الرأي

أكذوبة السنة الأمازيغية

عثمان سعدي
  • 10163
  • 61
ح.م

يقول غلاة البربريين أن سنتهم الأمازيغية تبدأ من سنة جلوس الفرعون المصري ششنق على عرش مصر الفرعونية.

بدأ البربريون المتعصبون للنزعة البربرية المعادون لعروبة المغرب العربي التمهيد للاحتفال بالسنة الأمازيغية المزعومة يوم 12 ينايرـــ كانون الثاني 2015، ويطالبون دول الجزائر والمغرب على الخصوص بإصدار قانون عطلة. وقد استجابت السلطة الجزائرية لدعوتهم فرسّمتها عطلة رسمية سنة 2017.

ومن الغريب أنهم يبنون سنَتهم المزعومة على أخطاء تاريخية مضحكة، فالبربريست  يسخّرون الكذب لتمرير مقولاتهم الكاذبة. ويقولون إن السنة الأمازيغية أقدمُ من التقويم الميلادي ومن التقويم الهجري، وتحمل هذه السنة تاريخ 2965، أي أنها تبدأ سنة 950 قبل الميلاد السنة التي جلس فيها الفرعون ششنق الأول على عرش مصر، وإذا قمنا بعملية حسابية وجدنا ما يلي: 950+2015 =2965، وهم يلحون على اعتمادها رسميا كعيد يعطَّل فيه العمل.

يزعمون “أن الملك ششنق الأول الأمازيغي الأصل هو الذي أوقف وهزم رمسيس الثالث في معركة حاسمة بمنطقة الرمشي، قرب مدينة تلمسان بغرب القطر الجزائري الحالي طبعا، وأن عاصمة ششنق هي تافرسة على مسافة 60 كيلومترا من تلمسان طبعا.. “ومعنى هذا أن رمسيس غزا المغرب العربي ووصل تلمسان، فتصدى له ششنق وساقه بعصاه على مسافة أكثر من 4000 كيلومتر حتى مصر الفرعونية حيث سيطر عليها وجلس على عرشها. والحقيقة تقول إن رمسيس سبق ششنق بأكثر من قرنين، فقد حكم رمسيس الثالث سنة 1183 قبل الميلاد، بينما حكم ششنق الأول سنة 950 ق. م. وقصة ششنق الفرعون الحقيقية كما يلي:

هو ينتمي إلى قبيلة الشواش التي كانت مقيمة على شط (البحيرة) الجريد بالقُطر التونسي الحالي، وعندما عمّ الجفاف هاجرت إلى دلتا النيل واستوطنت هناك، وبعد عقود ظهر قائدٌ عسكري منها اسمه ششنق، ولنترك المؤرخ المصري رشيد الناضوري يفصِّل ذلك فيقول: “وقد تمكنت العناصر الليبية البربرية المستقرة في أهناسيا بالفيوم في مصر والتي تسميهم النصوص المصرية بالتّحنو، من تقلد وظائف هامة في هذا الإقليم حتى ظهرت شخصية قوية فيها هي شخصية ششنق الأول، الذي تمكن من الوصول إلى عرش مصر، وتأسيس الأسرة الفرعونية الثانية والعشرين وذلك سنة 950 قبل الميلاد. وكان قبل وصوله للعرش يحمل لقب رئيس المشاوش العظيم، وهي تسمية ترجع في أصلها إلى منطقة شط الجريد جنوب تونس. وقد دعم ششنق مركزه في حكم البلاد بتزويج ابنه من ابنة آخر ملوك الأسرة الحادية والعشرين المصرية في تانيس، وبهذه الطريقة أوجد لأسرته حقا شرعيا في الوصول إلى عرش الفراعنة، ولم تكن كل من الأسرتين الليبيتين في تاريخ مصر القديم الثانية والعشرين والثالثة والعشرين أجنبية بمعنى الكلمة، بل لقد تأثرت هذه العناصر البربرية بالحضارة المصرية المتفوِّقة في ذلك الوقت بالنسبة إليهم، مع الاحتفاظ ببعض العادات البربرية”[1]

واستمرت أسرة ششنق الأمازيغية تحكم مصر الفرعونية أكثر من قرنين على رأس الأسرتين 22 و23، وبعض المؤرخين يذهب إلى الأسرة الرابعة والعشرين أيضا. يقول المؤرخ الأمريكي وليام لانغر: “شوشنق أحد رؤساء الليبيين الذين قاموا بدور هام منذ زمن في الدلتا. أسس أسرة ليبية 22 وعاصمتها بوبسطة، أصبح الأمراء الليبيون كهنة لأمون بطيبة” [2]

وقصة ششنق تؤكد وجود حوض حضاري يمتدُّ من المحيط الهندي بسواحل سلطنة عُمان، وحتى شواطئ الأطلسي بموريتانيا، وكان هناك تداخل بشري بتم بصورة دائمة بين سكان هذا الحوض. وهذا يؤكد أن التجمع البشري الذي يقيم في هذا الحوض ينتمي إلى أصل حضاري واحد منذ ما قبل التاريخ؛ فسلاح الفرسان للجيش الفرعوني كان يتألف من الفرسان الأمازيغ. وتنقلت عبر القرون قبائل أمازيغية كانت تسمى اللوبية أو الليبية فأقامت بدلتا النيل.

مناسبة يناير هو عيدٌ للفلاحة بالمغرب العربي كله، يحتفل به المغاربيون تفاؤلا بمجيء سنة زراعية جيدة، يحتفل به العرب والناطقون بالأمازيغية، وهذا لا ينكره أحد. لكن ربطه بالسنة الخاصة بالأمازيغ وبهزم الأمازيغ لرمسيس ولجيشه هو الكذبُ بعينه.

وإلى القراء المعلومات التالية حول عيد يناير الفلاحي من مصادرها التاريخية:

لا يوجد ما يسمى بالسنة الأمازيغية، وأن هذه البدعة من ابتكار البربريين أعداء انتماء المغرب العربي الإسلامي فيما يُسمَّى بالربيع البربري سنة 1980 بولاية تيزي وزو بالقُطر الجزائري، ففي هذه السنة ظهر مصطلح “السنة الأمازيغية”. وقصة يناير وحقيقتها هي مناسبة فلاحية يحتفل بها في الكثير من نواحي المغرب العربي تيمّنا بمجيء سنة فلاحية جيدة خضراء، وليست مقصورة على المناطق البربرية. فحتى بمنطقة القبائل، وقبل ما يسمى بالربيع البربري سنة 1980، كان الاحتفال بها خاليا من أي طابع عرقي أمازيغي، فالأب داليه J.M.Dallet  صاحب أهم قاموس حديث للهجة القبائلية، يذكر في مادة [يناير  yennayer] ما يلي: “أول شهر من التقويم الفلاحي الشمسي، تقويم جوليان. أول يوم من هذا الشهر، يقوم فيه الناس بتناول شربة يناير على لحم قرابين الديوك أو الأرانب. ويدخل هذا اليوم ضمن ما يسمى بأيام العواشير، التي تعتبر قبل كل شيء أياما دينية إسلامية، من التقاليد المتداولة مقولة قبائلية تقول: إن الماء الذي ينزل في يناير ينغرز في وهج حرارة غشت، أي أغسطس ـــ آب” “[3]

الخلاصة:

يزعم البربريون “أن الملك ششنق الأول الأمازيغي الأصل هو الذي أوقف وهزم رمسيس الثالث في معركة حاسمة بمنطقة الرمشي، قرب مدينة تلمسان بغرب القطر الجزائري الحالي طبعا، وأن عاصمة ششنق هي تافرسة على مسافة 60 كيلومترا من تلمسان طبعا..” ومعنى هذا أن رمسيس غزا المغرب العربي ووصل تلمسان، فتصدى له ششنق وساقه بعصاه على مسافة أكثر من 4000 كيلو متر حتى مصر الفرعونية حيث سيطر عليها وجلس على عرشها. والحقيقة تقول أن رمسيس سبق ششنق بأكثر من قرنين، فقد حكم رمسيس الثالث سنة 1183 قبل الميلاد، بينما حكم ششنق الأول سنة 950 ق. م. ويقولون “بأن السنة الأمازيغية أقدم من التقويم الميلادي ومن التقويم الهجري. الحقيقة أن ششنق ليبي الأصل هاجرت أسرته إلى دلتا مصر واستقرت بها قبل زمن طويل وأن ششنق وأباه وجدَّه ولدوا في مصر حول بحيرة قارون؛ فالسنة الأمازيغية إذن عبارة عن أكاذيب في أكاذيب.

[ 1]  المغرب الكبير ، رشيد الناضوري ، ج1  صفحة 224 ، القاهر 1966

[2] موسوعة العالم ، وليام لانغر ج 1 صفحة 50 – 51 ، القاهرة 1962

[3]  Paris 1982 Français.- Dictionnaire Kabyle : J.M.Dallet

مقالات ذات صلة