-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

أنقذوا مستقبل أبنائنا!

أنقذوا مستقبل أبنائنا!

بالسّماح لبرنامج المحادثة الذّكي “شات جي بي تي” للعمل في الجزائر يحق لنا أن ندقّ ناقوس الخطر على مستقبل أبنائنا الذين غرقوا في الوسائط الإلكترونية لتأتيهم هذه التقنية التي حتما ستعفيهم من مشقة التفكير وإعداد الواجبات طالما أن لديها القدرة على التفكير والتحليل والاستنباط والإجابة بشكل واضح على الأسئلة.

إنّ الرّهان الحقيقي في المدرسة الآن ليس هو رقمنة التّعليم والسّماح لأبنائنا بولوج مختلف الوسائط في سياق الدّراسة، ولا توزيع اللّوحات الإلكترونية على جميع التلاميذ لتمكينهم من مزاولة الدّروس إلكترونيًّا، إنما الرهان هو تمكين أبنائنا من الحصول على تعليم حقيقي بعيدا عن العالم الافتراضي الذي ضيّعهم وأغرقهم في متاهات الإدمان!

صحيحٌ أن التكنولوجيا أتاحت الكثير من الخدمات واختصرت المسافات وجمعت بين المعلم والمتعلم دونما حاجة إلى التنقل أو التواجد في مكان واحد، لكن السؤال المطروح هو: هل يتم استخدام هذه الوسائط بشكل صحيح في العائلات؟ وهل ساهمت هذه الأدوات الرّقمية في تعزيز ذكاء التلاميذ ومكنتهم من الفهم والاستيعاب، أم شكَّلت بديلا سهلا عن التّفكير؟

لقد بادرت الكثير من المؤسسات التّعليمية في العالم إلى منع استخدام برنامج “شات جي بي تي” على المنتسبين إليها، كما أنّ بعض الدّول قيّدت الوصول إلى هذه التقنية الثّورية، خوفا على الأجيال الجديدة من الضّياع، فمتى نفكِّر نحن في حماية أبنائنا والعمل على إبعادهم عن الوسائط الرّقمية التي تكاد تدمرهم؟

ولا يمكن المجادلة على أساس أن العالم تغيّر، وأن الرّقمنة أصبحت واقعا، ولا مجال لمواجهة هذه التحوُّل أو رفضه، لأنّ الدّراسات العلمية أثبتت التأثير السلبي للأنترنت على الأطفال، خاصة في المراحل الأولى من التّعليم، فبغضِّ النظر عن مخاطر الانحراف التي يمكن أن يتعرَّض لها الطفل الذي يتجول في الفضاء الرّقمي بحرِّية، فإن ثمّة أضرارا جسيمةً يتعرض لها الأطفال المدمنون على الانترنت وعلى رأسها فقدان الثّقة بالنّفس والإنهاك المعلوماتي جرّاء تلقي كمٍّ هائل من المعلومات التي قد لا يحتاج إليها التلميذ، والإرهاق والانطواء وفقدان التركيز وغيرها من الأعراض المرضية.

لقد حُرِم أبناؤنا من المهارات الأساسية التي يُفترض أن يتمتعوا بها، وعلى رأسها القدرة على التّفكير والكتابة والحفظ والتّحصيل، وذلك نراه واضحا في منتج المدرسة الجزائرية خلال السّنوات الأخيرة، وهي ظاهرة لم تكن موجودة من قبل، وكان التلميذ التي يتمكن من اجتياز المراحل الأولى من التعليم، ويصل إلى الجامعة يتمتع بمستوى علمي مقبول يؤهِّله لمزاولة الدراسة بالجامعة. أما الآن فإنّ نسبة كبيرة من حاملي شهادة البكالوريا لديهم مشكلة كبيرة في أبجديات الكتابة!

إنّ التّدفق المعلوماتي الذي نشهده في السنوات الأخيرة يحتم علينا إعادة النظر في ما يجب أن يعرفه أبناؤنا وفي ما يجب أن لا يعرفوه في هذه المرحلة الحساسة من حياتهم، لأن الكثير من التفاصيل الموجودة في الوسائط الالكترونية تمثل خطورة بالغة على الأطفال، ومثال ذلك ما يقدِّمه آلاف التافهين الذين يُطلق عليهم تعسُّفا “مؤثرون” ويتبعهم الملايين من المراهقين وحتى الأطفال، لذلك فإن سرعة التحرُّك واجبة لحماية الأجيال الجديدة من هذا الخطر الداهم، وإعادتهم إلى الحياة الواقعية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!