الرأي

أول‭ ‬امتحان؟

الشروق أونلاين
  • 3472
  • 17

هل يُعقل أن يرتفع العلم الإسرائيلي في سماء مصر، وصوت القصف والدمار يعلو سماء غزة ويدكّ مباني قيادات حمس الإدارية؟ سؤال محرج، ولكنه أهم وأول امتحان تجد دول ما يسمى بالربيع العربي نفسها مجبرة على الإجابة عليه ليس بالكلام، لأنها هي أول من كان ينتقد الكلام في الأزمات‭ ‬الكبرى‭ ‬التي‭ ‬عرفتها‭ ‬فلسطين‭ ‬وإنما‭ ‬بالفعل‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يقال‭ ‬أنها‭ ‬صورة‭ ‬طبق‭ ‬الأصل‭ ‬للزعامات‭ ‬التي‭ ‬اندثرت‭ ‬والتي‭ ‬مازالت‭ ‬متشبثة‭ ‬بالكرسي‭ ‬من‭ ‬أمثال‭ ‬الأسد‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يزأر‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬شعبه‭.‬

كل الانتقادات التي كانت توجّه لإيران ولسوريا كونهما ظاهرة صوتية وشعارات فقط، في محلها، وهي انتقادات يتأكد صدقها في الألم الفلسطيني الحالي، وكل الانتقادات التي وجهت لمحمود عباس ورفاقه من الذين ناموا في عسل السلطة وأيضا في سرير نساء العدو صادقة أيضا، ولكن المنتقدين الذين لم يكن بيدهم أكثر من اللسان في الزمن الماضي وجدوا الآن أنفسهم في مواقع ربما أهم وأقرب حتى من موقع محمود عباس، وأن يتحولوا إلى ظاهرة صوتية أو اتباع خطوات رجب أردوغان الذي يستدعي سفير اسرائيل ولا يغلق السفارة، فمعنى ذلك أننا سنكون أمام القذافي وزين العابدين ومبارك بصور أخرى، هذا إذا لم نقل أن الامتحان الحالي في غزة هو من تخطيط إسرائيلي وأمريكي، لمعرفة نهج البلدان التي عرفت ثورة الربيع العربي، وربما محاولة إدخالها في نفق الشلل الفعلي وتحويلها هي أيضا إلى ظواهر صوتية تُرعد وتُبرق ولا تُسقط غيثا على‭ ‬أرض‭ ‬جرداء‭ ‬من‭ ‬الشرف‭ ‬والكرامة‭.‬

ما قاله هنية ومشعل ومرسي وقنديل وأردوغان ونصر الله وبشار ونجاد منذ أن بدأ العدوان على غزة هو كلام طبق الأصل لما قيل في العدوان السابق، ولكن ما تفعله إسرائيل هو الذي يتغير، حيث لا لغة لها سوى تصفية القيادات الفلسطينية من أحمد الجعيري إلى محمود المبحوح مرورا بالرموز من أمثال أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي، ويكاد “الفضل” الوحيد في القضية الفلسطينية يعود فقط للكيان الصهيوني الذي يذكّرنا بين الحين والآخر عبر جرائمه بأن للعرب قلبا إسمه فلسطين وللمسلمين قبلة ومسرى لنبيهم إسهما القدس الشريف، ولكن هيهات منهم الكرامة‭ ‬بين‭ ‬غارقين‭ ‬في‭ ‬الدموع‭ ‬على‭ ‬مقتل‭ ‬حفيد‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬وغير‭ ‬مهتمين‭ ‬بدمار‭ ‬أولى‭ ‬قبلتيه،‭ ‬وبين‭ ‬غارقين‭ ‬في‭ ‬دماء‭ ‬سوريا‭ ‬وغير‭ ‬مهتمين‭ ‬بعاصمة‭ ‬الشام‭ ‬والمنطقة‭ ‬الحقيقية‭.‬

في كل الامتحانات إما يُكرم المرء أو يهان، وإذا كانت الإهانة هي مصير كل الذين دخلوا امتحان الأمة منذ ظهور الكيان الصهيوني في أرض الإسلام، فإن انتظار الإجابة كل هذا الوقت هو في حد ذاته مهانة، لأن الامة تنتظر إجابة فعلية من رجال كانوا يقولون والناس تصدقهم عندما كانوا بعيدين عن السلطة، والآن تهيأت لهم فرص الفعل والناس ستقف إلى جانبهم، لأن السؤال سيظل مطروحا وستكون الإجابة عليه قاسية جدا إن بقي العلم الصهيوني يرفرف في سماء بلاد الأزهر والدمار يعلو سماء غزة، لأن اسرائيل حتى لو أوقفت عدوانها على غزة فإنها – كما يعلم‭ ‬الجميع‭ ‬‮-‬‭ ‬ستعود؟‭ ‬

مقالات ذات صلة