الرأي

أموال العذاب.. وفقر الرحمة

محمد سليم قلالة
  • 2948
  • 1

قدم ملوك وأمراء المرحلة 12.5 مليار دولار لمساعدة الشعب المصري على تجاوز أزمته بعد الإطاحة بالرئيس الشرعي محمد مرسي في 30 يونيو، فإذا بهذه القروض أو الودائع أو مشتقات النفط التي يبدو أن في ظاهرها رحمة إنما تحمل في باطنها العذاب:

تُحطم أعظم ما بناه هذا الشعب على امتداد قرون من الزمن من تآخ وتسامح مثاليين بين أفراده، تُتلف أكبر ما بناه بعرق جبينه، وتتسبب في عنف لامحدود سيوقف أحد مصادر الرزق الأولى لهذا البلد، والأكثر من ذلك ستترك جرحا غائرا في قلوب المصريين جراء قتل بعضهم البعض، وجراء تحويل بندقية المصري الشريفة إلى صدر أخيه لأول مرة في تاريخ هذا البلد العريق.

ماذا تفيد ملايير الملوك والأمراء إذا كان ثمنها سيكون دم الشعب المصري؟ ماذا تفيد إذا كانت نتيجتها خلو المطار من زائري أرض الكنانة، وشغور الشوارع والفنادق من زوار بلد الحضارة والتاريخ؟ ماذا تفيد هذه الملايير إذا كانت ستؤدي إلى أن يكره المصري أخاه لأنه بسط يده إليه ليقتله، وهو يقول “ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين”؟ ماذا تفيد هذه الملايير إذا كانت ليالي القاهرة الآمنة ستتحول إلى ليالي رعب وخوف؟

إنها لا تعني أي شيئ إذا كانت ستغير من تلك الآية التي كتبت عند مداخل مصر: ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين. وتُحرف معناها إلى ادخلوها من العنف خائفين، ولا تعني أي شيء حتى بحسابات الاقتصاديين، ففي كل يوم تزداد الأزمة اشتعالا، تخسر مصر من الاقتصاد والمنشآت والأرواح ما يقدر بملايين دولارات وعلى امتداد الأشهر بملايير الدولارات أكبر بكثير من هذه الهبات والمساعدات…

لقد قدرت خسائر مصر في قطاع السياحة وحده قبل العنف المسلح بـ 30 مليون دولار في اليوم، فكيف ستكون بعد اليوم، وماذا ستنفع هذه المساعدات؟؟

وقد خسر متوسط الدخل السياحي المصري وحده في 2012 3 مليار دولار فكيف تستطيع تعويضه هذه المساعدات؟

وتم تخفيض التصنيف الائتماني لهذا البلد في السنة الماضية، فكيف سيكون بعد اليوم، بكل ما يعني ذلك من هروب للاستثمارات، ومن خسائر للاقتصاد لتقدر بالملايير…؟

 

فيا أيها الملوك والأمراء: ابقوا أموالكم عندكم واتركوا المصريين آمنين فهم أغنياء من التعفف حتى ولو كانوا فقراء..

مقالات ذات صلة