-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
نيشان

أيمجّدون الاستعمار .. ويغيظهم أن نجرّمه؟!

محمد عباس
  • 2400
  • 0
أيمجّدون الاستعمار .. ويغيظهم أن نجرّمه؟!

أيمجدون الاستعمار.. ويغيظهم أن نجرمه؟! أليس في ذلك خيانة لمنطق النسبية ولفيسلوف فرنسا “بلاز باسكال” القائل: “ما يعد حقيقة جنوب (جبال) البرانس يعتبر خطأ شمالها”؟!

  • يمكننا بكل اعتداد أن ننسج على منوال باسكال فنقول: “ما يعد حقا شمال المتوسط يعد باطلا جنوبه”! والعكس بالعكس! وبعبارة أوضح: إذا كان ورثة غزاه الجزائر -عام 1830- يفتخرون “بأمجاد” هذا الغزو -كما سجلها السفاح سانت أرنو في رسائله!..- فمن واجبنا نحن -ورثة ضحايا هذا الغزو- أن نجرّمه.
  • الاستعمار جريمة في ذاته، وفي ممارسته وفي مضاعفاته ومخلفاته.. 
  • * جريمة في ذاته لأنه عدوان سافر على شعوب آمنة مستضعفة، لا يمكن أن تهدد الدولة الغازية، الا كما يهدد الحمل الوديع الذئب المكشر عن أنيابه ليلتهمه! 
  • – جريمة في ممارساته ويمكن لأجيال الاستقلال في الجزائر الذين لم يعيشوا الظاهرة، التعرف عليها جيدا من خلال ممارسات الحركة الصهيونية في فلسطين، والولايات المتحدة وحلفائها -ومنهم فرنسا- في أفغانستان والعراق.. 
  • * جريمة في مضاعفاته ومخلفاته، من خلال مواصلة نهب خيرات البلدان المستعمرة سابقا، بمساعدة “نخب مزيفة” مسلطة على شعوبها لنسف حظوظها في التطور والرقي الحقيقي.. وتجريم الاستعمار بشأن داخلي يهم الشعب الجزائري، مثل تمجيد الاستعمار الذي هو مسألة تعني الفرنسيين وحدهم. 
  • طبعا يمكن لبعض الأصوات الفرنسية أن تتأسف لذلك، مثلما تأسفت أصوات من الجزائر لامتداح الاستعمار بواسطة قانون 23 فبراير 2003. ومثلما لم يأبه البرلمان الفرنسي لأسفنا، يمكن لبرلماننا كذلك ألا يأبه لما يصدر عن نظيره من تعاليق وردود. 
  • وإذا كان هناك ما يبعث على اللوم في هذا المجال فاللائمة على الفرنسيين بالدرجة الأولى، لأنهم السبّاقون “بإحياء الجروح القديمة”. ولا شك أنهم على دراية تامة بأن جروحنا أعمق، لأنهم فكروا في مرحلة من مراحل بداية،الاحتلال أن يبيدوا شعبنا، اقتداء بما فعل الإنجليز -جيرانهم- بالهنود الحمر في أمريكا! كان المفروض أن يكون تجريم الاستعمار -كجريمة ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم- من ثوابت جزائر الاستقلال.. لأن الشعب الجزائري هو أحق بتذكر معاناته طيلة ليل الاستعمار الحالك بمخازيه.. ولأننا لم نفعل، فقد بادرت باريس بتذكيرنا! من خلال قانون يعتز بآثام الاستعمار وما ألحق بشعوبنا من مآس ونكبات! 
  • ولأننا لم نفعل، فقد أصبحت مواقفنا عبارة عن ردود فعل وصدى لما يصدر عن عدو الأمس! وعن إهانتنا أخيرا بوضعنا في قائمة “الشعوب المصدرة للإرهاب”! رغم أننا كنا وما زلنا ضحايا هذا الإرهاب! علما أن أمريكا وحلفاءها -ومنهم فرنسا- ضالعون إلى حد كبير في إخراج مارد الإرهاب من قمقه! 
  • والواقع أنني كنت أفضل -وقد غفل حكامنا عن متابعة ملف الاستمعار وتجريمه- أن نترك هذا الشأن لبعض المؤسسات والجمعيات، على غرار جمعية 8 مايو 1945 التي قامت بعمل رائد في هذا المجال خلال عهد الرئيس الراحل البشير بومعزة.. لماذا؟ لسببين على الأقل: 
  • * أن التجريم يكتسي في الغالب طابعا رمزيا، لأن اتفاقيات إيفيان -في الفصل المتعلق بالضمانات خاصة- أسقطت حق المتابعة ومعاقبة المتورطين بشكل أو بآخر في حرب الجزائر قبل وقف القتال في 19 مارس 1962. وبموجب هذا النص لم يعد بإمكاننا محاكمة السفاح أوسريس، حتى لو زار الجزائر متنكرا، واكتشفنا حقيقته -بفضل جلدة عينه الشهيرة!- أن أحسن إندانة للاستعمار -قديمه وجديده- هي أن نثمن تضحيات الأجداد والآباء، من خلال إثبات جدارتنا باستعادة سيادتنا على وطننا، وذلك ببناء استقلالنا على أسس مادية ومعنوية راسخة. ولن يتأتى لنا ذلك إلا بشرطين متكاملين: 
  • 1- تحرير البطون باقتصاد وطني منتج للثروات المتجددة، اقتصاد من شأنه أن يربط مصير أبنائنا بوطنهم، ويحدد آمالهم في مستقبله. 
  • 2- تحرير العقول بثقافة وطنية مبدعة، ضمن مجالها الطبيعي الأمازيغي، العربي، الإسلامي. ثقافة تقينا مغبة التيه الحضاري، بنسف أسس التبعية والاستلاب الذي يشكل مظهرا آخر من جرائم الاستعمار في الجزائر، وفي العديد من البلدان الأخرى التي ابتليت بنفس الظاهرة الإجرامية.    

 

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!