-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
تكلفلتها 30 ألف دينار جزائري في الشهر وتقدم في بيت التلميذ

أولياء يحولون أبناءهم من الدروس الخصوصية الجماعية إلى الانفرادية

سمير منصوري
  • 401
  • 0
أولياء يحولون أبناءهم من الدروس الخصوصية الجماعية إلى الانفرادية
أرشيف

انتقل العديد من أولياء التلاميذ، المقبلين على امتحان شهادة البكالوريا بالخصوص، مرغمين، وليسوا مخيّرين، من دفع أبنائهم للدروس الخصوصية الجماعية، التي تقام في بيوت ومستودعات وغيرها من الأماكن، بحضور أحيانا ما بين ثلاثين إلى أربعين تلميذا، إلى الدروس الانفرادية، التي يَضعون فيها أبناءهم وجها لوجه مع الأستاذ، بحثا عن الفهم السريع والتركيز، والغاية الأولى هي النجاح. وهي فاتورة جديدة معقدة، لأن الأمر لا يتعلق بمادة واحدة أساسية، وإنما بثلاث مواد على الأقل.
يقول وليّ تلميذة تتمدرس في ثانوية محمد القيرواني، وهي من أقدم ثانويات عاصمة الهضاب العليا، بأن زمن كورونا، دحرج مستوى ابنته كثيرا، واكتشف بعد بلوغها بصعوبة السنة الثانوية النهائية وصارت على بعد أشهر من البكالوريا، بأن مستواها تزلزل وفقدت حتى الأساس، ولأنها تدرس في القسم الرياضي التقني هندسة الطرائق بمواد يراها صعبة جدا، فقد قرر أن يأخذ من أموال دخّرها للزمن، من أجل توفير ثلاث مواد لدروس إنفرادية لابنته وهي الفيزياء والكيمياء والرياضيات بسعر يتراوح ما بين 12 ألف دج و20 ألف دج للمادة الواحدة في الشهر، بمعدل حصتين من ساعتين لكل واحدة من المواد في الأسبوع، وهو يدفع حاليا خمسة ملايين ونصف مليون سنتيم في الشهر، وقد يصل المبلغ الإجمالي، الذي سيدفعه في الموسم كاملا إلى ما لا يقل عن 44 مليون سنتيم، بالنسبة للمواد الأساسية فقط، يضاف إليها بقية المواد مثل الإنجليزية والعربية والفلسفة، ولكن بداية من الثلاثي الأخير، وتكون الدروس جماعية وليس فردية، حسب وليّ التلميذة الذي يشتغل في التجارة.
فيما دافع أستاذ رياضيات، كان يدرٍس في ثانوية مالك بن نبي، عن زملائه، وأكد بان الدروس الانفرادية يطلبها الأولياء، ولم يحصل وأن طلب الأستاذ من الوليّ أو من الطالب الانفراد به تعليميا، لأن الدرس الانفرادي يضع الأستاذ في حرج، فهو مطالب بأن يساعد ابنه لتحقيق النجاح ولن يقبل الوليّ بغير ذلك، خاصة أن الدرس الانفرادي يجري في غالب الأحيان في بيت الطالب، فيكون الأستاذ أمام الوليّ أيضا وجها لوجه. وغالبية عروض التدريس لطلبة النهائي التي نقرأها على الجدران وعلى صفحات التواصل الاجتماعي، تعرض، حسبه، الخدمات الجماعية وليس الانفرادية.
ويقول وليّ تلميذ يدرس في ثانوية مليكة قايد بعاصمة ولاية سطيف، بأن الوليّ لم يعد يثق كثيرا بما يتزوّد به الأبناء في الثانوية، ثم فقد ثقته في الدروس الخصوصية الجماعية، بعد أن شاع ما يحدث في بعضها من تسيّب، كأن يترك الأساتذة التلميذ يلهو بهاتفه النقال ويدخل ويخرج في الوقت الذي يريد، فجاء الخيار الصعب والمكلف جدا، من خلال دروس خصوصية وصل سعر بعضها في قلب مدينة سطيف إلى 30 ألف دج للشهر الواحد، وهو مبلغ مبالغ فيه، يمثل مرتب عامل بسيط، والغريب كما قال هذا الوليّ هو أن بعض الأولياء أدخلوا أبناءهم مدارس خصوصية قد تكلفهم خمسين مليون سنتيم سنويا، ويلجأون موازاة مع ذلك للدروس الخصوصية الانفرادية، فالوليّ لا يريد لابنه الممتحن في شهر جوان من مصير سوى التوفيق في الامتحان والنجاح والانتقال إلى الجامعة.

الغاية تبرر الوسيلة!
تقول السيدة صبرين شافعي وهي مختصة نفسية تتعامل كثيرا مع الوسط التربوي للشروق، بأنها لاحظت في السنوات الأخيرة، اهتمام الأولياء بالهدف، وهو النجاح دون الوسيلة، وهي البذل الدائم طوال سنوات الدراسة، وفي السنة النهائية يجد التلميذ نفسه مع ريتم دراسي دسم جدا بعد سنوات من الركود، وهو أمر لا يؤدي إلى النجاح في الحياة، أو كما أكد السيد مصطفاوي الربيع وهو متقاعد من التعليم، فإن النجاح إن تحقق لهؤلاء الطلبة، الذين أمضوا سنوات بدون بذل، وركبوا القطار السريع في مرحلته الأخيرة، فإن تفوقهم في الجامعة، يبقى مستبعدا، لأنهم كانوا رهن اللحظة أو زمن الامتحان وليسوا رهن طلب العلم بشكل دائم.
وإذا كانت غالبية العائلات، قد اقتنعت بالدروس الخصوصية، ومنحتها جزءا مهما من ميزانيتها، فإن انتقال البعض إلى الدروس الانفرادية أحدث فوارق اجتماعية واضحة على حد تعبير رانية عشي وهي مختصة في علم الاجتماع، التي قالت بأن الأسعار المقترحة ليست في متناول ثلاثة أرباع المجتمع، وتوجّه الأستاذ إلى بيت الطالب، وربما تناول الطعام في بيته مع أفراد عائلته، سيجعله أمام ضغط ضرورة إيصال الطالب إلى الفهم الصحيح والنجاح.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!