-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ومضات من وحي المعركة

ومضات من وحي المعركة

يوحي الاصطفاف الدولي الحالي إلى صراع حاد يحمى وطيسه بين الغرب والشرق، مسرحه خط التماس بينهما شمالا منا وجنوبا، وواسطة عقده بلداننا المسلمة في المشرق. لا ندري لمن تكون الغلبة في هذا الصراع، غير أن الراجح فيه كوننا أكثر حطبه نارا. كانت في بدايات نهضتنا الحقيقية صورة مشابهة لهذا الاصطفاف في القرن السابع للميلاد، وقعت بين الفرس والروم، أكبر امبراطوريتين في ذلكم الحين، وكان صاحب الرسالة (عليه السلام) يتداول شأن هذا الصراع مع صحابته في ضوء الوحي من ربه. اللافت في تلك الحادثة أن النبي لم يتموقع فعليا بين القوتين، عدا أمان بنصر الروم على الفرس، بمرجح إيمانهم بالله ليس أكثر. ومضى المصطفى بدعوته غير آبه بصراعهما، حتى ورثت أمته من بعده ملك فارس، وشطرا من ملك الروم.
سيرورة الوضع العربي منذ قيام الثورة العربية وانتهاء إلى ما آل إليه من تشظ واستجلاب للأجنبي وعبثية… فرصة حقيقة لقادة الفكر في المشرق والمغرب كي يراجعوا قناعاتهم في هذه المسيرة، التي بدأت “مظفرة” وانتهت إلى مأساة. غزة تبث وميضا يجلي الأبصار كيما ترى عالما جديدا أكثر سعادة للبشرية.
جلي للناس أن المقاومة الإسلامية في غزة قد أعدت ما استطاعت من قوة لهذه المواجهة التي ستسفر عن صبح جديد بإذن لله، ليس لفلسطين وحدها، بل للأمة المسلمة جمعاء. بيد أن التقويم الأولي لهذا الأداء يوحي بأن المقاومة لم تعمل في اتجاه الداخل الفلسطيني- أي في أراضي ٤٨- بما يكفي لإنبات شوكة تكون ردءا للمقاومين في يوم النفير العام.

لا أظن أن اليوم التالي لنهاية الحرب هو ما يؤرِّق الكيان الصهيوني حقيقة، ما يؤرِّقه حقا هو رعب متنام لدى الصهاينة على هذا الكيان من الانهيار في لحظة ما يبلغ إثخان المقاومة فيه حدًّا لا تطيقه “القبة الأمنية” التي تضمن وجوده. إضافة إلى أن انكشاف الضعف القتالي للعدو أمام مقاومة مسلمة الروح والمنهج، يغري الشعب الفلسطيني والشعوب المجاورة بفاعلية هذا الطريق لتحقيق الاستقلال، بل لنهضة شاملة في المنطقة.

الأموال التي تصل إلى الفلسطينيين عن طريق “الأنروا” أموال سياسية بامتياز، ولا يجدر بأهلنا الانتفاع بها ولو كانوا بحاجة ماسة إليها، ما دام أكثر “المانحين” يحملون بيد جزرا وبأخرى عصا، وإلا تحول المنتفعون إلى مدمنين، وهذا ملاحظ من الصراخات المتعالية في كل مرة تتعثر فيها المساعدات. بقي أن أشير بأن فراغ الجيوب في الوضع الفلسطيني غير وارد ما دام الجميع مستفيدا من هذا الدعم، المعطي والآخذ على حد سواء؛ فليتخير أهلنا من الأموال أطيبها ومن الداعمين أطيبهم، وليجعلوا من قبولهم الدعم ورقة سياسية تصب في معركتهم مع الاحتلال، فقدر المرابطين اليوم أن يخشوشنوا إلى حين.
“أخلاقيات” السياسة النسوية في ألمانيا وغيرها غير عميقة الجذور في قلوب صانعيها، وادعاء الاكتراث بها محض تدليس على العالم؛ لأن الفكر المتحضر حقيقة يلتزم بتلك المبادئ قلبا وقالبا، ويعمل على حمايتها من دون تمييز أو التفاف (أي ادعاء مظلومية المرأة الفلسطينية ومد السلاح لظالميها). للمرأة الألمانية ذكريات مأساوية مع الغزاة السوفيات، ولا يبدو أن الذاكرة بقيت حية بما يكفي لدى القيادة الألمانية للتعاطف الحقيقي مع المرأة الغزاوية الصامدة، والوفية لبيئتها المحلية.
للأحرار، قبل الحرائر، في أرض فلسطين التاريخية (أو ما يسمى بأراضي 48)، واجب مقدس، جزاؤه الجنة والنعيم المقيم بإذن الله، في دعم المقاومين وإسنادهم بالمال والرجال… لا تريد الأمة المسلمة، وهي تتحين الفرصة لشد الرحال إليكم، أن ترى الحرائر يسبقن الأحرار في هذه المعركة، كما كنا نراهن دوما متصديات للمستوطنين في الأقصى وهن عزل. وعلى من يتشرف بالوصاية على المقدسات تسهيل الطريق للراغبين والراغبات في مد يد العون؛ فمن العار أن تسبقكم أساطيل الحرية، وعليها من الجيش الأمريكي “آن رايت” المرأة المناصرة لقضايانا، وأنتم قابعون في البيوتات مثل ربات الحجال. ثم ليرض من شاء بسجنه في الأبراج العالية.
إن ضاقت الدوحة بأهلنا الفلسطينيين- ولا أظنها فاعلة- فهي فرصة من “ذهب” للجزائريين، كي يعززوا من مكانتهم الدولية بالتعاضد مع المقاومة المباركة، التي تملك الكثير مما يفيد الجزائر في صراعاتها المحمومة مستقبلا، المحيطة بها من كل جانب.
لا أظن بأن اليوم التالي لنهاية الحرب هو ما يؤرق الكيان الصهيوني حقيقة، ما يؤرقه حقا هو رعب متنام لدى الصهاينة على هذا الكيان من الانهيار في لحظة ما يبلغ إثخان المقاومة فيه حدا لا تطيقه “القبة الأمنية” التي تضمن وجوده. إضافة إلى أن انكشاف الضعف القتالي للعدو أمام مقاومة مسلمة الروح والمنهج، يغري الشعب الفلسطيني والشعوب المجاورة بفاعلية هذا الطريق لتحقيق الاستقلال، بل لنهضة شاملة في المنطقة تتحسب لها أنظمة هشة، أثبتت الحرب في غزة أنها لا تصلح لقيادة الأمة.
هذه مرحلة “إبداع” جهادية! وما أحسنها لو أراد أبناء الأمة تحرير الأرض المحتلة. وهذه فترة “غباء” صهيونية، وما أكثرها، ولو تظاهر المعتدون بالصلف والعنجهية. “والذين جاهدوا فينا، لنهدينهم سبلنا، وإن الله لمع المحسنين”، صدق الله العظيم.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!