أهلا بمصر بين جمهوريات الموز!
مرة أخرى، تثبت الشعوب العربية أنها لا تحكم إلا بالاستبداد والحديد والنار. ومرة أخرى تتأكد حقيقة أن الديمقراطية التي شهدتها بعض دول الربيع العربي ما هي إلا حلم كاذب سرعان ما انتهى. واستيقظ الجميع على مشهد العسكر وهم يحكمون بزمام المبادرة في أكبر بلد عربي، ويعزلون رئيسه المنتخب وذلك بطريقة بدائية لا تحدث إلا في جمهوريات الموز.
ومهما حاول فلول الإعلام والسياسة إقناع الرأي العام بأن ما حدث ليس انقلابا، إنما هو استجابة لمطالب الشعب، فإن الحقيقة الدامغة هي أن الجيش تدخل بالقوة وأنهى المسار الديمقراطي واستبدله بمسرحية مكشوفة لعب فيها البرادعي والبابا وشيخ الأزهر دور الكومبرس.
أهلا بمصر ضمن جمهوريات الموز التي يحكمها العسكر، ويديرون بأنفسهم المؤسسات الدستورية، وينصبون الرؤساء ويعزلونهم ويملون على الإعلام ما يقوله، ويحركون الشارع بالطريقة التي يشاؤون، ويأمرون المنظرين والمحللين السياسيين ليزكوا انقلاباتهم ويبيضوا جرائمهم.
إن الحديث عن أخطاء مرسي والإخوان خلال عام لا تكفيه المجلدات، وذلك كان بسبب خبرتهم المنعدمة تماما في العمل السياسي، لكنهم كانوا ديمقراطيين بعكس العسكر الذين عزلوا الرئيس. لقد قبل هذا الأخير بالآراء المنتقدة وصبر على سيل الشتائم التي كانت تكيلها فضائيات الفلول، ولم يأمر بالغلق الفوري لقنوات السي بي سي ودريم والتحرير، بل كان الرئيس المصري يرفع الدعاوى القضائية ضد إعلاميي الفلول “الوقحين”، ثم يتراجع عنها.
لقد شوه المتظاهرون الذين دفعهم إعلام الفلول بإيعاز من العسكر تلك الصورة المثالية التي صنعها الشعب المصري عندما انتفض على نظام جثم على صدورهم لثلاثين سنة، وجعلوا العالم بأسره يراجع موقفه من ثورة المصريين ضد الطغيان والاستبداد، كونها كانت مجرد حالة تنفيس استراح فيها النظام المصري لمدة عام كامل رمى خلالها بكل أوزار الحكم على الإخوان، ثم انقلب عليهم وطردهم من الرئاسة وأدخلهم السجون وأغلق فضائياتهم.
أما قضاء مصر الذي قيل إنه مفخرة العرب جميعا فها هو أداة طيعة في يد العسكر، حيث أصدر أحكاما بسرعة البرق ضد قادة الإخوان والتيارات الإسلامية الأخرى، ولم يستثن رئيس الوزراء المعزول، هشام قنديل، وأودعه السجن لمدة عام كامل، لأنه رفض تطبيق قرار قضائي تفوح منه رائحة الفلول لصالح إحدى الشركات… هي إذا صفحة سوداء سيسجلها التاريخ وستظل سوداء مهما حاول جيش المحللين والمنظرين في الفضائيات تبييضها!!!