-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

أفيخاي أدرعي وآفة الإدمان على الكذب

محمد بوالروايح
  • 1112
  • 0
أفيخاي أدرعي وآفة الإدمان على الكذب

أفيخاي أدرعي شخصية عسكرية وإعلامية معروفة في شبكات التواصل الاجتماعي ناطقا باسم ما يسمَّى “جيش الدفاع الإسرائيلي”، وهو شخصية ملتوية ومتلونة ويملك قدرة على الإقناع، وهو ما جلب إليه جيشا من الرعاع وحتى بعض الضحايا من قومنا وبني جلدتنا الذين خدعهم بالكوفية العراقية التي تخفي تحتها كثيرا من المكر والخداع وبزيّه الذي يحاكي الزي السلفي أو الأفغاني.

قرأت لهذا الثعلبان ليس حبا فيما كت  بل حرصا على كشف ألاعبيه وفضح أكاذيبه حتى يعرفه من يجهله ويحذره من يعلمه. أفيخاي أدرعي يهودي من مواليد حيفا المحتلة، جده وجدته من ناحية أمه من أصول عراقية وجدته لوالده تركية، تخرّج من ثانوية “هاريئالي” في حيفا التي درس فيها اللغة العربية وعلم الحاسوب وانضمّ إلى الخدمة في الجيش الصهيوني الذي أوكل إليه مهمة القيام بالعمل الدعائي لصالح إسرائيل، وهي المهمة التي يمارسها إلى الآن مؤديا دور محطة إعلامية دعائية مدعوما من الموساد الذي لا يتوانى عن توفير الحماية له وللخدم الذين يتعاونون معه ومنهم بعض من باعوا ذممهم وخانوا دينهم من المرتزقة الذين لا يخلو منه عصر ولا مصر وهم امتداد للطابور الذي اشتغل مع الضابط الاستخباراتي البريطاني “إدوارد لورانس” الذي اشتهر باسم “لورانس العرب”، الذي كلفته الحكومة البريطانية بمَهمّة  تأليب القبائل العربية وزعمائها على الدولة العثمانية وتحريضها على التمرد وقطع الإمدادات عن الجيش العثماني وإرباكه، وقد نجح في إشعال ما سمِّي “الثورة العربية” سنة 1916 التي أعقبتها اتفاقية “سايكس بيكو” التي لا يزال العالم العربي يجتهد في محوها وطمس آثارها بلا جدوى.

أفيخاي أدرعي شخصية مهووسة بحركة حماس فكل كتاباته تحذر مما يسميه “التيار  الداعشي” الذي يحمّله -كما يزعم- كل المآسي التي يعيشها سكان غزة، وكأنه مشفق عليهم وحريص على أمنهم أو زائر سماوي أرسلته السماء لتخليص الغزاويين من شر أريد بهم اسمه “حماس”. إن هاجس “حماس” قد حوّل أدرعي إلى شخصية سيكوباتية يمسي ويصبح على حماس ولا شيء غير حماس.

إن التشخيص السريع لحالة أدرعي يكشف عن شخصية مضطربة مرعوبة تحاول التقليل من حجم الرعب الذي يسكنها ويملك عليها أقطار نفسها من عدو عنيد اسمه حماس يقضّ مضجعه ويعكر صفو حياته. يصف أدرعي حركة المقاومة الإسلامية  “حماس” بـ”الكيان الإرهابي” الذي وُجد لنسف جهود “السلام” ولتنغيص حياة سكان غزة الذين تدعوهم -كا يزعم- حماس إلى الهلاك وتدعوهم إسرائيل إلى النجاة! وقد شوهد أدرعي وهو يرفع لافتة كتبت عليها هذه الآية من سورة البقرة: “ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة” (البقرة 195)، وهي شيْطنة واضحة للمقاومة؛ فمتى كانت الدعوة إلى استعادة الأرض وحفظ العرض دعوة إلى التهلكة؟ هذا لعمري هو الخبل بعينه الذي لا يفسَّر إلا بحالة الهستيريا التي يعاني منها أدرعي.

يطلع أفيخاي أدرعي في كثير من الحلقات في صورة الناصح الأمين والداعية إلى الحق والفقيه الذي أحاط بأحكام الشريعة الإسلامية فيفتي على طريقة “ويل للمصلين”، فتحضره آية: “ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ” وتغيب عنه آية: “فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم” (البقرة 194)، وتعزب عنه آية: “وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به” (النحل 126). وأسوق للقراء هنا بعض “فتاوى” أدرعي واستدلالاته بنصوص القرآن الكريم والسنة النبوية والتي لا تنطلي إلا على جاهل بالقرآن والسنة. يستدل أدرعي بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: “استوصوا بالنساء خيرا”، ولكنه يقصد نساء إسرائيل وليس نساء غزة وحرائرها اللواتي بُقرت بطونهن ومُثّل بهن، ويقصد طبيباتِ إسرائيل وممرّضاتها وليس طبيبات غزة وممرضاتها اللواتي فاجأتهن قذيفة غادرة فسقطن شهيدات، ويقصد المسعِفات الإسرائيليات وليس المسعِفات الفلسطينيات اللواتي تحوّلن من مسعِفاتٍ إلى مسعَفات وحُملن مصابات وغارقات في دمائهن في سيارات الإسعاف التي جُلبت لإسعاف الآخرين، ويقصد الفتاة الإسرائيلية وليس الفتاة الغزاوية التي قُتلت بدم بارد على يد السفاحين من جنود الاحتلال ممن يسوق أدرعي “صورتهم الإنسانية” إلى العالم، صورة الجنود الرحماء وأحفاد صهيون الأوفياء. بهذا المنطق المعوّج وبطريقة الكيل بمكيالين يتحدث أدرعي عما يسميه “حرب إسرائيل العادلة ضد حماس المعتدية ومن يلف لفها وينهج نهجها”.

لأفيخاي أدرعي استشهاداتٌ كثيرة بالقرآن الكريم فهو يفسر ويستخرج الأحكام ويؤيد أقواله بما قاله ابن كثير والطبري سائقا كثيرا من الإسرائيليات التي ليس لها أساسٌ ولا تتفق مع روح النص، فقد استشهد بسورة الجمعة لتحريم مسيرة العودة التي اعتبرها “أعمال شغب” منافية لروح الإسلام، وهو يتحدث عن فضائل يوم الجمعة فيقول: “نتحدث اليوم عن فضائل يوم الجمعة، يقول الحديث: خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة” (رواه مسلم)، فيوم الجمعة تحوّل في الأسابيع السابقة بتوجيهات من قادة حماس الذين يدّعون الإسلام من جمعة خير إلى جمعة عنف وإرهاب، فكما قيل في القرآن الكريم من سورة الجمعة: “فإذا قُضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون”. فكيف نفسِّر كل هذه الأعمال البذيئة التي يفعلها من يدّعي أنه مؤمن، من حرقٍ للأرض بكل هذه الأدوات المتخلفة “؟!

يطلع أفيخاي أدرعي في كثير من الحلقات في صورة الناصح الأمين والداعية إلى الحق والفقيه الذي أحاط بأحكام الشريعة الإسلامية فيفتي على طريقة “ويل للمصلين”، فتحضره آية: “ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ” وتغيب عنه آية: “فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم” (البقرة 194)، وتعزب عنه آية: “وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به” (النحل 126).

صدق اللهُ وكذب أفيخاي أدرعي، فما مبرر الاستشهاد بهذه الآية؟ الآية تتحدث عن فضائل يوم الجمعة وهو يتحدث في موضوع آخر لا علاقة له بها، ولكن إذا عُرف السبب بطُل العجب فأدرعي معروفٌ بهذه التفسيرات والتخريجات والتأويلات على طريقة من يسأله الناس عن حكم الوضوء فيجيبهم عن حكم صلاة الاستسقاء!

ويستعين أدرعي بفتاوى للشيخ ابن باز وابن عثيمين رحمهما الله لتحريم المظاهرات ضد الكيان الصهيوني ويعدّها شكلا من أشكال “الخروج على الحاكم”، وبغضّ النظر عن طبيعة هذه الفتاوى وعن منهج أصحابها فهي تتحدث عن الحاكم المسلم وليس عن المحتل الذي اغتصب الأرض ونصّب نفسه حاكما على المسلمين بقوة الحديد والنار.

ما يقوله أدرعي لا يوثَّق بقليله ولا كثيره فهو حاطب ليل ومزوِّر حقائق ومغير وقائع، وهو ما دفع منصة “إكس” (تويتر سابقا) إلى إلغاء شارة التوثيق والعلامة الزرقاء من حسابه، حرصا منها كما جاء في بيان لإيلون ماسك المتحكِّم بالمنصة من باب فسح المجال لحرية التعبير والرأي الآخر. ويعني القرار الذي أقدمت عليه هذه المنصة إعلاميا أن تصريحات وكتابات أدرعي تفتقر إلى المصداقية، فإذا تركت له الحبل على الغارب فإن مصداقيتها ستهتزّ وتفقد روادها وزبائنها الذين هم من ثقافات مختلفة، فالحفاظ -كما جاء في البيان- على مصداقية المنصة التي تضم جمهورا عالميا واسعا أفضل من الانحياز إلى أدرعي الذي لا يمثل إلا نفسه أو الإدارة العسكرية التي يتحدث باسمها.

يتحدث أدرعي، وهو كذوب، عن طائرات مسيَّرة ومتفجرات رهيبة تستخدمها حماس في الهجوم على المستوطنات والبلدات الإسرائيلية (وهي بالأحرى  البلدات الفلسطينية المحتلة) ثم ينسى -وآفة الكذب النسيان- فيتحدث عن ضُعف حماس وعن قلة تسليحها وقلة عتادها وأن القضاء عليها سيكون سريعا وخاطفا، منطق اللا منطق والتناقض البيِّن الذي يكشف أن مصادر أدرعي الإخبارية والاستخباراتية التي يستند إليها ليست سوى سلة المفتريات التي يوحيها إليه قادته في الجيش وأعوانه من يهود الداخل والخارج.

” إن الحديد بالحديد يفلح”، هذه مقولة يكرِّرها الأدباء والمفكرون والسياسيون العرب ولكننا نريد أفعالا لا أقوالا، نريد أن تتحول منصات التواصل الاجتماعي إلى منصات للدفاع عن وجودنا وحدودنا وقيمنا ومقدساتنا وأوطاننا، لا أن تبقى فضاء للسخرية وللفتنة وللجدال العقيم وللترويج لألوان الطعام وغيرنا من أمثال أفيخاي أدرعي يجعل منها جنديا إعلاميا يشد عُضد جندي الميدان.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!