لياليها هي أفضل ليالي الدّنيا. وساعاتها هي أغلى وأنفع السّاعات.. ليال تهبّ فيها نفحات الرّحمة والغفران، وتوزّع فيها أوسمة الرّضوان والعتق من النّيران. ليال يكون فيها العبد المؤمن أقرب ما يكون إلى رضوان ربّه. قد يجتهد فيها عبد من عباد الله مخلصا لربّه، فيكتب له رضوانه ولا يسخط عليه أبدا. ليال قد تتغيّر فيها وبعدها حياة العبد المؤمن من حال إلى حال.

إنّ أغلى سجدة في العمر هي سجدة طويلة يسجدها العبد المؤمن في ليالي العشر الأواخر من رمضان.. أغلى دمعة هي دمعة تنزل من عين العبد المؤمن في هذه اللّيالي المباركة.. أفضل وأنفع دعاء هو الدّعاء الذي يرفعه عبد مؤمن في ليالٍ تفتّح فيها أبواب السّماء، خاصّة إذا كان دعاءً يخالط شغاف القلب ويلهج به اللّسان وتسيل معه الدّمعات ويحسّ معه العبد المؤمن بحاجته إلى الغفور الرّحيم وفقره إلى الغنيّ الكريم.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!