-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

أمها القاتلة!

سمية سعادة
  • 6890
  • 7
أمها القاتلة!
ح.م

كانت تجلس في ناحية وأمها في ناحية أخرى، وكل ما كان يجمعهما هو قاعة الانتظار في عيادة نفسية، كانت الأم ترتدي آخر صيحات الموضة والابنة ليست أقل منها أناقة، وكانتا تتبادلان نظرات”مشفّرة” دون أن توجه الواحدة منهما كلمة للأخرى، وفجأة دخل الممرض وطلب من الأم أن تدخل إلى قاعة الطبيب بمفردها، وبعد أقل من ساعة خرجت الأم ودخلت الابنة، ولست أدري ما الذي دار من حديث بين الفتاة وأمها مع الطبيب النفساني الذي اكتفى بالقول عندما سألته في إطار عمل صحفي، إن الفتاة وأمها على درجة كبيرة من العداء لذلك تقومان بزيارة عيادته باستمرار من أجل إعادة العلاقة الطبيعية إلى مجراها، علاقة الأم بابنتها.

لم تكن هذه الحالة التي قابلتني في عيادة الطبيب النفساني، هي حالة التصدع الوحيدة التي مرت عليّ بين أمهات وبنات أثرن الحرب على الحب، والقسوة على الحنان، والانفصال الروحي على التواصل العاطفي، ويحضرني في هذا الصدد ما روته لي فتاة في مقتبل العمر، حيث قالت: “مشكلتي هي أمي، فأنا لا أشعر أنها تحبني وأتوقع  في يوم من الأيام أن تخبرني أنني لست ابنتها، بل يتيمة تكفلت بتربيتها”، وتضيف:”أمي تعاملني بقسوة شديدة منذ طفولتي، حيث لم أشعر يوما بحنانها، بل إنها تدعو لي بالموت وتفضل أخوتي عليّ، وقد وصل بها الأمر أن تقف مع الآخرين وتؤيدهم ضدي، وهل بعد هذا يقولون إنها أمي”؟!، والغريب، أن هذه الفتاة لم تخف رغبتها في أن يتزوج والدها على أمها حتى تشفي غليلها من امرأة خرجت من رحمها وتحولت إلى عدوتها!.

وقد يقول قائل أن هذه الشكوى صدرت من فتاة لم تصل بعد إلى درجة الوعي التي تجعلها  قادرة على التعرف على حقيقة المشاعر التي تكنها الأم لها في خضم التقلبات النفسية والاضطرابات الوجدانية التي تعاني منها أكثر الفتيات في هذه المرحلة، فماذا نقول عن امرأة تجاوزت الأربعين، حيث تقول إن أمها تكرهها ولا أحد يستطيع أن يقنعها بغير ذلك، وتعتبرها سبب ما أصابها من أمراض نفسية، الأمر الذي جعلها تعرض عن الزواج، وفي المقابل تفضل أختها الصغرى التي تعتبرها مساهمة في هذا الوضع، لذلك قررت أن تعيش لنفسها ولا يهمها إذا ماتت أمها وكل عائلتها لأنها لا تشعر بحبهم وحنانهم.

ربما ليس من حقنا أن نحكم على هذه الحالات ونؤيد طرفا على طرف، طالما أن”المتهم” في هذه القضية يملك النصف الثاني من الحقيقة ولا يجدر بنا إصدار الحكم قبل الاستماع إليه، ولكن ما يمكننا قوله، أن الأم هي أصل هذا الفرع الذي هو ابنتها، وأي خطأ أو انحراف أو اضطراب يظهر على الابنة إنما هو خلل في التربية، وتقصير في أداء الواجب، حتى وإن لم يكن مقصودا أو مرغوبا، لذلك قبل أن نلوم الابنة على علاقتها المضطربة مع المرأة التي حملتها وهنا على وهن، علينا أن ننحي باللائمة على الأم التي تخلت عن دورها وخنقت صوت الأمومة داخلها، باستثناء بعض الظروف التي تنفصل فيها الأم عن ابنتها نتيجة الطلاق مثلا، حيث يمكن أن يتدخل بعض الأطراف ليجعل العلاقة متوترة بين الطرفين.

إن ابنتك من صنع يديك، ونسخة مكررة منك، فاحرصي أن تري صورتك الجميلة في ابنتك، واحذري أن تقتلي مشاعرها نحوك، وتحوليها بسوء تصرفك، وشح مشاعرك، وقلة اهتمامك إلى عدوة تناصبينها العداء، وهي في الحقيقة صورتك التي عجزت عن رؤيتها في مرآة الواقع!.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
7
  • coco chanel

    اثنان يعجلهما الله في الدنيا :(البغي وعقوق الوالداين) ( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين احسانا ) صدق الله العظيم

  • coco chanel

    شوق يدفعني لاراها ...........اامي. امي امي ..... لا انساها
    همساتها ....احلى من ناي سكنت قلبي
    كلماتها باتت نجواي ....تنير دربي امي امي
    (وقضى ربك الا تعبد الا اياه وبالوالدين احسانا)

  • amira hamdi

    لكن تبقى الام اجمل واحن مخلوق على الارض تضحي تتعب تعطي كل ماعندها من اجل اطفالها تفرح لفرحهم و تسعد لسعادتهم و تحزن لحزنهم و تمرض لمرضهم و لما ينجحون كانها هي التي نجحت هناك من الامهات من قوة حبها لاطفالها تضن انهم ملكها .وان كانت الحقيقة انهم ليسوا ملك للام او الاب بل عندهم شخصيتهم الخاصة و حياتهم و ماعلى الابا ء الاان يدفعوا ابناءهم الى النجاح هي مسؤولية وهي سنة الحياة .

  • amira hamdi

    ممكن ان نجد امهات بهذا الشكل و هذه الحالات موجودة السبب بعود الى التربية او الجهل او مرض نفسي او مرض القلب مثل الكراهية او الحقد الخ حتى ان هناك امهات لما تلد طفلها لا تحس به كام حتى يتدخل الطبيب النفسي ليعود احساس الامومة .الحياة فيها اشياء غريبة لا يصدقها العقل لكن موحودة هناك من يرمي اطفاله لو يتخلى عنهم نتيجة ضروف هناك من يقتل او تقتل اطفالها نتيجة مرض نفسي او عقلي او انتقام او غيرة .هناك من تغار من ابنتها او العكس .عدم التقارب او الحوار او القسوة تادي الى البعد بين الام و الابنة.لكن ..تابع

  • بدون اسم

    امي كيف لي ان اكره امي وان حاولت ضربي بالعصى فاني عصيت امرها يوما وابرر لها شدي من شعري لانها قد شدت من شعرها فامها جاهلة لم تدخل المدرسة قط في حياتها انظروا الى القطط الاليفة لديها غريزة حب اولادها لم ارى قطة تعذب
    اولادها حتى ولو بلغوا ستة قطط فهي ترضعهم وتبدل حفاظهم وتغطيهم وتذهب لتحضر لهم الفئران والسحالي وملابس الشتاء
    والجوارب والخضر والفواكه والحلوة حتى لا يغارون من اولاد الجيران الدببة والتنانين والديناصورات الشرسة

  • بدون اسم

    لقد عققتها قبل أن تعقك وأسأت إليها قبل أن تسيء إليك ................ مثال من عمر بن الخطاب يبين هول و ثقل التربية

  • Zahra

    هذه حالات شاذة لا يمكن القياس عليها