أنتم بشعون لا متحضرون!
“نحن متحضرون، أنت تعرف فرنسا لن تؤذيك أو تؤذي عائلتك، فسلّم نفسك وما حصل سيصلّح، ولن تتم متابعتك قضائيا”، بهذه العبارات التطمينية واجه ضباط المخابرات الفرنسية، المراهق الجزائري محمد مراح، مؤكدين أنه لن يتعرض للإيذاء والقتل لكن الذي حدث أن هؤلاء قتلوه بدم بارد واعتقدوا أنهم أخفوا بقتله عملية مخابراتية معقدة مكنتهم من فتح أبواب الجحيم على ملايين المسلمين في فرنسا.
هذا ما كشف عنه التسجيل الذي سربته محامية الشاب محمد مراح، والذي أظهر أن الشاب محمد بريئ من الجرائم التي ارتكبت في تولوز، وأنه مجرد شاب وقع ضحية المخابرات التي أرسلت له عميلا في ثوب “مجاهد” وورطته في قضية أكبر من أن يستوعبها عقله الصغير.
لقد استغلوا صغر سنه وحماسته وحبه للإسلام، وجنّدوه وأرسلوه إلى العراق وأفغانستان ومن ثم نفّذوا جريمتهم في تولوز، وأنهوها بقتله لإخفاء كل هذه المؤامرة التي كانت تستهدف الإسلام والمسلمين في فرنسا، بدليل ما حدث بعدها من عمليات اقتحام لإسلاميين كانوا ينشطون في العلن، ومنع رموز الاعتدال والفكر والدعوة في العالم الإسلامي من دخول فرنسا من أمثال الشيخ يوسف القرضاوي، ومفتي القدس عكرمة صبري، والداعية السعودي عائض القرني، والداعية المصري صفوت حجازي ، والداعية السعودي عبدالله باصفر وغيرهم من الدعاة المشهود لهم بالدعوة إلى التعايش مع الأديان الأخرى ونبذ العنف.
التسجيل الصوتي بين محمد مراح وقاتليه لم يأت بالجديد في القضية لكنه قطع الشك باليقين، في كون القصة برمتها كانت عملية قذرة للاستخبارات الفرنسية، التي وصلت بها البشاعة إلى تجنيد القصر وإقحامهم في متاهات التطرف والغلو والإرهاب ومن ثمة إقحامهم في عمليات بشعة لا علاقة لها بتلك المبادئ والمثل العليا التي تتغنى بها فرنسا، وتضع نفسها في موقع الأستاذية عندما يتعلق الأمر بالحرية والعدالة وحقوق الإنسان!
لقد تعاطف كل الجزائريين مع الشاب محمد مراح لأنهم تفطّنوا من أول يوم إلى أن القضية مفبركة من أساسها، وأن محمد مراح ضحية لعبة كبيرة أريد من خلالها الإساءة إلى الإسلام والمسلمين وإلى الجزائر، ذلك لأن الجميع يدرك أن الأمن الفرنسي لو أراد محمد مراح حيا لأمسكه.. فقد فعل أسلافهم ذلك وأمسكوا بالعشرات من قادة الثورة أحياء وحاولوا انتزاع المعلومات منهم وقدموهم للمحاكمة ثم المقصلة، فكيف عجزت نخبة النخبة في الأمن الفرنسي أن تمسك بمراهق يلوّح بسلاح ناري!